آخر تحديث :الاثنين 27 يناير 2025 - الساعة:15:49:09
وكانت لنا امجاد 2 ..المسرح الوطني خرائب واطلال
()

نواصل ذكرياتنا الجميلة مع ذلك المسرح الوطني العملاق الذي يحمل معه هويتنا وتاريخنا وتراثنا المسرحي العدني العريق خلال عشرين عاما من العطاء والإبداع منذ أن تأسس في 1976م حتى عودته إلى مالكه عام 1996م.

وظل المسرح الوطني بالعطاء المسرحي وكانت تقدم على خشبته أعمالا مسرحية قوية وجريئة في مواضيعها ورؤاها الفكرية الهادفة التي كانت تعري وتنتقد بسخرية لاذعة الأوضاع السياسية المتقلبة في بلادنا وتحديدا بعد الوحدة اليمنية مباشرة.

ولأن مسرحنا الوطني مسرحا جنوبي وأكثر المسرحيات التي عرضت عليه كانت تناصر القيادة الجنوبية في دولة الوحدة مثل المسرحية السياسية الخطيرة والساخرة (دنيا فالتو) تأليف وإخراج سالم الجحوشي وتمثيل مسرح الفنانين المتحدين وكان لي الشرف في رئاسة هذا الفريق المسرحي الذي قدم أعظم المسرحيات الهادفة (يابلاشا) و (هب لنا من الديش) و(الداهوفة)...الخ.. فمسرحية (دنيا فالتو) قدمت قبل حرب صيف 1994م، المشؤومة وانتقدت القيادة الشمالية وعمليات الاغتيالات بواسطة سيارة (هايلوكس) واستهدافها لكوادر وقيادات الجنوب هنا وهناك.

وهنا نتذكر ما رواه لنا العميد علي أحمد يافعي عميد المسرح في عدن عندما كان مديرا لإدارة المسارح بوزارة الثقافة والإعلام، يحكي لنا قصة ذلك اليوم المشؤوم في تاريخ المسرح الوطني خاصة والمسرح في عدن عامة حينما أطل علينا الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بعد الحرب الأهلية الغاشمة في 1994م، وبعد انتصار الشرعية على عصابات الردة والانفصال كما يزعمون.. وقف الرئيس متبجحا على خشبة المسرح الوطني قائلا :(كان من المفترض على المسرح في عدن أن يقدم مسرحيات تدين الانفصاليين كما فعلوا أصحاب المسرح في محافظة إب وقدموا مسرحية رائعة تدين أعداء الوحدة).
وفجأة أعلن الرئيس المخلوع أمام الجمهور المحتشد في قاعة المسرح الوطني بالتواهي قائلا :(هذا المسرح يسلم لصاحبه الشرعي) فراح الجمهور يصفق بحرارة لفخامته للأسف باستثناء فناننا الكبير علي يافعي الذي وقف صارخا في وجه الرئيس قائلا :( ونحن المسرحيين فين نروح).. فرد عليه الرئيس (ع نبحث عن مكان غيره) لكن اليافعي لم يستسلم خانعا ولم يرضخ لكلامه فبادره قائلا بلهجته اليافعية الساخرة (نحن نعرف انه الدولة ماشي بتخرج حد من مكانه الا والبديل موجود)، فرد عليه الرئيس (ع يقع خير.. وه نبصر البديل).. بعد ذلك اللقاء بدأ اللعب من وراء الكواليس وبين أروقة مكتب المحافظ طه غانم والتآمر الحقير على تسليم مبنى وزارة الثقافة بما فيه المسرح الوطني لشخص يدعى جعفر المرزا المالك الشرعي حسب قولهم.

وقد حاول المحافظ طه غانم إخلاء المبنى وتسليمه لمالكه عدا الطابق الأول المسرح الوطني لم يستطع إخلاءه بسبب تواجدنا كمسرحيين واعتصامنا فيه ورفضنا تسليمه بدون البديل.. ورغم كل المحاولات الاستفزازية وأساليب الترهيب ضدنا من قبل رجال الأمن والأطقم العسكرية.. بقينا مرابطين داخل المسرح ووقفنا وقفة رجل واحد حتى تم توفير البديل وهو مسرح حافون ولنا حديث حوله قريبا وفي عام 1996م، سلم المسرح الوطني .. فها هو اليوم كما تشاهدونه مجرد خرائب واطلال.. لماذا .. انتهت حلقتنا الثانية ولكن أمجادنا لم تنته بعد.

عن صحيفة "الامناء" العدد 311

 




شارك برأيك