
إلى الشمال من مدينة الخوخة التابعة لمحافظة الحديدة، ووسط مزرعة نخل وارفة الضلال، ثمة بيت متواضع ومأساة.
فبعد إجبار ميليشيا الحوثي الإيرانية على مغادرة المناطق التي كانت تحتلها في الساحل الغربي لليمن انكشف الغطاء عن جرائمها البشعة بحق المدنيين، حيث لا يكاد يخلو بيت من جرح غائر أحدثته أيادي الجماعة الإرهابية.
سعود سالم (60 عاماً) أو «جدة سعود» كما يناديها أهل القرية، حفرت الميليشيا في قلبها جرحين داميين، حيث سلبت منها فلذتي كبدها وجعلتها تتحمل مسؤولية إعالة أطفالهما الأيتام لتجد نفسها ورغم كبر سنها مجبرة على العمل في مزرعة النخل التي تملكها بعدما غادرها من كان عوناً وسنداً لها في كل شيء. وسط مزرعتها الصغيرة تقف الحجة سعود وفي تقاسيم وتغضنات وجهها قصص مليئة بالحزن ترويها لـ «البيان» بحرقة ودموع أم ثكلى تكالب عليها الزمن والميليشيا.
وتقول: «كان ولداي نبيل محمد منوبي (35 عاماً) وحسين (40 عاماً) يعملان في المزرعة والبحر ويتكفلان بالإنفاق على الأسرة، وبعد تحرير القرية من الميليشيا الحوثية بداية العام 2018 كان الحوثيون يمطرون القرية بالقذائف، وفي أحد الأيام أرسلت نبيل إلى السوق لجلب حاجيات البيت، استقل دراجته النارية وذهب لكنه عاد إليّ مقطعاً في كفن أبيض، فعندما كان في الطريق استهدفه الحوثيون بقذيفة هاون أودت بحياته على الفور وتسببت بيتم ثلاثة أطفال أكبرهم لا يتجاوز الخامسة، ليقوم شقيقه الأكبر، ولدي حسين منوبي بإعالتهم ولكن خطر الميليشيا لا يزال محدقاً، وبعد 4 أشهر من وفاة نبيل كان حسين عائداً من البحر بعد رحلة صيد مضنية لينفجر به الزورق في عرض البحر ويختفي أثره تماماً، رحل حسين عنا وترك لي سبعة أطفال بالإضافة إلى أطفال نبيل الثلاثة، فلم أجد بدّاً عن العودة إلى العمل ورعاية مزرعة النخيل لأطعم أطفالي».