بدأت الأزمة الليبية بأخذ منحنى جديد، خاصة بعد ظهور خلافات داخلية مصطنعة بين أعضاء حكومة الوفاق، ورغبة تركيا باللعب بطريقة جديدة في شؤوون البلاد.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم السبت، لا يزال طريق الاستقرار السياسي بالنسبة للليبيين حافلاً بالمصاعب، فيما يرى مراقبون أن محاولات السراج لتطويق الاحتجاجات جميعها باءت بالفشل.
منحنى جديد
قال الكاتب الصحافي جمال الكشكي في مقال له بصحيفة البيان الإماراتية، إن "الأزمة الليبية أخذت منحى جديداً، فأصدقاء الأمس صاروا أعداء اليوم، فايز السراج يعزل فتحي باشاغا وزير الداخلية من منصبة للتحقيق معه، وباشاغا يرى أنه الأحق بإدارة شؤون الغرب".
وأضاف أن "هناك صراع بقاء وقوة ونفوذ، فتركيا تلعب بطريقة جديدة، تبدو غاضبة من السراج، ولم تخف ابتسامتها في وجه باش آغا، وبات الطريق إلى الاستقرار حافل بالغيوم".
وأوضح أن الذكاء السياسي يكمن في أن ينجح الليبيون بتحويل هذه الأزمة إلى فرصة للم شمل الليبيين، وعدم السماح لأي تدخل أجنبي"، مشيراً إلى أن المبادرتان اللتان تم إصدارهما خلال الأيام الماضية ربما تقودان إلى بداية انفراجة في الأزمة الليبية.
وأشار الكاتب إلى أن جميع المبادرات تضمنت رسائل عديدة، لكن ظل مطلب السلام في حل الأزمة هو القاسم المشترك بينها.
وتابع قائلاً "الواقع حتى هذه اللحظة يقول إن السيناريوهات مفتوحة، وأن الوصول إلى نتائج عملية وواقعية تحمي وتصون التراب الليبي ومقدرات شعبه، يحتاج إلى حكمة سياسية، ومصداقية من جميع الأطراف، بعيداً عن الصفقات السرية والمناورات غير الآمنة".
ميليشيات مصراتة
ومن جهتها، تساءلت صحيفة الشرق الأوسط عما إذا اقترب الموعد الذي ظلت تتحيّن له ميليشيات مدينة مصراتة طيلة 9 سنوات وأكثر؟ أم أنه لم يحن بعد؟.
ورصدت الصحيفة تخوف بعض الساسة الليبيين عقب تأزم الأمور بين فتحي باشاغا وفائز السراج، وخروج التظاهرات المؤيدة لوزير داخليته (الموقوف عن العمل مؤقتاً) في مواجهة قوات طرابلس، ظناً منهم أن الأمور مرشحة للتصعيد.
وقالوا إن "الدور الذي لعبته ميليشيات مصراتة على مختلف تنوعاتها الآيديولوجية في صد الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، عن دخول طرابلس، أصبح يصوّر لها ولغيرها الآن أنها صاحبة الفضل، وبالتالي تسارع لتتسيد المرحلة الجديدة راهنة تأسيسياً على اقتراب أمرائها من القيادة العسكرية التركية، فضلاً عن زيارتهم الأخيرة للمدينة".
وأوضح سياسي ليبي رفض ذكر اسمه لدواع أمنية، إن "خطيئة الرئيس الراحل معمر القذافي تتمثل في أنه راكم السلاح في البلاد من دون داعٍ، وشوّنه بغير حساب؛ فسقط جانباً كبيراً من هذه الترسانة المتنوعة في يد ميليشيات مصراتة، التي أجهزت عليه في مسقط رأسه سرت، وذهبت لتستقوي بسلاحها وكتائبها".
ويرى متابعون وشهود عيان في مصراتة، أن منظومة الأسلحة التي كانت تحوزها هذه الميليشيات والكتائب المسلحة منذ سنوات تطورت كثيراً في الآونة الأخيرة، بعدما دخلت أنقرة الحرب دفاعاً عن حكومة الوفاق، مشيرين إلى أنهم يرصدون صغار المسلحين وهم يتدربون على المدافع والمجنزرات الحديثة في ساحات المدينة.
ولفتت الصحيفة إلى أن مصراتة تضم تياراً مدنياً قوياً يسعى منذ سنوات إلى تغيير شكل المدينة التي تغوّلت فيها الجماعة الليبية المقاتلة، ومعها تنظيم الإخوان الإرهابي والتشكيلات المسلحة، من خلال الحوار سعياً منه إلى استعادة المدينة المخطوفة، والبحث عن حل لأزمات البلاد التي تعاني الحرب والفوضى.
محاولات فاشلة
وأما في صحيفة العرب العرب اللندنية، فقد أعلن حراك "23 أغسطس" في ليبيا استئناف مظاهراته الاحتجاجية في العاصمة طرابلس ومدن غرب البلاد، بعد توقف دام حوالي أسبوع على خلفية الأزمة بين رئيس حكومة الوفاق، واجهة الإسلاميين، فايز السراج ووزير داخليته فتحي باشاغا.
ويرى مراقبون أن محاولات السراج لتطويق الاحتجاجات التي تستهدف الإطاحة بحكومته والفساد، الذي استشرى في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق قد باءت بالفشل.
ودعا الحراك الليبيين إلى الخروج أمس الجمعة، والتجمّع بميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس، بهدف مواصلة احتجاجاتهم والدفاع عن مطالبهم بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، و للاحتجاج على إخفاق حكومة الوفاق في تسيير الإدارة ومعالجة ملفات الفساد وهيمنة المجموعات المسلحة على قرارات ومصير الدولة واستنزاف المال العام لتمويل المرتزقة.
وأكد الحراك على رفضه صرف حكومة الوفاق لأموال الليبيين على المرتزقة السوريين والعرب الذين يحاربون في صفوف ميليشيات حكومة السراج.
وتأتي هذه الدعوة لاستئناف المظاهرات ضد حكومة طرابلس، غداة إعلانها رفع الوقف الاحتياطي عن وزير الداخلية فتحي باشاغا وعودته إلى مباشرة مهامه، عقب جلسة تحقيق معه غير معلنة سبقتها بعض الإجراءات التي أراد من خلالها السراج إخماد المظاهرات لكن يبدو أنه فشل في ذلك.