آخر تحديث :الجمعة 27 ديسمبر 2024 - الساعة:01:02:13
صحيفة : تغييرات المنطقة لم تعد تسمح باستعادة سياسة أوباما المداهنة للإخوان وإيران
(الامناء/العرب:)

بدا حماس الإخوان المسلمين كبيرا لتقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن في نتائج الانتخابات الأميركية، كما لو أنهم يريدون إحياء تجربة الرئيس السابق باراك أوباما التي لعبوا خلالها دورا لافتا من خلال موجة “الربيع العربي”، فيما يقول مراقبون إن بايدن ليس أوباما، وإن مشروع استخدام الإخوان قد ذهب مع أوباما بلا رجعة.

ومثلما احتفى إعلام الإخوان المسلمين بنتائج بايدن، فإن الإعلام الإيراني والإعلام الموالي لطهران أظهرا تفاعلا لافتا مع نتائج المرشح الديمقراطي، ليس فقط نكاية في منافسه دونالد ترامب الذي أحكم الحصار على إيران ومنعها من تصدير النفط، ولكن على أمل استعادة الحظوة التي حصلت عليها في حكم أوباما.

ولم يخف نشطاء وإعلاميون موالون للإخوان المسلمين في مصر وتونس واليمن ودول الخليج دعاءهم لبايدن بالفوز، كما تولّوا نشر أنباء تقدمه في النتائج بمختلف الولايات لحظة بلحظة، وسخروا من تصريحات ترامب وحديثه عن التزوير واللجوء إلى المحاكم، وكأن بايدن مرشح الإخوان المسلمين وليس مرشحا للديمقراطيين.

وباتت وسائل إعلامية إخوانية أو داعمة لهم تضع قوائم للمكاسب المنتظرة من فوز بايدن مثل الضغط على القاهرة لإطلاق سراح قادة الإخوان المحكومين في قضايا تتعلق بالإرهاب والتآمر على أمن مصر، وكذلك الضغط على دول المقاطعة الأربع لإعادة العلاقة مع قطر.

ومنذ البداية لم يخف الإخوان انحيازهم لبايدن وقدموه في صورة نصير الإسلام والمسلمين، وأنه يستشهد بالأحاديث النبوية، ومعارض شرس للإسلاموفوبيا. كما تولّت جمعيات أميركية، مثل “إسنا” و”كير”، محسوبة على الإخوان المسلمين أو قريبة منهم، بالترويج لانتخابه بين المسلمين على نطاق واسع، وشاركوا في حملته الانتخابية على مستويات الولايات وعلى المستوى الوطني.

ولا ينظر الإخوان فقط إلى المنافع التي سيحصلون عليها أميركيا من خلال “شراكتهم” مع بايدن مثل الحصول على مواقع استشارية وتثبيت نفوذهم داخل الجالية، وكفّ أعين الرقابة على أنشطتهم الدعائية والمالية، ولكن يخططون لتحصيل مكاسب للجماعة الأم وفروعها خارج الولايات المتحدة.

وسيكون الهدف الأول الحصول على دعم من إدارة بايدن، فيما لو تم إقرار فوزه بشكل نهائي، للضغط على مصر، وخاصة الرئيس عبدالفتاح السياسي الذي لم يتوقفوا عن التحريض عليه، وكذلك فك التضييقات عن حماس وتسهيل حصولها على التبرعات والهبات التي يجمعها الإخوان وجمعياتهم المختلفة لفائدة الحركة المصنفة أميركيا كمنظمة إرهابية.

لكنّ مراقبين يقولون إنه من الصعب أن يحصل الإخوان وداعموهم، خاصة قطر، على المزايا التي تمتعوا بها في فترة أوباما لوجود تغييرات كبيرة في المنطقة، من ذلك أن السيسي الذي يريدون التضييق عليه بات عنصرا فاعلا في ترتيبات الأوضاع بملفات المنطقة مثل الملف الليبي أو الفلسطيني أو السوداني، وفي مسار السلام الجديد بين إسرائيل والخليج.

كما أن بايدن لم يتكلم بعد بصفة رسمية لمعرفة إستراتيجيته في الشرق الأوسط، والتي ستراعي مصالح الولايات المتحدة ولن تتعارض مع التغييرات في المنطقة إرضاء للإخوان أو لقطر أو غيرهما، فضلا عن أن أولويات بايدن ستكون باتجاه الداخل الأميركي وترتيب الأوضاع على ضوء التوازنات الناشئة في مجلسي النواب والشيوخ، وطمأنة الشارع الأميركي بشأن جدية الإصلاحات الاجتماعية التي ينوي تنفيذها.

وعبرت إلين ليبسون، النائب السابق لرئيس مجلس الاستخبارات، عن اعتقادها بأن بايدن سيعمل على استعادة الثقة داخل المجتمع الأميركي قبل أن يبحر في مياه الشرق الأوسط.

وكتبت ليبسون في مقال بموقع “سنديكيشن بيورو للرأي” “لا يعتبر الشرق الأوسط المكان المناسب لإصلاح التحالف، مقارنة بأوروبا وحلفاء آسيويين”، مشيرة إلى أن الرئيس الجديد سيعمل على إعادة تأسيس علاقات شخصية إيجابية مع قادة الشرق الأوسط الرئيسيين. مرجحة ألا تكون علاقته مع السعودية دافئة.

وتشكل إيران أيضا اختبارا صعبا لإدارة بايدن. كما أن مجرد استعادة التزام الولايات المتحدة بالاتفاق النووي لعام 2015 لن يكون كافياً؛ وقد يأخذ خبراء منع الانتشار النووي في إدارة بايدن زمام المبادرة ويقترحون إدخال تعديلات على الاتفاق النووي والعمل مع الحلفاء للإبقاء عليه، في حين أن سلوك إيران الإقليمي سيكون من مسؤولية المسؤولين الإقليميين في وزارتي الخارجية والدفاع.

وكان أوباما عمل خلال دورتين رئاسيتين على إعادة تأهيل إيران دوليا ومتّعها باتفاق نووي بشروط مميزة أتاح لها رفع العقوبات واستعادة الأموال المجمدة واستثمارها في تدخلات إقليمية مهددة لأمن الخليج والشرق الأوسط. ويتهم أوباما بتسهيل دخول إيران إلى سوريا وإطلاق أيدي الميليشيات الحليفة لها في سوريا والعراق واليمن.

ويعتقد دبلوماسيون ومحللون سياسيون أن الثقة التي تنظر بها إيران لفوز بايدن مبالغ فيها، مشيرين إلى أن الرئيس لا يتحرك بمفرده، وأنه سينفذ سياسات لا تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة، خاصة في ضوء تغييرات تشهدها المنطقة بظهور سعودية جديدة تبحث عن بناء علاقات متكافئة مع واشنطن، وكذلك اتفاقيات السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين، التي قد تتوسع لتشمل أكثر من دولة خليجية في المدى المنظور.

ويقول هؤلاء إن مسار السلام صار ورقة ضغط ومناورة بيد الخليجيين، فضلا عن إصلاحات جلية في مجال حقوق الإنسان والعمالة الأجنبية والمرأة والديمقراطية الداخلية، وخاصة حرية المعتقد والسماح ببناء دور عبادة لمنتسبي أديان مختلفة يعيشون في الخليج، وهي الملفات التي كان يتم الضغط بها على الخليجيين للقبول بسياسات لا تتلاءم مع مصالحهم القومية.




شارك برأيك