آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:23:30:08
النوارس التي أكلت عشاء الملك
(الأمناء نت / شعر/ رائد القاضي :)

نضج الشوق
واحمرّ درب العذابات
يا آخر العابرين ضفاف
الجراح إلى دمعنا
نضجت كل أشجان غربتكم
وتبرعمت الأمنيات سرابا
النهايات تبسط أذرعَها
تلفظ العابرين الدروبُ
تخيط طريق الرجوع بسيف الملكْ
تلكم الغول كانت مخبأةً
في مداد الخليفة مذ بايَعَتْهُ النقودُ 
فلن تخذلَهْ
*
يا أخا البعد، 
كيف عبرت عصور الحنينِ
وظِل دموعك مأواك في لفحة الهاجرهْ!
كم تَعطّرَتِ الأمنيات بحزن المنافي وكحْل السهادْ
حبر أسئلتي كجفون تماضر إذ رابها الدهرُ
يملأ قلبي شجوناً
ويمطرني أسئلهْ
ها هم ُ العائدونَ
يشدّون ليل المدينةِ من شعْرِهِ
يشربون نبيذ الشجونِ
وينتصب الليلُ
كالليلِ
ما أطولَهْ!
السماء تعد العشاء لهم 
أنجماً
والقلوب من الشرفات
تؤذّنْ
ومرايا المواعيد ترسمهم لانتظار القلوبِ 
زهوراً وعطرا
أذرع الشوق تبحث في أعين العائدين عن الدهشة الغائبهْ
عن بقايا حقول الحنينِ
عن الأغنيات الحبيسةِ في النايْ
عمّا تيسر من رحلةِ الغيثِ
بين السحابةِ
والسنبلهْ
*
إنهم عائدونَ،
فلو أنها بلدٌ غير ذي حربْ
القذائف توقظ في نبضهمْ شوقَ أجدادهم لجلادٍ مكرّ مفرّ معاً
كجواد امرئ القيسِ
يطرد آخرُهُ أوّلَهْ
إنهم عائدونَ،
فكيف نحيّي الذي "ليته لم يعد"!
وكيف نؤبّن من عركته القفارُ
ومات شريداً
وكل ذويه انتظارٌ
وشوقْ
الحياة تخلّد مأساتنا
وتذكرنا بالجراحِ
الجراحْ
فتعالي بلا وجلٍ
يا صباحاتُ،
لن نسرق الضوءَ
لن نقتلَهْ
*
هَاجِرُ الآن تسأل عن جد أحفادها في بني جرهمٍ
تسأل الآنَ؟؟!!
قد سرَقَتْ أختُهم خبزَهم
وجيادَ قبيلتهمْ
وهيَ الآن تدفعهم
بالعصيّ
إلى جنتين من النار والنارِ
والمُدية "الداعشيةِ"
والمِقْصلَهْ
*
الحياة مؤجلةٌ أيها العائدونْ
منذ قرنينِ،
منذ مئات الحماقاتِ،
والحرب تشوي مواسِمَنا
وتبيعُ السُّحُبْ
منذ بدء الخياناتِ
والحرب تطعم ساداتنا عسلاً
وتبيض ذهبْ
والدماء التي تتحمص في المحرقهْ
لا تسد لهم رمقا
هكذا يُذبح الشعب من أجل نزوة كهلٍ
وطيش صبيٍّ
وما المشكلَهْ؟
*
ربَّ،
قابيلُ هذا الزمان شديد الغباءْ
لو بعثت إليه الطيور جميعاً
لما اسطاع أن يتعلم كيف يضمد جرح أخيهْ
فلمن ينبغي أن يسطّر هابيلُ هذا الثناءَ؟
لقابيل؟ أم للغرابْ!!
ربَّ، 
نحن قرابين إخوتنا للحصول على الملك
والجاهْ
فتقبل دعاء خناجرهم
وتقبل لعاب خزائنهم
كم سيحتاج أسود عنس إلى المعجزاتِ؟
أيخشى النبوّة أن تخذلَهْ!
*
أيها النائمونَ بحضن أسرّة من يفرشون العراء مبيتاً لنا
تقطفون النجومَ
وتفنون جيش المغولِ
وأنتم ضيوف أسرّتكم
فاحملوا نومكم وكوابيسكم وارحلوا 
حيث لا تستطيع النقود إليكم سبيلا
*
أيها العائدون إلى شوق هذا الترابِ 
بروقاً ونخلاً
كم تعطر وجه الضياء بعودتكم
وتفردَسَ رمل الوطنْ
كنتمُ غيث أيامنا
وحصاد مواسمنا
ستعود النوارس حاملةً فوق أجنحها وطناً 
من جراح العصورْ
سنضمد تلك الجراح معاً
ونسير سوياً على دربنا 
غير مسترهبين السوادْ
ويردد كل الوجود نشيد الحياةِ
ونهتف ملء عيون النبوءاتِ
يحيا الوطنْ
وتصفّق مثل الفراشاتِ
أفئدةُ القومِ
ما أجمل النورَ
ما أجملَهْ

3/ مارس/2018م




شارك برأيك