آخر تحديث :الاربعاء 25 ديسمبر 2024 - الساعة:01:14:19
صحف عربية: البابا في العراق.. بدء مشروع التقريب الديني
(الامناء/وكالات:)

في ظل تدابير أمنية مشددة، زار البابا فرنسيس أمس الجمعة العراق، في زيارة تاريخية غير مسبوقة إلى بلد دمرته الحروب والنزاعات، داعياً إلى التضامن وتعزيز التواصل مع الشعوب.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم السبت، أطلق البابا نداء صارخاً فاجأ به المسؤولين العراقيين بخطاب جريء وحازم حث فيه على وقف استعمال السلاح، ومواجهة الفساد والمصالح الخاصة والحزبية، ما بدا كأنه اتهامات مباشرة للطبقة السياسية الحاكمة والأحزاب والميليشيات التي أحكمت قبضتها على البلاد متناسية حقوق الأقليات.
مجتمع موحد
في صحيفة البيان الإماراتية، قالت ليلى بن هدنة "تعطي الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس للعراق رسائل عميقة، أن مشروع التقريب الديني في العراق ضرورة قصوى لبناء مجتمع موحد تسوده العدالة والسلام".
وأضافت أن "العراق يضم تشكيلة من الديانات التي عاشت جنباً إلى جنب عبر التاريخ بانسجام وتفاهم واحترام، ولكن الأمور اختلفت في ظل وجود مخططات لضرب الهوية العراقية الجامعة وتقسيم المجتمعات إلى الأكثرية والأقلية الدينية وتغليب الانتماء المذهبي على الانتماء الوطني، ما أدى إلى اتساع الطائفية والتعصب اللذين يمثلان مصدر الكوارث التي يواجهها العراق، كما أن غياب ثقافة الحوار الديني كان السبب الأكبر في إشعال فتيل الفتنة في العراق".
وأوضحت أنه ليس ثمة مفر من البحث عن الفهم المتبادل بين المكونات الدينية، فالعراق يحتاج إلى مفردة التعايُش السلمي وتطبيقاتها أكثر مِن أي وقت مضى إذ إنه لا يوجد للأسف مشروع حقيقي للتعريف بقيمة التسامح، فالجميع يعتقد أنه على حق ويجب عليه إخضاع الآخر.
ولفتت الكاتبة إلى أن العراقيين عليهم أن يستوعبوا دروس الماضي القاسية لإعادة بناء الثقة، ولإعادة روح الأمل لدى جميع الشعب وقطع الطريق أمام دعاة التشدد والتطرف، فالمسؤولية كبرى والحذر مطلوب.
نصائح صادقة
وبدورها، قالت صحيفة الاتحاد الإماراتية في افتتاحيتها "حدد البابا فرنسيس داء بلاد الرافدين بآفتي الأسلحة والفساد، ودواءه بالاستماع لمن يبني ويصنع السلام".
وأضافت أن "رسائل اليوم الأول لزيارته التاريخية إلى العراق بدت أشبه بخريطة طريق واضحة المعالم للجميع لوقف المصالح الخاصة، والخارجية، والتصدي لسوء استعمال السلطة، ونبذ العنف والتطرف والتحزبات وعدم التسامح".
وتابعت "نصائح صادقة، أكدت ضرورة إرساء الأسس لمجتمع ديمقراطي، يضمن مشاركة جميع الفئات، وعدم اعتبار أحد مواطناً من الدرجة الثانية، والعمل على تحقيق العدالة، وتنمية النزاهة والشفافية، وتقوية المؤسسات، وإعطاء المجال لكل الذين يريدون السلام والبناء معاً في الحوار والمواجهة الصريحة والبنَّاءة".
وأشارت الصحيفة إلى أن البابا فرنسيس كان حريصاً على الكلمة الجامعة التي توحّد ولا تفرّق بين أحد، وعندما قال "لتصمت الأسلحة"، لم يحدد طرفاً دون آخر، وإنما طالب بوضع حد لانتشارها في كل مكان.
وأوضحت أن شجاعة رأس الكنيسة الكاثوليكية الذي أطلق وشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي فبراير(شباط) 2019، لا بد وأن تمنح الأمل بغدٍ أفضل بعيداً عن الكراهية والطائفية، ليس للعراق فحسب وإنما لأنحاء المنطقة.
رسالة تضامن
ومن جهته، قال جبريل العبيدي في صحيفة الشرق الأوسط "مدينة أور العراقية التي لم تصلها الكهرباء والخدمات الأساسية منذ 6 آلاف عام حتى زيارة البابا فرنسيس، تؤكد حجم المعاناة التي يكابدها سكان العراق من فشل الحكومات المتعاقبة على مفاتيح خزائن البترول العراقي، في تقديم الخدمات الأساسية للسكان إلا حين تفاجأ بزيارة بهذا الحجم الكبير، فترصف وتعبّد الطرق، وتصل أسلاك الكهرباء، وتطلى الجدران، وتنظف الشوارع، وتضاء في أيام ثلاثة، وهي الغائبة لسنين طوال عن أجندة الحكومات المتعاقبة على حكم العراق".
وأضاف أن "زيارة البابا جاءت في التوقيت الحرج والمحرج، فرغم تقدمه في السن وتفشي جائحة كورونا والمخاطر الأمنية والصواريخ، والقذائف العشوائية التي تمطر المطارات والقواعد والأماكن الحساسة في العراق، إلا أنه أصرَّ على تنفيذ الزيارة المؤجلة لـ 20 عاماً منذ سلفه البابا يوحنا بولس الثاني".
ولفت إلى أن زيارة البابا، وإن كان من أسبابها الرئيسية تسليط الضوء على معاناة الأقلية المسيحية، إلا أنها ستنعكس أيضاً على معاناة العراقيين عامة، وستسلط الضوء على العراق البلد المنكوب منذ الاجتياح الأمريكي عام 2003، وإطلاق يد إيران وميليشياتها في حاضرة الرشيد، ومهد الخلافة العباسية وحضارة الرافدين.
وتابع الكاتب "لا شك أنَّ الزيارة يحسب لها الشجاعة في التوقيت والمكان، وتعكس الروح الإيجابية التي يتمتع بها البابا، وروح التآخي والتعايش ونبذ التصادم بين الديانات والحضارات"، مشيراً إلى أن زيارة البابا للعراق رسالة مصالحة وتآخٍ مع المسلمين وطمأنة وتضامن مع المسيحيين.
إصلاح سياسي
وأما في صحيفة أخبار الخليج، قال الكاتب عبدالله الأيوبي إن "العراق منذ سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، لم يشهد هدوءاً أمنياً أو سياسياً مع تصاعد مطرد وحاد في الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية جراء تفشي الفساد المالي والإداري والسياسي في البلاد".
وأضاف أن "ما شهدته الناصرية الأسبوع الماضي هو حلقة في سلسلة من حلقات الاحتجاجات التي لم تتوقف، فالهدوء النسبي الذي شهدته مختلف المناطق العراقية في السنة الماضية إنما كان اضطرارياً فرضه تفشي جائحة كورونا التي اجتاحت جميع دول العالم تقريباً، لكن رغم هذا الظرف الصحي الخطر فإن الأوضاع المزرية التي يعيشها المواطن العراقي دفعت المواطنين إلى النزول مرة أخرى إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة".
وأشار إلى أن الحكومة العراقية الحالية، كما الحكومات السابقة، لم تستطع أن تضع برنامجاً ناجعاً لمعالجة المشاكل المستعصية التي يعيشها العراق منذ الغزو حتى الآن، فالسنوات الأولى التي أعقبت الغزو الأمريكي يمكن اعتبارها سنوات ضائعة جراء الأوضاع الأمنية الخطرة التي كان يمر بها العراق وانتشار الإرهاب، لكن بعد النجاح الحكومي في التقليص الكبير والنوعي للتهديدات الإرهابية فإن جميع الحكومات لم تقدم الحلول الناجعة للمواطن العراقي، باستثناء الوعود التي لم يعد المواطن يوليها أي اهتمام أو ثقة.
وأردف الكاتب قائلاً "العراق يحتاج إلى خطوات وقرارات جريئة للخروج من الأوضاع المتردية التي وصلت إليها الدولة العراقية، فإذا كان الاستقرار الأمني ضرورة لتحريك عملية الإنتاج، فإن الاستقرار السياسي من خلال نظام يضع المواطنة أساساً لبرنامج عمله وليس الانتماءات الضيقة، لا يقل أهمية عن الاستقرار الأمني، وما لم ينجح العراق في ذلك فإن الاضطرابات والاحتجاجات لن تنتهي، فالمواطن يهمه الاستفادة من خيرات وطنه والانتفاع منها معيشياً واجتماعياً".




شارك برأيك