لم يتأخر المشهد المضطرب في لبنان عن الظهور خلال الساعات الـ24 الماضية، بعد أن خيمت أجواء قاتمة على المشهد السياسي والمسار الحكومي، أعادت ملف تشكيل حكومة جديدة في البلاد إلى ما بعد رأس السنة الذي سيطل على اللبنانيين مثقلاً بالملفات والأزمات، من الفراغ الحكومي، إلى استكمال التحقيق في انفجار المرفأ، إلى قرار وقف الدعم عن السلع الأساسية.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الخميس، فإن المعطيات المتجمعة، لاسيما عقب الاجتماع الرابع عشر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تؤكد ترحيل تأليف الحكومة بما يشي أن أطرافاً داخلية قد تنتظر الضوء الأخضر من الخارج لتنفيذ بعض الأجندات الإقليمية.

أجندات إقليمية

فسّرت مصادر سياسية لصحيفة "العرب" اللندنية، ظهور عقبات جديدة تعترض تشكيل حكومة تضمّ وزراء اختصاصيين برئاسة سعد الحريري، برغبة إيران، عن طريق حزب الله، حليف رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل، في تأخير تشكيل الحكومة.
وذكرت المصادر أن مطالبة رئيس الجمهورية بأن تكون وزارتا الداخلية والعدل من حصّته أثارت تساؤلات لدى الحريري عمّا إذا كان ميشال عون جاداً في تشكيل الحكومة أم أن هدفه إضاعة الوقت استناداً إلى رغبات حزب الله، من أجل السيطرة على القطاعات الأمنية في البلد من جهة والتحكّم بالقضاء من جهة أخرى، أو ربما لكون إيران إيران تفضل الانتظار إلى ما بعد العشرين من يناير (كانون الثاني) المقبل كي تُظهر لإدارة الرئيس جو بايدن، مباشرة بعد دخوله البيت الأبيض، أنّها تضع ورقة لبنان في جيبها وتتحكّم بأدقّ التفاصيل في هذا البلد.
خلاف قائم
وفيما نقلت صحيفة الشرق الأوسط عن سعد الحريري حديثه عن "الثقة المفقودة" التي أجلت الحكومة، أشارت صحيفة "القبس" الكويتية إلى أن عناصر تأليف الحكومة لم تكتمل بعد، وأنه يمكن للبنانيين اللذين ينهشهم القلق جراء تدهور أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية أن ينتظروا حلولاً ومعالجات إلى ما بعد الاتفاق على إعادة توزيع الحقائب.
وتضيف المصادر أن "الأمور لا تزال معقدة على الرغم من نية لدى الرئيسين عون والحريري بولادة الحكومة سريعاً"، مشيرة إلى أن "الضوء الأخضر الدولي لم يعطَ لولادة الحكومة وهناك فيتوهات تعيق التأليف".

الموت واحد

وعّبر يونس السيد في صحيفة "الخليج" عن وضع لبنان الحالي بالقول، إن "لا البحر قادر على تأمين الهجرة وترك الوطن لطبقة سياسية فاسدة تتلهى بحساباتها الذاتية وأنانيتها المفرطة لعلها تكتشف أنها تعيش وحدها على أرض مقفرة، ليعيد البحر جثث من تجرأ على الاحتجاج بالبحث عن مكان آخر أكثر أماناً إلى شواطئ البلاد مذكراً بهول المأساة. ولا البر قادر على تأمين لقمة العيش لأغلبية الشعب الذي أصبح تحت خط الفقر، وهو ينتظر تحديد مصيره على يد هذه الطبقة الفاسدة، وكأن الغرق أو الموت أصبح مسألة وقت لنهاية محتومة من دون أي مراسم عزاء أو حتى موسيقى، كما يحدث في المناسبات الرسمية، أو على غرار تلك الموسيقى التي كانت تصدح قبل اصطدام السفينة "تيتانيك" بجبل الجليد".

ويضيف قائلاً: "من المؤسف أن يتحول بلد كان ذات يوم يقرض الكثير من دول العالم إلى دولة تستجدي المساعدات الخارجية، ومن المؤسف أكثر أن تتحول مجرد عملية تشكيل حكومة في هذا البلد إلى قصة «ألف ليلة وليلة» من دون أن يرف جفن للطبقة السياسية للحال التي وصل إليها الشعب اللبناني، والانهيار الشامل للبلاد، والبقاء في عالم الحسابات الضيقة والمحاصصة والعالم ينتظر ويضغط من أجل الإصلاحات، لكن الأهم هو أن الشعب اللبناني الذي ينتظر انتشاله من الغرق لم يعد يثق لا بالحكومة الجديدة، إن شكلت، ولا بالقوى والجهات التي توافقت عليها ما دام النظام السياسي القائم على حاله".

كباش "الحصص"

وكتبت صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية تقول: ب"نمطية مملّة ونغمة ممجوجة تعيد تكرار الأسطوانة المقيتة نفسها مع كل استحقاق حكومي، تتواصل مسرحية التأليف فصولاً على متن "التايتانيك" اللبنانية، وتواصل أوركسترا السلطة الضرب على وتر المحاصصة تحت قيادة مايسترو حاكم متمرّس في العزف الشاذ من خارج "نوتة" الدستور في عملية تشكيل الحكومات، على إيقاع يعلي المصالح الشخصية والسياسية على مصير البلد وأبنائه".
وأضافت "ما كان اللبنانيون ينتظرونه من عيدية موعودة عشية الميلاد، أتتهم بالأمس على شكل "مفرقعات نارية" تقاذفتها مصادر بيت الوسط (الحريري) وقصر بعبدا (عون) لتتحول تحت وطأتها "العيدية" من مناسبة لتبادل التهاني بالتأليف إلى تبادل للاتهامات بالعرقلة بين "وطاويط القصر" و"الغرف السوداء"".