آخر تحديث :الخميس 28 مارس 2024 - الساعة:17:30:09
الحكومة بلا ديزل ولا مرتبات!
تقرير لـ"الأمناء" يبحث تداعيات الأزمات المعيشية التي ضربت المواطن بالعاصمة عدن في ظل عجز حكومي كبير
("الأمناء" تقرير/ عـــــلاء عـــادل حـــنش:)

لماذا عجزت الحكومة عن دفع المرتبات؟

ولماذا يحاول نافذون بالشرعية إفشالها؟

أين تذهب موارد النفط؟

سخط شعبي يضع الحكومة في مأزق

 

ضُربت كل آمال الشعب الجنوبي في إخراجه من مستنقع الأزمات من قبلِ حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال، بعد أن عادت الأزمات، وبقوة، في غضون أسابيع، بعد أن بدأت ملامح الانفراجة تظهر مع تولي الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي، أحمد حامد لملس، منصب محافظ العاصمة الجنوبية عدن في يوليو / تموز من العام المنصرم 2020م، غير أن مجيء حكومة المناصفة إلى العاصمة عدن في 30 ديسمبر / كانون ثاني 2020م، بعد أن أدت اليمين الدستورية بالعاصمة السعودية الرياض، زاد الأمور تعقيدًا، وظهرت الأزمات التي حاول المحافظ لملس التخفيف منها بقدر المُستطاع.

وكان وصول حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال، التي يرأسها د.معين عبد الملك، وتظم (24) وزيرًا مقسمة بين الشمال والجنوب، لبدء مهامها رسميًا، وإخراج الموطن من بوتقة الأزمات، إلا أنهُ حدث العكس، فقد زادت الأزمات في ظل وجود الحكومة في مقرها بقصر المعاشيق في العاصمة عدن.

وكان من المفترض أن تُعد الحكومة خطة مُحكمة تساهم في إنقاذ المواطن الجنوبي مما يعيشه من أزمات مُفتعلة منذ ما بعد حرب الحوثيين ونظام صنعاء الهمجي في مارس / آذار 2015م.

وشهدت العاصمة الجنوبية عدن، خلال الأيام الماضية، أزمات حادة منها: انعدام المشتقات النفطية، وانطفاءات في التيار الكهربائي، والعجز عن تسليم المرتبات، وتدهور العملة الذي صاحبه ارتفاع في أسعار المواد الأساسية والاستهلاكية، وانعدام المياه، وغيرها من الأزمات التي ظن المواطن الجنوبي أنها غادرته إلى الأبد لا سيما وأن أرض الجنوب غنية بالثروات النفطية والمعدنية والسمكية والزراعية وغيرها.

 

الحكومة بلا ديزل ولا مرتبات!

ودأبت حكومة المناصفة على توزيع الوعود "الكاذبة"، فمنذ أن وطئت أقدام الوزراء أرض عدن لم يلحظ المواطن أي أعمال ملموسة من شأنها تحسين الوضع المعيشي المتدهور.

وتُشير الأزمات المعيشية التي ضربت المواطن بالعاصمة عدن في ظل عجز حكومي كبير إلى تداعيات كبيرة من شأنها أن تحدث تصدعًا كبيرًا في الفترة القادمة.

وعانت العاصمة عدن خلال اليومين الماضيين أزمة خانقة في المشتقات النفطية، وانعدامها في المحاط (الحكومية، والخاصة)، الأمر الذي أجبر المواطنين على اللجوء إلى أسواق السوداء التي تستغل الأزمات برفع أسعار المشتقات إلى ضعف الضعف للسعر الحقيقي.

ويقول سياسيون: "إن الحكومة أصبحت بلا ديزل ولا مرتبات!". في إشارة إلى انتقاد ساخر للحكومة التي لم تسعَ بجدية لتجنب الأزمات، بل إن صمتها وعجزها ساعد على تفاقم الأزمات.

وأضافوا، في تصريحات متفرقة لـ "الأمناء"، أن "الحكومة برهنت عجزها منذ الأيام الأولى لها في عدن، حيث لم تقم بإعداد خطة عملية تساعد في انتشال الوضع المأساوي للمواطن، أو على أقل تقدير الحفاظ على ما حققه المحافظ لملس من توازن منذ توليه مهمة العاصمة عدن".

وأشاروا إلى أن "الحكومة عليها مهمة إعادة الهدوء وبسط الاستقرار في الجنوب، غير أنهُ لا توجد أي بوادر لذلك، بل إن الأزمات ظهرت بشكل كبير في الجنوب مع وصول الحكومة للعاصمة عدن".

 

حكومة عاجزة عن دفع المرتبات

ووضع السياسيون تساؤلًا في غاية الأهمية مفاده "لماذا عجزت الحكومة عن دفع المرتبات؟"، حيث أجابوا بالقول: "إن الحكومة عجزت عن دفع المرتبات لافتقارها لأي خطة مالية، حيث كان بالإمكان استغلال موارد الجنوب، التي يتم نهبها، في دفع المرتبات المتوقفة منذ أشهر، بالإضافة إلى تحويل مرتبات الوزراء من العملة الصعبة إلى العملة المحلية، حيث تستهلك مرتبات الوزراء مبالغ طائلة، وسببت عجزًا كبيرًا".

وتابعوا: "كما أن عجز الحكومة على عدم وضع حلول أمام تدهور العملة المحلية أحد أهم أسباب عدم قدرتها على دفع المرتبات الحالية، والمتأخرة منذ أشهر عديدة".

وأكدوا أن "قضية انهيار العملة المحلية في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب المحررة تُعد قضية سياسية بامتياز، الهدف منها مواجهة الجنوبيين وإجبارهم على تقديم التنازلات، بالإضافة إلى القضاء على طموحاتهم في استعادة دولتهم الجنوبية على كامل ترابها الوطني المتعارف عليه دوليًا (على ما قبل 21 مايو / أيار 1990م)".

واستبعد السياسيون، في تصريحاتهم لـ "الأمناء"، نجاح إخضاع أبناء الجنوب من خلال افتعال الأزمات، أو إجبارهم على ترك هدفهم الأساسي المتمثل باستعادة دولة الجنوب، مشيرين إلى أن "الجنوبيين قدموا آلاف الشهداء والجرحى في سبيل استعادة دولة الجنوب، ومن المُستبعد أن يتنازلوا عن هذا الهدف مهما كانت شدة الأزمات، وضراوة حرب الخدمات".

 

نافذون بالشرعية يسعون لإفشال الحكومة

وحمّلت نخبة سياسية حزب الإصلاح كل الأزمات التي تحدث في الجنوب عامة والعاصمة عدن خاصة، إلى جانب تخاذل وعجز الحكومة على إيجاد حلول جذرية.

وقالوا: "إن مخطّطات حزب الإصلاح تسير في اتّجاه معاكس تماما لغايات التحالف العربي، حيث تمثّل تحرّكات الإخوان وتحشيدهم العسكري واستيلاؤهم على الموارد الاقتصادية وإفشال حكومة المناصفة وإعادة عدن وشبوة وأبين وغيرها من محافظات الجنوب إلى مربّع الصراع الدامي الذي جاء اتفاق الرياض لوقفه".

وأجاب السياسيون عن التساؤل (لماذا يحاول نافذون بالشرعية اليمنية إفشال الحكومة؟) بالتأكيد على أن "الشرعية اليمنية، التي يسيطر عليها حزب الإصلاح (ذراع الإخوان في اليمن)، تسعى إلى إفشال حكومة المناصفة التي انبثقت عن اتفاق الرياض الموقع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية في 5 نوفمبر / تشرين الثاني 2019م، برعاية سعودية خليجية، وتأييد إقليمي ودولي، كون الاتفاق لا يخدم مصالحها".

واعتبروا أن أحد أدوات إفشال اتفاق الرياض هو إفشال الحكومة في مهامها، غير أنهم أكدوا أن ذلك لا يعني تبرئة الحكومة التي يجب أن تتحرك للحيلولة من الأزمات المُفتعلة في الجنوب - حد وصفهم.

 

أين تذهب موارد النفط؟

ويمتلك الجنوب - الذي يقع جغرافيًا في جنوب غرب آسيا, في جنوب شبه الجزيرة العربية في المنطقة الممتدة من باب المندب وخليج عدن غربًا حتى حدود سلطنة عُمان شرقًا، ويحده من الشمال الجمهورية العربية اليمنية، والمملكة العربية السعودية، ومن الجنوب بحر العرب، ومن الشرق سلطنة عُمان، ومن الغرب البحر الأحمر، وتوجد لدى الجنوب عدد من الجزر تنتشر قبالة سواحله على امتداد البحر الأحمر والبحر العربي وأكبر هذه الجزر جزيرة سقطرى والتي تبعد عن الساحل على البحر العربي (150) كيلومتر تقريبًا - ثروات نفطية ومعدنية وسمكية وزراعية هائلة.

وكان متوقعًا أن تمارس حكومة المناصفة أدوارها التنموية والإدارية والاجتماعية لتحسين الأوضاع المتردية في البلاد، غير أن وجود عدد من وزراء الإخوان سيعرقل مهامها، لتنخرط بشكل أكبر في الصراع التاريخي للشمال على مقدرات الجنوب، ولعل تفكير الحكومة بيع ما لا تملك من نفط الجنوب، أو على الأقل رهنه كضمانات لقروض دولية، يؤكد أنها ستكون أسيرة توجهات الإخوان.

وأكدت مصادر مطلعة أن "مليشيا الإخوان تسعى للسيطرة على نفط الجنوب لتحقيق أكثر من هدف، إذ أن ذلك يمنحها قدرة على تمويل جهودها الحربية التي تضررت بفعل فساد الشرعية الإخوانية على مدار السنوات الماضية، إضافة إلى أن السيطرة على نفط الجنوب تؤدي مباشرة إلى تفاقم الأوضاع المعيشية في محافظات الجنوب المحررة". مشيرةً إلى أن "ذلك هدف مباشر لمليشيا الإخوان لتسهيل مهمة سيطرتها على خيرات الجنوب".

وقالت: "إن مليشيا الإخوان حركت حرب النفط منذ أن رأت حكومة المناصفة النور، فمنذ ذلك الحين لم تتوقف أزمات النفط والوقود في محافظات الجنوب التي تقع أغلبها تحت إدارة سلطات محلية تابعة للإخوان".

فيما يتساءل الشارع الجنوبي: عن أين تذهب ثرواتنا ومنها الثروة النفطية في ظل الأزمات التي ضربت الجنوب سابقًا ومؤخرًا؟

بدورهم، قال سياسيون، في تصريحات لـ "الأمناء"، إن الثروة النفطية التي يمتلكها الجنوب قادرة على إنهاء كل الأزمات، غير أن هناك لوبي فساد ينهب هذه الثروة النفطية، ويعمد إلى تجويع شعب الجنوب، وإذلاله.

وأضافوا: "حرب النفط ضد الجنوب تُعد أحد أدوات مليشيا الإخوان لعرقلة اتفاق الرياض، وهي أداة تختلف عن المواجهات العسكرية المباشرة التي يعد الارتكان عليها خرقًا مباشرًا للاتفاق، الأمر الذي يتطلب تدخلا حازما من التحالف العربي".

واختتموا أحاديثهم بالقول: "الإخوان لجؤوا إلى أساليب غير مباشرة لشن حروب مختلقة ضد الجنوب ليس من خلال الهجمات العسكرية المباشرة ولكنها تمهد لشن حرب جديدة ظهرت معالمها بكثرة خلال الأيام المقبلة".

 

سخط شعبي والحكومة في مأزق

وشهد الشارع الجنوبي سخطًا كبيرًا ضد الحكومة لعجزها عن احتواء الأزمات الخانقة في الجنوب.

وتظاهر عدد من العسكريين، أمس، أمام قصر معاشيق لمطالبة الحكومة بصرف المرتبات المتوقفة منذ ستة أشهر.

فيما تظاهر عدد من المواطنين في شوارع العاصمة عدن تنديدًا بالأزمات المتوالية.

بدورهم، أكد مراقبون أن الحكومة أصبحت في مأزق من خلال ما يشهده الشارع الجنوبي من هيجان ضدها.



شارك برأيك