آخر تحديث :الجمعة 08 اغسطس 2025 - الساعة:15:19:45
من المستفيد من تأخر صرف رواتب الجيش والأمن الجنوبي ؟
تأخير صرف مرتبات العسكريين الجنوبيين .. أزمة سيولة أم سياسة إذلال !
(الأمناء / صدام محمد الردفاني :)

منذ خمسة أعوام من انتهاء الحرب وتحرير المحافظات الجنوبية ومنها العاصمة عدن ، والحكومة اليمنية تمارس أعمالها  عبر البلوتوث تارة من الرياض وتارةٍ من  قصر المعاشيق ،  وحتى اليوم لم تفلح الحكومة من إعادة شرعيتها السيادية التي سُلبت منها بالبندقية .

فلا بنك مارس تعاملاته النقدية ولا كهرباء أنارت ولا شوارع سفلتت وظلت حكومة بجسدها في عدن وروحها في الرياض

خمسة أعوام وأبسط اعمال الحكومة صرف مرتبات قوات الجيش والأمن التي تأتي سيولتها عبر طبعات خارجية تكدس بها البلد لكنها عجزت وغضت الطرف عن اعطاء المواطن الشيء اليسير لكي يسد به رمقه كأقل واجب  فرض عليها .

الحكومة ومهدئات المعدة

ظلت الحكومة اليمنية طيلت الخمس السنوات الماضية تلمع قراراتها التي تأتي منتصف الليل عن توجيهات من قبل رئاسة الوزراء بصرف رواتب الجيش والأمن ، وكان القرار بمثابة انجاز  كبير تنظر له حاشية الحكومة وملمعيها ، وتصورها للعامة على أنه عمل " جبار  " ينبغي للمواطن أن يشكر ويثني على الحكومة مقابل توجيهاتها بصرف رواتب الموظفين   .

 

  تعاملت الحكومة خلال رئاسة / أحمد عبيد بن دغر لها مع ملفات الخدمات  في المناطق الجنوبية  كنوع من  "  الابتزاز السياسي "  وشهدت فترة حكمة (تسيس صرف الرواتب ) مقابل معارك جانبية تجنيها تلك الحكومة مع خصومها ، وبذلك عملت الحكومة على توسيع نطاق ابتزازها ليشمل  "سرقة الماء  من أفواه  المواطنين كما وصفها محافظ عدن المفلحي الذي استقال بعد عدة أشهر من توليه منصب محافظ محافظة عدن في تلك الفترة ".

فحكومة بن دغر ظلت تمارس سياسة "  تهدئة المعدة "  من خلال صرف راتب وتأخير صرف الاشهر المتبقية لعدة أشهر  ، وظلت  تواعد منتسبي الجيش والأمن  بأنها سوف تصرف المتأخرات  " كمخدرات تمارس ضد منتسبي القوات الجنوبية الذين أفنوا حياتهم في الخدمة العسكرية واملهم بأن مستقبلهم سوف يتحسن بعد ما تم القضاء على نظام صالح الذي مارس سياسة التفريق والعنصرية ضدهم كونهم يمثلون جيش الجنوب  الذي تم مصادرة قراره ، ونهب مقدراته وهيكلة  مؤسساته  الذي دفع فيها منتسبي القوات الجنوبية  المسلحة ثمنا باهضًا  مازالت تداعياتها راسخة  في الأذهان حتى اللحظة  "  فالحكومات  الحالية المنبثقة  ما بعد الحرب  مازالت تمارس سياسة الإذلال بنفس الاسلوب وبوتيرة عالية وهذا ما يفسر بأن ما وراء  الاكمة  ما وراءها  .

وجاءت حكومة معين

بعد حكومة عبيد بن  دغر التي مازالت مدينة للعسكريين اكثر من سبعة أشهر ، جاءت حكومة  / معين عبد الملك  التي ظلت حبيسة قصر  (معاشيق )  لكنها حاولت أن تكون افضل من سابقتها ، ووعدت بصرف رواتب العسكريين كل شهر ؛ وهذا الوعد بمثابة العمل الوحيد الذي  بدأت به ولم توفي به  حتى اللحظة ، بل إنها ما لبثت في الاستقرار في عدن حتى جاءتها الأعاصير التي بداء بها المجلس الانتقالي الجنوبي لطرد الحكومة من عدن بعد أحداث الجلاء الدامية التي راح ضحيتها أحد أهم رمزية  عسكرية جنوبية واهم قائد عسكري للانتقالي /منير اليافعي الذي اتهم فيه الانتقالي طرف في الحكومة بمقتلة ، وهذا الحدث الذي غلب الموازين وحرك الامور الى التصعيد بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي والتي  مازالت تداعياته تلغي بظلالها  حتى اللحظة رغم توقيع اتفاق  " الرياض "  الذي وقع بين الطرفين في ال 5 من نوفمبر من عام 2019 م.  والذي يقضي أحد أهم بنوده ضرورة صرف رواتب العسكريين الجنوبيين بالكامل دون تسويف أو مماطلة .

اعتصام العسكريين "محلك قف "

في الـ(5) من  يوليو من العام  الجاري بدأ العسكريين الجنوبيين اعتصامهم المفتوح أمام مقر التحالف العربي في العاصمة عدن .

ستة أشهر منذ بدء الاعتصام المفتوح لانتزاع حقوقهم المشروعة دون جدوى فلا شرعية استجابة  للمعتصمين ولا تحالف تفاوض مع العسكريين ,وما زال المعتصمين في خيامهم التي نصبوها من أجل انتزاع ابسط حقوقهم المشروعة ، لكنهم قد يلجؤون إلى التصعيد لنيل مطالبهم وانتزاعها وهذا ما  بدا واضحا من خلال تصعَيدهم الجديد الذي شل حركة ميناء الزيت في عدن ، وتوقفت القواطر المحملة بالمازوت في الميناء عندما تم منعها من الحركة ، وهذا ما شل حركة الشارع  الذي إصابة الشلل التام في أول تصعيد خارج خيمة الاعتصام .

التحالف يتنصل ويرمي الكرة في ملعب الشرعية

التحالف العربي من جانبه قال أن مسألة صرف المرتبات ليست من اختصاصه بل هي من صميم عمل  الحكومة الشرعية اليمنية  لكنه ما لبث حتى تعهد بدفع مرتبات  العسكريين الجنوبيين على دفعات  مقابل افراج القوات الجنوبية على حاويات الأموال غير أن الحكومة نكثت بتعهدها للتحالف وقامت بصرف مرتب شهر مايو للعام الحالي ،  فيما ضلت باقي الأشهر محتجزة حتى اللحظة  ، الأمر الذي  يفسر على   وجود أزمة يعيشها التحالف  وتخبط لم يفهم مغزاه ودوافعه !! ، وقد يبدوا في الأمر أن هناك وسائل ضغط تستخدم وأوراق تحط لكل الأطراف المحلية  لكي يستقيم عليها  ، وهذا ما هو واضح .

تساؤلات مشروعة !!

ما مدى فاعلية تأخير صرف المرتبات ؟وهل دخل الأمر في مربع  المكايدات والضغوطات ؟ومن المستفيد من إطالة معاناة العسكريين الجنوبيين ؟

محللين جنوبيين تفاوتوا في تفسير الأمر  ، فمنهم من ذهب في اتهام التحالف بتعمده مماطلة صرف الرواتب لكي يضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي لتسهيل اتفاق الرياض فيما يخص الشق العسكري منه  رغم ان الانتقالي أزال كل الأعذار ونفذ كل ماعليه من التزامات بشأن تنفيذ الاتفاق .

آخرون رأوا في الأمر بانه أمر حتمي  نظرا لما تمر به البلد من حرب مازالت نتائجها المكلفة تلقي على البلد  برمته  ، خاصة عدم تصدير النفط إلى الخارج التي قالت الحكومة انها تواجه انعدام  الإيرادات  لتسهيل عملها لتقوم  بدورها  الخدمي ومنها  صرف المرتبات  العسكريين ، غير أن في الأمر ما يدحض هذا التأويل  ، فالحكومة اليمنية تبدد المليارات في مشاريع ترقيعية وفساد مستشرى ينخر  مسؤوليها  من أعلى هرم  السلطة الى أدنى مسؤول في الشرعية اليمنية .

فلو نظرنا بتمعن فالحكومة اليمنية مسيطر عليها لوبي إخواني يعمل على إفشال دور التحالف العربي خدمة لمشروع الولاية ، وكذا وجود تلك القوى السياسية التي لها تاريخ طويل من التآمر على الجنوب وقضيته والتي ترى أنها المخولة في امساك الحكم والسيطرة على مقدراته نظرا لهٌيكلهم المزعوم الذي يرى أن الجنوب فرع من الأصل لابد من الهيمنة عليه  واخضاعه تحت الرحمة  , وهناك ما يبرهن ذلك الكلام فالمليارات التي صرفت وتصرف لجيش مأرب لغزو الجنوب واحتلاله خير شاهد حتى اليوم  .!

ويرى مراقبون في تصريحات لـ"الأمناء" بأن ما يتم صرفه من خزينة الدولة على جبهة شقرة يكفي لتغطية مرتبات العسكريين ، مشيرين إلى جبهة شقرة ما زالت تستقبل الأسلحة والجنود والعتاد ؛ مؤكدين أن الأموال الطائلة التي تصرف لتلك الجبهة  تؤكد  هاجس  " الجنوبيين "  الذين يتخوفون من تأثير تلك الجبهة على ميزانية وزارة الدفاع ، وبالتالي صرف الميزانية لحرب  عبثية اصطنعها  " الإخوان  " بعد أن فقدوا  مصالحهم في الجنوب, وباتو يهرولون نحو تحرير المحرر  في الوقت نفسه سلموا  جبهات " مأرب والجوف "  للحوثيين نكاية بالتحالف "  خاصة عندما اعتمد الاخير  على الجنوبيين لتثبيت الأمن والاستقرار في المناطق الجنوبية المحررة ".

الخيارات المتاحة

في ظل المماطلة والتسويف التي يتبناها التحالف والشرعية يظل الخيار الاقرب لإنصاف العسكريين "الجنوبيين "  الاعتماد على الانتقالي الجنوبي كونه  الاقرب إليهم ويحس  بمعاناتهم ،  في المقابل لا يخفي على الانتقالي بما يعانيه جنوده " قوات الأحزمة الأمنية والنخب العسكرية وألوية الصاعقة "  التي  طالها التأخير المتعمد للرواتب من قبل التحالف لكنة يبدوا بانه  يسير نحو تأييد "  العسكريين "  المعتصمين للضغط على صانعي القرار نحو التسريع لدفع المرتبات وهوا بحد ذاته تحدي يحط مكانته وسمعته  وتأثيره على المحك (فالخيارات تبدوا صعبة ومكلفة لكنها قد تكون إحدى الوسائل التي لا غنى عنها .

فلو ظل العسكريين الجنوبيين في خيامهم بضعة أشهر إضافية  فإن الأمر لا يتغير شيء تجاه تنفيذ  مطالبهم ، وسيظل عامل "التخدير "الأمر المر الذي سئموا منه في ظل الأزمة التي يعانونها  ، وفي ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية  بشكل جنوني ..!

الخيار الصعب

_ في المقابل "  فإن التصعيد نحو تعطيل المرافق الحيوية كوسيلة ضغط قد تبدوا صعبة فالمواطن ليس بحاجة إلى المزيد من الازمات فكاهله لا يتحمل انقطاع المشتقات النفطية أو تعطيل المرافق الحيوية الخدمية "

يبقى البقاء في نقطة الاعتصام أمام مقر التحالف النقطة الضامنة والضاغطة التي سوف ترغم صانعي القرار للاستجابة للبطون الجائعة التي قد تأكل الأخضر واليابس في حال لم  يتم التعاطي معها والتجاوب مع  مطالب  أصحابها  _  فإذا ظل نفس التجاوب من الحكومة والتحالف مع المعتصمين _  فقد نرى منعطف مغاير قد يخيم ويغير من  التحالفات والتكتلات التي انبثقت مع الحرب ؛ وربما يتطور الأمر إلى الاعتماد على القوه لتلبية المطالب الحقوقية ، وهذا الأمر  بمثابة صب الزيت على النار في ظل وضع معقد ومَتشابك قد يضع المنطقة برمتها في أتون تجاذبات وانقسامات وتدخلات كلها تخدم  المشروع " المناهض للتحالف العربي "، وتساعد القوى الإقليمية المتربصة بالمملكة   للوصول إلى تحويل المنطقة إلى حقل تجارب  قد يبْعثر الاوراق التي رمى بها التحالف طيلة خمس سنوات من الحرب للوصول إلى ارتصاص  القوى المحلية إلى جانب المشروع العربي وبالتالي دخول اليمن إلى المجهول الذي يتخوف منه المواطن اليمني ولا يساعد على تخفيف التصعيد الذي سيضع التحالفات في مهب الريح  .


#

شارك برأيك