آخر تحديث :الخميس 28 مارس 2024 - الساعة:17:30:09
مكروهات قد تؤدي إلى فساد الصوم
(الامناء نت/صالح علي لجوري)

لقد شرع الإسلام وبيِّـن الصور الشرعية والوجهه  العامة للصيام وضدها  في كتاب الله الكريم وسنة نبية صلى الله عليه وسلم 
ولأن كتاب الله وآلسنة المحمدية ثابتة في كل زمان ومكان إلى أن يرفعها  الله يوم الوعد الذي  لا ريب فيه  متى شاء الله وقدر مايشاء ،  وبناءً على ما نهانا الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم .فقد جاء العصر الحديث بما لم تجئ به العصور السابقة ،من مغريات وفتن   وتطورات وتقنيات حديثة ومتناقضات  والكثير من ما طرأ على النفس والسلوك  والفكر والتربية  من عدة جوانب نفسية وسلوكية وعقائدية بحكم  التطور من جهه والغزو الفكري من جهه آخرى ،  ففي شهر رمضان قد يغفل الإنسان ويتهور أحيانا  ويفسد صومة ربما بحكم ماقد تأثر به في واقعة  وانعكس ذلك على سلوكة في التعامل مع الواجبات والفرائض  ومنها الصيام في شهر رمضان  ، فعلى الإنسان ان يجتنب كل مايفسد الصوم وحرمان الأجر ،مثلا لا حصراً :  والإنسان في مرفق عمله أو آلطريق ووسائل النقل أو التجمعات السكانية والمتنافسات والاسواق التجارية ، قد يشاهد أشياء يُخيِّل له أنها جميلة ومغرية، وقد تكون كذلك فعلا زاهي في مظهرها ، قبيحة في باطنها وقد تكون أشياء جميلة غير قبيحة بحوزة ناس آخرين  —والقبح في الباطن هو ما تعمدت أثارة  الشارع  بمكروهاً في ظاهرها–  ،فلا  تتمنى ماهو ليس لك ولا تتأسف على حظك ولا تيأس من رحمه الله ، قال الله تعالى : ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (طه: ١٣١)﴾
 فلكل إنسان رزق وأجل مسمى وقد تشاهد نساءًورجالاً
ازاغهم الشيطان عن الحق  وجردهم من الحياء والعفة .فلا تنظر إليهم ولا تتمنى ماهم فيه ،بمعنى لاتنظر ولا تتمنى شيء محرم قد تشاهدة مع أناساً لايرون حرجا في فعل ما يثير الغرائز ويفسد الخلق  من تبرج وسفور وإغراءات في غير محلها ،(١).
 « أن الإنسان إذا أراد التباهي، وأراد التزين وأراد أن يستعلي على خلق الله عز وجل، فقد ضل سواء السبيل.
 ثم إنك إذا جلست مع الأغنياء  وجلست مع الأقوياء ، وتناولت ألذ الطعام واستمتعت بالحديث الفكه، هذه من زينة الحياة الدنيا، لكنك إذا جلست في مجلس علم، ربما لا تجد المقعد المريح، ربما لا يُقدم إليك شيءٌ في هذا المجلس،  (٢) ، لكن الله عز وجل يقول: 
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
(سورة الكهف ٢٨)
 فلا تذهب إلى مجالس الأغنياء، ولا إلى مجالس الأقوياء غير الاسوياءولا إلى مجالس أهل الدنيا حيث الطعام والشراب، وما ألذ  وطاب، والطرائف التي تدار في هذه المجالس، وكذا مجالس الغيبة والنميمة»(٣) . 
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
(الكهف الآية ٢٨).فهذه السهرات، وتلك الندوات، وهذه الأمسيات، وهذه اللقاءات، فيها ما لذ وطاب، وفيها اختلاط، وفيها النكرات، وفيها الغيبة والنميمة وفيها أحاديث الدنيا، هذه سماها القرآن من زينة الحياة الدنيا (٤).
﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾(الكهف :٢٨).
وحذر الله عباده من اتباع أهل اللهو الغافلين الذين أغفل الله قلوبهم في قوله

﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ٫عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ  أَمْرُهُ٫فُرطَا ﴾(الكهف :٢٨). 
(وأما الغيبة والنميمة   فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم :،عن الغيبة فقال : « هي ذكرك أخاك بما يكره ، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال :،أن كان فيه ماتقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ماتقول فقد بَهَتُّهُ » .

 
   فإذا كنت غنيا فلا تسرف ولا تتظاهر في الغناء والبذخ والتكلف في الإسراف ظاهرا وباطنا في الأسواق والمطاعم والحارات وغير ذلك فهناك أناسا فقراء وإيتام معدمين لم يجدوا مايسد جوعهم  ومرضى لم يحصلوا على قيمة الدواء  فإذا كنت بنعمة احمدُ الله على نعمة ولا تجعل من النعمة التي منحك الله  وسيلة لارتكاب المعاصي فإن المعاصي تزيل النعم ، وأن  كنت فقيرا فأتعفف وكف نفسك قبل يدك عن السؤال والتمني بما ليس لك به من نصيب وأسأل الله من فضله فهو القادر على العطاء والرزق بتقدير وحكمة من عنده  ،وفي نهار رمضان لاتتأفف ولا تتظجر أمام الناس أو الزملاء من الجوع والعطش ولا تقول الألفاظ التي تنتقص من حق الصوم ولاتشكو جوعك  وعطشك للناس ولاتقول متى سينتهي هذا اليوم أو الشهر لقد ألحق بي الضرر ،تجنب ذلك واصبر وأحتسب واسأل الله وحده أن يخفف عنك المشقة والعناء ويسهل لك ما حل بك في حال المرض أو العطش والتعب وان صبرت فذلك خير وأعظم  أجرا ، كذلك المشاهدات للأفلام والمسلسلات التي لا تليق بمسلم في الحياة والشهور عامة  فإن على الإنسان أن يتقي ربه ويتوب إليه في هذا الشهر المبارك ويتجنب بل يترك كل مايفسد الصوم والخلق والحياة العامة للمسلم وأن  يبادر الإنسان إلى التوبة واغتنام  الوقت  في شهر رمضان بالحصول على الأجر والمثوبة ومغفرة من الله  فاجتناب المكروهات التي تؤدي إلى حرمان الإنسان المسلم من الإجر في شهر خصه الله تعالى له ويجزي به العاملين على تنفيذ أوامر واجتناب نواهيه  »(٥). 
وهو  القائل تعالى في محكم التنزيل : ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ٭ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَيَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْء قَدْرا﴾( الطلاق : ٣،٢)
يتضح لنا من ماتقدم إننا نتحدث عن مكروهات باطنه أو يِقدُم على فعلها الإنسان في الحواس والجوارح الباطنة وقد لايكون جميعها ظاهره وملموسها بالحواس الظاهره ولكنها مكروهات قد تنتج أو يفرزها السلوك والفكر والتربية والمتغيرات والمغريات العصرية وقد يفعلها الإنسان بسمعه وبصره وقلبه ولسانه وعقله بقصد أو بدون قصد وفي كلا الحالات  هي مكروهات تحرم الإنسان من نعيم الأجر والثواب وتضاعف العقاب وقد يؤدي تكرارها وفعله بتعمد إلى فساد الصوم في رمضان وربما عقيدة الإنسان في سائر الأيام(٦).  . ومن مكروهات الصوم أيضاً كما ثبت في النواهي عن  رسوله صلى الله عليه وسلم :
 أنه يُكْرهُ للصائم أمور من شأنها الإفضاء إلى فساد الصوم وإن كانت في حدَّ ذاتها لا تفسد الصوم ،وهي : 
١-المبالغة في المضمضة والاستنشاق عند الوضوء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « بالغ في لاستنشاق إلا أن تكون صائما »(٧)،
 فقد كره لهُ صلى الله عليه وسلم المبالغة في الاستنشاق خشية أن يصل إلى جوفه شيء من الماءفيفسد صومه .
 ٢-الْقُبْلَةُ إذْ قد تثير شهوةً تجُرُّ إلى إفساد الصوم بخروج المذي أو الجماع حيث تجب الكفارة .
٣-إدامة النظر بشهوة إلى الزوجة.
٤- الْفِكْرُ بشأن الجماع .
٥- اللمس باليد للمرأة بدافع التمتع بها أو مباشرتها بالجسد .
٦-مضغ أي شيء مثل العلك أو غيرة  بحجة مضغة للطفل أو لمعرفة نوعيته خشية أن يتسرب بعض أجزاءٍ منهُ إلى الحلق .
٧– ذوق الْقِدْرِ أو الطعام .
٨- المضمضة لغير الوضوء أو حاجة تدعو إليها.
 ٩- الاكتحال في أول النهار ،ولابأس في آخره .
 ١٠- الحجامة أو الفصد خشية الضَّعْفِ المؤَدِّي إلى الإفطار لما في ذلك من التغرير بالصوم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أفطر الحاجم والمحجوم » لأن المحجوم يخرج منه دم كثير يؤثر على بدنه ويؤدي إلى الضعف والانحطاط البالغ الذي لايحتمل معه البقاء إلى غروب الشمس (٨) .
والله وحده  أعلم . 
وصلى الله على النبي وآله وصحبه وسلم . 

مراجع ومصادر:  
القرآن الكريم. 
 الصحيحين . 
منهاج المسلم . 
 (٢)و(٣) و(٤) مجموعة من الكتب في الآداب والعقيدة ، فقه العبادات ، مجالس شهر رمضان  ، منهاج المسلم . 
(١)و(٥)و(٦) قلم الكاتب لجوري.،
(٧) رواه الترمذي (٧٨٨).ورواه ابو داود (٢٣٦٦). ورواه النسائي في الطهارة (٧٠).وابن خزيمة وصححه . 
(٨)– رواه ابو داود وابن ماجه والحاكم وابن خزيمة من حديث ثوبان مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث صححه الألباني في الإِرواء.



شارك برأيك