آخر تحديث :الخميس 25 ابريل 2024 - الساعة:05:14:04
تقرير : حمامات حالمين بلحج.. ينابيع ساخنة شفاء للأبدان وطرب للوجدان بعبق الماضي الأصيل
("الأمناء" تقرير/ صبري عسكر:)

أمسيات تعبر عن مواصلة النضال خلف الرئيس الزُبيدي ولمّ الشمل والألفة

كيف أصبحت حالمين قبلة موسمية يقصدها الزائرون؟

تبدأ مراسم الحمام السياحي منتصف فبراير من كل عام وتستمر لأكثر من شهرين

 

"الأمناء" تقرير/ صبري عسكر:

استجمام واستشفاء وموروث شعبي بعبق الماضي على فوهة بركـان في منطقة شرعة في مديرية حالمين بلحج، التي أصبحت قبلة موسمية يقصدها الزائرون من مختلف مناطق الجنوب على مدار العام، تحديداً في فبراير ومارس من كل عام، لهدف التداوي والاستشفاء بحماماتها الكبريتية التي تتدفق من ينبوعها الساخن - ويسمى «المعجزة» - تصل درجة حرارتها إلى أكثر من 80%، وتتمتع مياه شرعة الكبريتية بخصائص علاجية، مثلما أشارت الدراسات والأبحاث بأنها من المياه النادرة التي تحتوي على عناصر مؤكسدة قاتلة للبكتيريا والطفيليّات، حيث تعالج هذه المياه البركانية الأمراض الجلدية والتهابات المفاصل والشلل الجزئي والروماتيزم والطفح والحساسية وحب الشباب.

كما أنها تساعد على ضبط كميات السكر في الدم والقضاء على الشد العضلي وتشنج العضلات ولها فوائد في تحفيز الدورة الدموية.

ولم تختصر هذه الينابيع الساخنة للتداوي والاستجمام فقط، بل تتحول إلى مزار سياحي لعشاق الفن والتراث والأمسيات الفنية والثقافية، بحيث أن المنطقة تشهد مهرجانات وسهرات شعبية وليالي سمر على طول أيام المصيف يحيها أبناء المنطقة والزوار الذين يتقاطرون من كل حدب وصوب إلى منطقة شرعة من مديريات يافع والضالع والشعب وردفان، ويكون التراث الشعبي حاضراً لأبناء هذه المناطق الذين يسهمون إسهاماً مميزاً بإنجاح الأمسيات وطقوس الموروث الشعبي.

ويتميز حمام حالـمـين السياحي بتوفير كل المتطلبات والخدمات للوافدين من مطاعم ومقاهي ومتاجر ومحال للحوم والخضروات، كما أن أهالي شرعة يمتازون بالكرم وحسن الضيافة فيتيحون للزائرين فرصة الاستجمام بالمسابح، وهو ما يدفع بقاصدي المنتجع للإقامة لفترة أطول.

 

شفاء للأبدان وطرب للوجدان

وبين زيارة الوافدين إلى حمامات حالمين للتداوي الطبيعي بالمياه الساخنة هناك الآلاف من الناس يقصدون هذا المنتجع باستمرار لطلب الراحة وقضاء أيام ممتعة بعيداً عن السياسة وحالات التوتر والاكتئاب جراء الوضع القائم الذي يشهده الجنوب العزيز، حيث أن المنتجع السياحي ينفس عن القلوب بأصوات وأغنيات وأشعار مستوحاة من طقوس الموروث الشعبي القديم، ولهذا الحمام السياحي مراسم تبدأ في مثل هذه الأيام - أي في منتصف شهر فبراير من كل عام - وتستمر لأكثر من شهرين تقريبًا، حيث يقيم ملتقى رواد الفكر والبناء في المديرية برعاية الشخصية الوطنية أبو أصيل الكربي مهرجاناً ثقافياً يعزز من القيمة السياحية والثقافية للمنطقة فتظل مغروسة في أذهان زائريها.

 

مزار لعشاق الفن والتراث

ويشهد حمام شرعة حالمين العديد من الأمسيات المتنوعة الفنية والشعرية والشعبية، يصاحبها صوت الدان ودقات الطبول والمزامير والرقصات المشهورة مثل رقصة البرع اليافعي، التي تتميز عن جميع الرقصات الشعبية، شاهرين فيها السيوف الحميرية والأسلحة القديمة في مشاهد متنوعة تخطف الألباب وتشغف قلوب الزائرين الذين يرون في ذلك الموروث الشعبي مصدر فخر واعتزاز بميراث الآباء والأجداد، وتتواصل السهرات والأمسيات الفنية على هذا الشغف منقطع النظير لفترة شهرين متواصلين في الصباح الباكر وكذلك في المساء حتى مطلع الفجر.

ويبرز الأهالي والوافدون موروثهم الشعبي، لا سيما التراث اليافعي الحاضر بالأصالة والعراقة المتميزة على مستوى الجنوب، وتتخلل تلك الليالي التراثية الهواجل والزوامل والمساجلات الشعرية التي تصدح بها الجموع على مقربة من الينبوع الساخن من المكان الذي تقام فيه الأمسيات يسمى «الضاحي» حتى نهاية القرية وتعبر جميعها عن لمّ الشمل والألفة والمحبة بين الناس ونبذ الفرقة والشقاق وترنو بإصرار إلى مواصلة النضال التحرري خلف القيادة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي ممثلةً بـالرئيس القائد عيدروس الزُبيدي التواق لاستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة.

 

مهرجان شرعة الفني السنوي

وسيشهد حمام حالمين السياحي مهرجانا فنيا وجماهيريا للعام الرابع على التوالي ينظمه ملتقى رواد الفكر والبناء في المديرية برعاية رجل الخير والعطاء الشيخ محمود أبو أصيل الكربي بالتنسيق مع السلطة المحلية والمجلس الانتقالي الجنوبي وشيخ مشائخ قبيلة العكيمي الشيخ نائف العكيمي بحضور نخبة كبيرة من الفنانين والشعراء وممثلين مسرحيين من لحج وعدن الذين سيأتون لإحياء ليالي المهرجان وإنجاح فقراته الهادفة والمميزة التي تنال استحسان الجماهير الحاشدة.

ويستعرض مهرجان رواد حالمين، الذي يستمر ثلاثة أيام على التوالي، مسابقات ثقافية وأغاني ثورية وتراثية ورقصات شعبية وقصائد شعرية ومشاركات أخرى تحمل طابعا جميلا ونكهة فريدة تختلف عن مهرجانات الأعوام السابقة، كما سيشهد المهرجان حضور قيادات عسكرية بارزة وشخصيات نضالية رفيعة المستوى.

 

منحة إلهية ومحنة أزلية

ورغم أن (شرعة) حباها اللّه بهذه الميزة الربانية لتكن قبلة للزائرين على مدار الأيام وموقعاً للتداوي بالمياه المعدنية الحارة ومزاراً لعشاق الفن والتراث الشعبي ومنطقة جذب سياحي تزخر بالكثير من الشخصيات اللامعة في النضال والشعر والحكمة والقضاء والدين، واكتسبت منذ القدم شهرة كبيرة، حيث زارها عدد من قيادات الجنوبية آنذاك أمثال الرئيس علي عنتر وعلي شائع هادي وصالح مصلح وعبدالفتاح إسماعيل ومحمد سليمان ناصر وقيادات كثيرة في تلك الحقبة الزمنية، ولها حضور مشرف في كل المراحل والأحداث الوطنية، إلا أنها وكبقية مناطق حالمين لم تأخذ نصيبها من مشاريع الدولة ولم تُعط الاهتمام اللازم لتبرز مكانتها وأهميتها، فهي تفتقر لأبسط مشاريع الحيوية، أبرزها نقيل المعدي الذي يعتبر الشريان الوحيد الرابط بينها وبين مركز حبيل الريدة، كما أنها تفتقر تماماً للخدمات الضرورية من كهرباء وماء ومياه وتعليم وصحة.

ويعيش أهالي شرعة أوضاعاً صعبة بينما أضطر بعضهم إلى الانتقال للعيش في عاصمة المديرية وردفان والضالع بعد أن يئسوا من أن تلتفت الجهات الحكومية إلى منطقتهم المنسية، فبدلاً من استثمار مناطق شرعة وحمامها الشهير بالاهتمام والرفد بالمتطلبات والاحتياجات ليصبح موقعا ترفيهياً متواصلاً طوال أيام السنة كبقية الحمامات السياحية عمدت الحكومة المتعاقبة على إهمال هذه الهبة الربانية والدفع بسكانها إلى مغادرتها بحثاً عن خدمات تخفف من متاعب معيشتهم اليومية.







شارك برأيك