آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:19:36:26
الشرق الاوسط : «التغيير المذهبي»..وسيلة الحوثيين لاكتساب القاعدة السكانية
(الامناء/الشرق الاوسط:)

تسابق ميليشيات الحوثي الزمن لإحداث تغيير ديموغرافي في مدينة صنعاء بأبعاد مذهبية لضمان بقاء وجود فاعل لها في المدينة ومساجدها، وتكوين قاعدة سكانية موالية لها، حيث تتوسع في نشر الفكر الطائفي وتعمل بدأب لإحداث تغيير مذهبي في المدينة وفي المحافظات الأخرى؛ حتى في تلك التي كانت عبر التاريخ الإسلامي تُحسب محافظات سنية.

وذكر سكان وعاملون في العقارات لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات نقلت أسراً كثيرة من سلالة زعيمها أو من المنتمين إلى محافظة صعدة إلى صنعاء؛ حيث منحوا أراضي من ممتلكات الدولة أو من أراضي الوقف، كما أُعطي هؤلاء مبالغ مالية كبيرة بنوا بها فيلات وعمارات ضخمة، وأن من بين هؤلاء أسراً من السلالة ذاتها جرى نقلهم من تعز وإب واستقروا في جنوب المدينة، كما استقرت الأسر والمشرفون الذين نقلوا من صعدة في الأحياء الشمالية للمدينة والتي ظلت عبر سنين طويلة جيباً سلالياً مغلقاً حتى قبل الانقلاب على الشرعية.

وتؤكد إحدى المعلمات في صنعاء أن الميليشيات وبعد أن غيرت المناهج الدراسية للمراحل الدراسية الابتدائية وأدخلت قادتها ورموزها في تلك المناهج وتقدمهم على أنهم أبطال وطنيون، ذهبت نحو فرض أنشطة وفعاليات طائفية من خلال إرسال مجاميع من عناصرها العقائديين إلى المدارس الحكومية والخاصة للإشراف على فعاليات تمجد الفكر المذهبي الذي تعتنقه، وتنظم احتفالات يتم من خلالها تجسيد شخصيات قتلاها وقيادة ميليشيات «حزب الله» اللبناني، وأخيراً منعت المدارس الخاصة من إقامة برامج تقوية لطلبتها في المواد العلمية.

وتحدثت المعلمة لـ«الشرق الأوسط» بمرارة عن شكاوى أولياء الأمور من الأفكار المذهبية التي يجري تلقينها للطلبة في هذه السن المبكرة، وعن الجهود التي يبذلونها بصفتهم معلمين «لتوضيح الصورة للطلبة أثناء الحصص الدراسية، لكن الأمر مختلف في المدارس الحكومية، حيث عينت الميليشيات مديرين ومديرات من عناصرها العقائديين وعززتهم بمشرفين ومشرفات يتولون مهمة تنظيم الفعاليات المذهبية والفكرية، ومراقبة أداء المعلمين والطلبة، والتصدي لما يسمونه أي انحراف أو عدم التزام بما جاء في الكتب المدرسية وتعليمات الوزارة التي يقودها يحيى الحوثي شقيق زعيم الجماعة».

وفي محافظتي إب والحديدة تحدث معلمون وأولياء أمور عن سعي ميليشيات الحوثي لتغيير الاعتقاد المذهبي للطلبة والسكان من خلال المناهج الدراسية وخطباء المساجد والأنشطة المدرسية التي أصبحت تنفذ وفق تعليمات مركزية وفي مناسبات مذهبية تعمل من خلالها عناصر الميليشيات ومؤيدوها على تبجيل قتلى الجماعة وحلفائها في الخارج وتكريس المفاهيم والرموز المذهبية في مختلف المدارس والجامعات.

وقال أحمد صالح؛ وهو ولي أمر في محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك محاولات مستمرة للتغيير المذهبي، وإيجاد جيل من صغار السن يقدس رموز الميليشيات ومعتقداتها، ويحمل فكراً متطرفاً وعنيفاً، بينما باتت الأسر عاجزة، وتحاول بقدر استطاعتها إفهام أطفالها زيف ما يتلقونه في المدارس وما هو موجود في الكتب الدراسية».

ويشير عبد الله ناصر؛ وهو معلم في المحافظة، إلى أن الحوثيين «يسابقون أي اتفاق للسلام من خلال الرهان على إيجاد قاعدة شعبية أو مؤيدين للفكر الطائفي تحت أسماء زائفة؛ فمرة باسم (المقاومة)، وأخرى باسم (القضية الفلسطينية)؛ لأنهم يدركون أن الناس والمجتمع يرفضونهم».

ويعيد سياسي يمني كبير يقيم في صنعاء أسباب الأسلوب القسري الذي تنتهجه الميليشيات في التعامل مع المجتمع أو في فرض رؤاها من خلال مناهج التعليم والمساجد وفي المؤسسات الحكومية، إلى شعورها بأن «الناس لا تقبلها، وأن المجتمع يقاوم كل محاولاتها لفرض فكرها ورؤاها وتغيير ثقافة المجتمع».

وأكد هذا السياسي لـ«الشرق الأوسط»؛ طالباً عدم الإفصاح عن هويته، أن الحوثيين «على يقين أن أي اتفاق سلام سيجردهم من أدوات الإكراه والقوة، ولهذا يعملون بكل ما أوتوا من قوة على غرس أفكار الجماعة ورموزها لدى صغار السن لأنهم الأقل إدراكاً لهذا الفكر».

ووفق ما يراه السياسي الكبير؛ فإن «6 سنوات من الحرب والقمع لم تكن كافية لميليشيات الحوثي كي تصنع من زعيمها بالذات رمزاً وطنياً أو شخصية تحظى باحترام كبير على غرار ما فعله (حزب الله) في لبنان مع زعيمه»، وقال: «حتى محاولة إيجاد هالة من القداسة حول شخصية عبد الملك الحوثي فشلوا فيها، وأصبح الرجل محط تناول وسخرية من قطاع واسع جداً من الناس العاديين ومن النشطاء والسياسيين».
 




شارك برأيك