آخر تحديث :السبت 20 سبتمبر 2025 - الساعة:16:44:13
ثرثرة_فوق_الخور/ محمد حسن بالحمان / دارس لغة انجليزية
(الامناءنت/كتب / رامي بن علي الحاج)

تعرفت على الطالب محمد ( 19 عاما) وسط ركام من اللامبالاة وعدم الإهتمام بالتعليم لدى الشباب في مجتمعنا، وكأني عثرت على إبرة في كومة القش البعيد عن اللغة الإنجليزية،، عثرت عليه وسط آلآف الألسن المعقودة بعُقد نفسية تجاه هذه اللغة ! بل إنها تنظر إليها كـ لغة تنتمي إلى كوكب آخر غريب وبعيد !، بينما هي أقرب إلينا من حبل الوريد .  
... عندما تجلس إلى محمد ترى الذكاء بين عينيه، وتلحظ انسياب اللغة بين لسانه وشفتيه،، يقلّب كلماتها ويلوك حروفها بكل سلاسة وأريحيّة ، وكيف لايكون له ذلك وهو من شباب مديرية الضليعة - القريبة من دوعن - هذه الضليعة التي ترسل إلينا أفواجاً من الدارسين في كل المراحل، وتواجدهم ملحوظ في المكلا وما بعد المكلا ، وعليه فلا غرابة أن ظهر منهم المدير والسفير والمحافظ والوزير ،،، نعود ونقول صحيح أنه يوجد كثير من الدارسين للغة في المعاهد هنا بالمكلا ، ولكن هذه اللغة تملّكت (محمد) وشغفته حُبّا، لذلك طلبت منه أن يتفضل بالإجابة عن بعض أسئلتي في جلسة على خور المكلا :

س - من دفعك إلى حب هذه اللغة ودراستها؟ 
ج - البداية كنت في مستوى أول بثـانـوية الشهيد محمد الدرّة بالضليعة ، وكان هناك زميل لي ماشاء الله عليه مبدع في اللغة الإنجليزية أسمه محسن بفلح ، وأحببت أن أقتدي به وطلبت منه المساعدة فقال لي إحفظ كلمات واقرأ ثم ستحب اللغة وإذا أحببتها ستبدع فيها ، وبالفعل كانت هذه البداية حيث نفذت ما أوصاني به ، وفي الإجازة بعد المستوى الأول حفظت حوالي 3000 كلمة وأتقنتها كتابة ونطقاً ، والشكر يعود كذلك للأستاذ سالم باكريم الذي كان مدرسي ومحفزي في مستوى أول ثانوي .  

س - جميل ولكن هل حفظ الكلمات كان كافيا للوصول إلى الهدف ؟ 
ج - بالطبع هذا غير كافي ولذلك في المستوى الثاني والثالث أجتهدت في تحسين مستواي في قواعد اللغة وأصبحت قادر على تركيب الجُمل من مخزون الكلمات التي لدي وكنت أشجع نفسي بنفسي ولا أقدّم الأعذار لأن لا أحد يتحدث بها حولي بل كنت أتحدث مع نفسي ( self study )، وكل ذلك كان عندما أنتقلت لإكمال المستوى الثاني والثالث في ثـانـوية الخـريـبـة الأهلية بدوعن وقد جعلني هذا الصرح التعليمي أحب اللغة أكثر وأصبحت قادراً على التحدث بنسبة 50% بفضل الله ثم بفضل مدرسَين هناك هما الأستاذ عمر بابقي والأستاذ حامد الجيلاني ، ثم انتقلت إلى مدينة المكلا ودرست دورة المحادثات باللغة الانجليزية لدى د.علاء الجابري ( معهد كايزن ) والتي خرجت منها بحوالي 3500 كلمة متقدّمة ، والحمدلله الآن لدي مخزون كبير من الكلمات ولن أتوقف بل كما قطعت على نفسي وعدا سوف أنفذه وفي أقرب وقت إن شاء الله وهو أن أحفظ القاموس كاملاً .

س - ؟ كنت ذكرت لي أنك تحب الترجمة الفورية ، هل هذا هو الغاية من تعلّم اللغة ؟ 
ج  - الترجمة الفورية هي رغبة  فقط أما الطموح والغاية هو دراسة العلاقات الدولية .  

س - ماهو مجال هذا التخصص وماهي موضوعاته وماالذي يعجبك فيه ؟ 
ج - أحببت هذا التخصص كونه يجمع بين أمرين مهمين أستمتع بهما كثيراً ، الأول اللغة الإنجليزية وثانياً العلوم السياسية الحقيقية ، وما أنبعثت هذه الرغبة لدي إلا لكوني أرغب التحدث بأكثر من لغة في المستقبل ، ومجال هذا التخصص هو العمل في السلك الدبلوماسي كسفير أو مبعوث مثلا . 

س - أين يمكن دراسة تخصص العلاقات الدولية ؟ هل هو متوفر في بلادنا ؟ 
ج - بكل تأكيد في الخارج كون هذا التخصص لا يوجد في بلدنا الغالي الذي ينقصه الكثير، ولكن مع ذلك فالإصرار  موجود ، والعزيمة يجب أن تتوفر في كل مفصل من مفاصلنا ولن نتخلى عن أهدافنا وطموحنا مهما كان حجم الصعاب التي تقف أمامنا . 

  س - ذكرت أنك ترغب في التحدث بأكثر من لغة ! هل لديك عشق آخر غير الإنجليزية ؟ 
ج - أنا حاليا أقوم بتحضير التوفل في الإنجليزية وسأبدأ بدراسة اللغة الفرنسية للمبتدئين قريباً إلى جانب عشقي ومحبتي الكبيرة للإعلام  . 

س - على ذلك أتوقع أنك تعرضت لنوع من التنمر أو الإستغراب سواء في الضليعة أو هنا بالمكلا ،، إستغراب من النوع الذي يشعرك أنك أتيت من كوكب آخر وأنت تتحدث لغة أجنبية في الشارع مثلا ، أليس كذلك ؟

ج -  طبعاً الشخص ذو الأحلام الكبيرة لا يتأثر بكلام الناس فالبعض قد يحطّمك لأنك مبدع في شيء معين ، هنا أحاول أن أتعامل مع هذه العقليات بهدوء حذر (وإستقطبهم من نقاط ضعفهم ) بقدر المستطاع لأجل الكف عن استغراب ما تقوم به لأجل الوصول لهدفك ، فإن لم تحصل جدوى فأعتبر ذلك الشخص كالورقة التي يبست من أغصان الشجر وآن وقتها لكي تسقط على الأرض نهائياً . 

س - ماذا تقصد بـ ( أستقطبهم من نقاط ضعفهم ) ؟
ج - تبحث عنهم مثلاً في ماذا هم مبدعون ، وتحاول أن تساعدهم وتشجعهم وهذا التجربة أنا شخصياً خضتها مع هولاء الأشخاص ونجحت فعلاً ..
الأمر الثاني : أن لا أشوف نفسي عليهم بل يجب علي أن أشعرهم أنهم هم الأفضل وأنني مهتم بهم ، فأفضل شي أن تكون محبوباً بين الجميع ، ولو أن عبارة ( لا يمكنك أن تكون ناجحاً إذا لم تجد معارضاً لك ) صحيحة ، لكن تذكّر أنّ هناك عبارة أخرى تقول ( الناجحون هم الذين يسعدون من حولهم ) وبالتالي أعمل موازنة ( Balance ) بين كلا العبارتين حتى تصيب هدفك بدقة عالية
 ( You aim should be achieved by this way or another  )

س - أنا فخور بك يامحمد وبأمثالك من الشباب الذين يطلبون ويتسلحون بالعلم ولايعبأون بالظروف والصعاب وأريد منك تمرير كلمة أخيرة للشباب وخصوصا دارسي اللغات الأجنبية ؟ 
ج - نعم أود أن أقول : دائماً عندما تريد أن تتعلم لغة أنظر إلى الأهداف بعيدة المدى التي تحفزك وتشجعك على الإهتمام باللغة ، مثل ... كم سأكون مفتخر بنفسي وكم سيكون أهلي فخورين بي عندما يروني في مكان ما أريد الوصول إليه فحينها تتولد لديك الرغبة المشتعلة وتتحرك الدوافع والبواعث النفسية التي بداخلك لتدفع نفسك للامام .. لكن أهم من كل هذا هو الإستمرار ، فإذا انقطعت حتى ثلاثة أيام من حفظ كلمات أو قراءة اللغة فبالتأكيد ستملّها وتفقد الرغبة تجاهها . 
( إنتهى الحوار )

... في الأخير أقول أني مانشرت هذا الحوار إلا لغرض إيصال رسالة مهمة بسبب الضعف العام والملحوظ في اكتساب اللغات لدى شبابنا ومجتمعنا ككل ، فهاهو (محمد) الذي يعيش في بيئتنا ويدرس في مدارسنا ، انظروا إليه أين وصل وإلى أين سيصل ، فلايعتذر أحد لنفسه بسبب ظروف التعليم، فالمعلومات أصبحت مشاع للجميع بفضل الإنترنت وثورة المعلومات، فمن لديه الرغبة والعزيمة فلن يعدم الوسيلة ولن الحياء في طلب واكتساب العلم .


#
#
#
#
#
#

شارك برأيك