آخر تحديث :الاثنين 27 يناير 2025 - الساعة:15:49:09
عـــدن .. أرض الوعــي فــي غيبوبـــة..!
()

مع مرور الوقت .. ، وفي كل يوم تغيب شمسه لُتستبدل بشمس أخرى وأمل أخر وحياة لها بداياتها ونهايتها ، تمر كل عقول البشرية على حدٍّ سواء بنفس كميات الفهم والمعرفة فليس هناك عقل لا يفكر وأخر مفرط التفكير جميعها تستخدم نفس كمية الهواء شهيقا لتطرده زفيرا على مستوى واحد لكننا نختلف في قدراتنا الفكرية والإستيعابية ، وفي كثير من الحالات تلعب الأسرة والمجتمع و وسائل الإعلام المقروءة منها والمسموعة دورا لا بأس به في تكوين محصلات تلك الأفكار والمخرجات ، وفي الحقيقة أن وسائل الإعلام في زمننا هذا تلعب الدور الأكبر فلم يعد عالمنا قرية مقفلة بل أصبح كوكب مترام الأطراف يمكنك حصره عبر شاشات الأنترنت ، ومواقع التواصل الأدبية والثقافية ، و الدورات التدريبية ، وجلسات الحوار المنتشرة،وتكمن المشكلة في حالتنا المتدهورة أن كل قنوات التواصل الثقافي التي اتيحت لنا أستخدمت بطريقة مغلوطة إما أن أحدهم أوصلها الينا بتلك الطريقة أو أنها الإختيارات الخاطئة ، أنبتت بذرة فاسدة أفسدت لاحقا كل البذور من حولها وتركت طريقنا المعرفي متعفن ، زلق ، وجيل فقد أغلب الطرق المعرفية الصحيحة ، جيل اليوتيوب ، والواتساب ، والفيس بوك ، وتويتر وغيره،كل تلك الهالة التكنولوجية كان من المفترض أن تصنع عقول اكثر دسومة ، صاحبة نظرة ثاقبة ، تعمل لتبني لا لتهدم ، لها خياراتها الأكثر نضجاً ودراية ، هذا ما أصاب المجتمع ( العدني ) تحديداً ، إذ لم يعد باديا من كل ثقافة الماضي سوى الذكريات ، والثقافة هنا هي إنما اسلوب حياة واسلوب تفكير ،عدن زاخرة بمثقفيها ، ومفكريها ، شعرائها ، وأدبائها ، والإتجاهات المعرفية المختلفة أضحت اليوم فارغة تبكي على أطلالها ضباع عرفت كيف تستغل ذلك التردِ الواضح، الغريب أن جيل آبائنا أصحاب الطفرة الثقافية والعلمية كما أجزم ، لم يستطيعوا زرع تلك الطفرة في عقول ومدارك الأجيال الجديدة ، ثم ومع الوقت أصبحوا بالنسبة لنا كنز ثمين نخاف فقدانه ، إذ أن ذلك التراث الثمين فشل في إنجاب كائنات لها نفس الجينات الثقافية ، بل واكثر من ذلك فضل ا?نكماش وا?نطواء حول نفسه وا?ستسلام عوضا عن المقاومة وفرض ذاته،حتى أولئك الشباب الذين يحاولون جاهدين الحفاظ على ما نقشه ذويهم وتجاربهم بين حنايا معرفتهم ، يجدون صعوبة كبيرة في تقبل المجتمع لهم وفهم ماهيتهم  ،عدن التي كانت وعلى مدار سنين حاضنة العلم والمتعلمين ، وصانعة الثقافة واجيال من المثقفين الذين نفخر بهم ، أضحت مجرد شوارع و(مولات) وشباب (طيحني) وعبايات أخر موضة ، والقات و(التمبل) والحبوب المخدرة من جهة ، و أخر يلبس الثوب القصير يطلق لحيته ويطلق التحريم يمينا شمالا كما يحلو لهواه حسب طولها وقصرها ، وهي الهرولة نحو المجهول للهروب من أوضاع مزرية تلقي بظلالها على حياة الناس وبفعل فاعل معلوم ، مكتباتها الفارغة تشكوا قلة مرتاديها ، تقف الكتب على رفوفها بإنضباط دون حراك ، لاتكاد تسمع او ترى غير بعضها البعض ، ورائحة أوراقها تعبأ المكان منذ إحتلالها اياه دون منازع،بل وأكثر من ذلك تجد كتب ذات قيمة تباع على أرصفة الطرقات بأبخس الأثمان ، وتجد من يتمنع عن شرائها ؟؟ فقيمتها بالنسبة له ستفيد لشيء أخر أكثر أهمية ، والوضع الإقتصادي السيء يلعب دور الحاجز الفكري بين العقل والمادة،وقد تلاحظ مرة وانت تأكل شيء ما أنه لف بورقة من كتاب قيم ودون مبالاة ، عبث غبي ، يسير بنا نحو الضياع وبسرعة مذهلة لاتعطنا حتى الفرصة في التفكير فيما وصلنا اليه ، ولا تبدو صحفها التي كانت وعلى مر سنين مورداً أساسياً في رفد الإنسان الجنوبي بكم المعلومات والقراءات والنصوص الأدبية والشعرية أحسن حال ، أصبحت هي ذاتها السبب الفعلي في تراجع ذلك المستوى ، لم تعد صفحاتها أنموذجا للمعرفة بل أضحت صفحات للمناكفات الحزبية ، وتصفية الحسابات الشخصية ، والدعاية الفارغة ، وعلى سبيل المثال حتى الكلمات المتقاطعة في كثير من تلك الصحف والتي كانت بمثابة مورد من موارد المعرفة و التثقيف فقدت قيمتها، فالمعلومات التي تحملها اليوم مجرد العاب للتسلية لاتسمن ولاتغن من جوع ، مجرد خانة تسد فراغ لابد منه، والمؤسف أن كثيرا منها يتبع أفراد وعائلات حولتها إلى جرائد تسويقية ، تسوق للأفكار وللاحاديث المتخلفة لذلك الفرد او تلك العائلة ومن تبعهم بإفساد إلى يوم الدين ، وأصبح الكتاب عليها مجرد بائعي ( Fast Food ) أوصلونا إلى عالم العبث المتعمد أحيانا وبالجهل أحيانا أخرى ، والمرء حيث أراد أن يكون ، لن يستطيع أحدهم حشرك في المكان الضيق الذي يريد ، إن أنت قررت أن يكون الفضاء برحابته موطنك  ..




شارك برأيك