آخر تحديث :الجمعة 19 ابريل 2024 - الساعة:01:16:01
انهيار العُملة يوسّع دائرة الفقر في مناطق سيطرة الشرعية اليمنية
(الامناء/العرب:)

يعيش سكّان المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة السلطة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي “أوضاعا بالغة الصعوبة” لم يشهدوا لها مثيلا في حياتهم، بحسب تعبير أحد سكّان مدينة تعز بجنوب غرب اليمن، كان يتحدّث عن الغلاء الجنوني في أسعار المواد الأساسية نتيجة تهاوي قيمة العملة اليمنية في تلك المناطق، والذي يربطه خبراء المال والاقتصاد بسوء التصرّف في الموارد والفساد المستشري في مؤسسات “الشرعية”.

وكان الغلاء وسوء الخدمات العمومية وانعدامها في أحيان كثيرة سببا في تفجّر احتجاجات شعبية مؤخّرا في تعز طالب المحتجّون خلالها حكومة رئيس الوزراء معين عبدالملك بالقيام بواجباتها الأساسية تجاه السكان كما طالبوا برحيل قيادات السلطة المحلية متّهمين إياها بالفشل والفساد.

ويعمل الكهل الأربعيني أحمد عبدالرقيب الذي تحدث من تعز، طوال ساعات النهار سائقا لدراجة نارية يعيل عن طريقها أسرته المكونة من سبعة أفراد.

وقال لوكالة الأناضول إنّ “الأوضاع المعيشية تدهورت بشكل مأساوي والأسعار أصبحت جنونية ولا قدرة لدينا على مقاومتها”.

ويحصل سائق الدراجة من عمله في نقل الركاب من حي لآخر على دخل يومي بمعدل 3000 آلاف ريال يمني ما يعادل 3.2 دولار، وهو على حدّ وصفه مبلغ زهيد لا يكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية لأسرته.

ويعد حال عبدالرقيب نموذجا لحال الملايين من السكان الذين يشكون من التبعات الكارثية لانهيار العملة.

وخلال الأيام الماضية وصل سعر الدولار إلى حوالي 940 ريالا يمنيا في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة في تراجع تاريخي للعملة المحلية، ما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار كنتيجة آلية لارتفاع كلفة الواردات والإنتاج المحلي.

وتتزامن هذه الأزمات في المناطق الخاضعة للحكومة مع استقرار نسبي في سعر العملة بالمناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين حيث يتم صرف الدولار بـ600 ريال منذ أكثر من عام.

وسبق أن أعلنت الحكومة أنها وجّهت باتخاذ إجراءات للحد من تدهور العملة، لكن لم يحصل أي تغيير ملموس على الأرض.

وقبل أسابيع أعلن الرئيس عبدربه منصور أن حكومته تتعرض لتعطيل ممنهج من قبل أطراف لم يسمها، لكنّ إعلاما محليا أشار إلى أن الرئيس يقصد بذلك المجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على العاصمة المؤقتة عدن التي تعد مقرا للحكومة.

وأدى التدهور الحاد في العملة إلى خروج مسيرات احتجاجية متكررة في مدن تعز وعدن وحضرموت.

وحمّل المتظاهرون الحكومة الشرعية مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية والخدمات العامّة، محذّرين من أن سعر الدولار سيتجاوز ألف ريال في حال عدم اتخاذ حلول عاجلة.

ويقول رياض أسعد، الذي شارك خلال الأسبوعين الماضيين في الاحتجاجات الشعبية بتعز، إنّ انهيار الريال اليمني هو انهيار للاقتصاد المحلي وهو انهيار لكل شيء، فسعر الدولار اليوم 940 ريالا، فيما سعر الريال السعودي 245 ريالا يمنيا”، مضيفا “الغلاء أصبح فاحشا وانتهت الطبقة المتوسطة”.

كما يتوقّع رياض انتشار “الجوع والفقر في اليمن ما لم يتمّ إيجاد حلول عاجلة من قبل الحكومة والرئيس والسلطات المحلية”. وأمام هذا التدهور الحاد في العملة، تحمّل السلطات المحلية في محافظة تعز الحكومة مسؤولية ذلك، وتشدّد على ضرورة العمل على إيجاد حلول عاجلة.

ويقول أحمد المجاهد مدير مكتب وزارة التجارة والصناعة في تعز إنّ “المحافظة واليمن عموما يعيشان حالة حرب، وتعز بشكل خاص تعاني من الحصار وانقطاع شريان الحياة إلا بشكل طفيف”. ويضيف “هناك مشاكل كثيرة جدا نواجهها من حيث عمليات النقل ووصول المواد الأساسية إلى المدينة وهناك أيضا إلى جانب تدهور العملة الانقطاعات في إمدادات البضائع لأسباب لوجستية بعضها مرتبط بسوء البنية التحتية”.

وأدت الحرب المستمرة في اليمن إلى جعل الملايين من سكّانه على حافة المجاعة فيما قرابة 80 في المئة من السكان باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق تقارير الأمم المتحدة.

وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في تقرير أصدره مؤخرا أن الأسعار ارتفعت بنسبة 200 في المئة منذ بدء الحرب في اليمن.

ويرى الباحث الاقتصادي اليمني محمد الحريبي أنّ “انهيار الريال يفاقم من سوء الوضع الإنساني في بلد يحتاج فيه معظم السكان إلى المساعدات الطارئة”، موضّحا أنّ “الانخفاض المستمر في سعر العملة له تأثيرات مباشرة على قدرة الناس على شراء المواد الأساسية ومتطلباتهم في مواجهة أعباء الحياة”.

كما يلفت الحريبي إلى أنّ “انهيار العملة يأتي في ظل عدم وجود أي إجراءات للحفاظ على استقرارها وإيقاف حالة الانهيار المستمر”.



شارك برأيك