آخر تحديث :الخميس 16 يناير 2025 - الساعة:15:58:12
كيف علا الانتقالي وانتصر الجنوبيين وانحدر مؤشر الحوثي والإصلاح؟
("الأمناء" قسم التقارير:)

مرت الأزمة اليمنية في العام 2019م بالعديد من التقلبات التي غيّرت موازين التحالفات والقوى، غير أن الأبرز في هذا العام يتمثل في الاعتراف الدولي بالمجلس الانتقالي الجنوبي ومشاركته كطرف أساسي في اتفاق الرياض الذي جرى توقعيه في العاصمة السعودية بالخامس من نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي 2019م.

إذا نظرنا إلى النجاحات التي حققها الانتقالي الجنوبي في هذا العام فإنها تعد الأكثر فاعلية والأكثر تأثيراً على مجريات الأزمة اليمنية التي قد تجد طريقاً للحل في العام الجديد، فالانتقالي بدأ بإعادة ترتيب أوراقه السياسية والعسكرية وقدّم الدعم للقوات الجنوبية والأحزمة الأمنية باعتبارهما ذراعَي حماية الجنوب من الاحتلال.

ومن ثم انتقل الأمر إلى تنشيط الجبهة الدبلوماسية، وأضحى الرئيس عيدروس الزُبيدي أول طرف جنوبي منذ العام 1994 تتم دعوته رسميا لدى خارجية دولة عظمى (روسيا) وهو يحمل ويمثّل جوهر قضية الجنوب ويطرحها على طاولة البحث كحقيقة وحق لا يقبل إلا التعاطي معه، وتعد زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو وبريطانيا خلال شهر مارس الماضي أول بوادر الحضور القوي للانتقالي الجنوبي على الساحة الدولية.

لم يكتفِ المجلس الانتقالي الجنوبي بالتحركات الدبلوماسية فحسب، بل إنه حقق نجاحات عسكرية داخلية ساهمت في تغيير موازين القوى، وذلك بعد أن استطاعت القوات المسلحة الجنوبية طرد العناصر الإرهابية من العاصمة الجنوبية عدن في شهر أغسطس/آب الماضي، وتصدت لغزو الشمال الثالث، وأفشلت مخططات إخضاع الجنوب للتنظيمات الإرهابية مرة أخرى.

كما أن الانتقالي الجنوبي قدّم جميع أنواع الدعم للقوات الجنوبية المرابطة على جبهات الضالع، وبفضل تلك المساندة وبسالة أبناء الجنوب لم تستطع المليشيات الحوثية أن تحقق أي انتصارات تذكر في تلك المنطقة منذ عام تقريباً، بل أن مظاهر الهزيمة النفسية ظهرت عليها جراء الخسائر اليومية الفادحة التي تلقتها في تلك الجبهة.

قوة المجلس الانتقالي جعلته طرفاً فاعلاً في الأزمة اليمنية، بل إنه أضحى الطرف الأكثر دعما لجهود التحالف العربي لإنهاء الانقلاب الحوثي وحل الأزمة بشكل عام. وفي المقابل فإن مليشيات الإصلاح الإخوانية التي تهيمن على الشرعية كانت ترى أنه لا أحد ينافسها وأنها تستحوذ على التركة بمفردها.

غير أن التوصل لاتفاق الرياض أنهى جزءاً كبيراً من تلك الهيمنة حتى وإن لم يجرِ تطبيقه على أرض الواقع؛ لأن الشرعية أضحت أمام العالم أجمع لا تلتزم بعهودها وقد تتحول إلى طرف منبوذ دولياً بفعل علاقاتها مع قوى إقليمية معروفة بدعمها للتنظيمات الإرهابية، وهو الأمر الذي جعلها تخرج من إطار مساندتها للتحالف العربي إلى المعسكر الآخر الذي يضم قطر وتركيا وإيران، وإن كان ذلك يجري بصورة غير علنية لكن تحركات مليشياتها على الأرض تؤشر على ذلك.

وبالنسبة للمليشيات الحوثية فإنها أضحت تدرك أن موازين القوى العسكرية بينها وبين المجلس الانتقالي الجنوبي تصب في صالح الأخير، وبالتالي فإنها ذهبت باتجاه التحالف العلني مع مليشيات الإصلاح من أجل إنقاذ نفسها ومحاولة الحصول على أكبر قدر من المكاسب، وهي خطوة تبرهن على أن الدعم الإيراني لها أضحى غير كافٍ وأنها تعرضت لأزمات ونكبات داخلية عدة ستكون بحاجة إلى إعادة ترميمها الفترة المقبلة.

 

دلالات انتصارات الجنوبيين على الحوثي

تشهد جبهة الضالع انتصارات خالدة تُحقِّقها القوات الجنوبية على المليشيات الحوثية، حيث يُسطِّر الجنوبيون دروسًا عظيمة في الدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره، ففي أحدث التطورات الميدانية، لقي سبعة حوثيين مصرعهم وأصيب 18 آخرون، بنيران القوات الجنوبية في جبهة مريس شمالي الضالع.

وكشفت مصادر عسكرية، أنَّ القوات المسلحة الجنوبية استهدفت تجمُّعًا لمليشيا الحوثي الانقلابية في منطقتي القهرة والمنقز بجبهة مريس شمالي الضالع .

وأشارت المصادر إلى وصول سبعة قتلى و18 جريحًا من مسلحي الحوثي جراء الاستهداف إلى مستشفيات مدينة دمت والتي تسيطر عليها المليشيات.

في نفس السياق، اندلعت مواجهات عنيفة بين القوات الجنوبية وعناصر مليشيات الحوثي في جبهة الجب، حيث تمكنت القوات الجنوبية من خلال المواجهات، من التصدي للهجوم الحوثي، حيث استخدمت خلال المواجهات كافة أنواع الأسلحة الرشاشة والمدفعية المتوسطة.

الانتصارات الجنوبية المتواصلة على المليشيات الحوثية، تحمل الكثير من الدلالات، لعل أهمها أنّ الجنوب يملك قوات مسلحة قادرة على حماية الوطن وأمنه وصون مقدراته، والتصدي لأي مؤامرات تُحاك ضده على مدار الوقت.

كما تؤكِّد هذه الانتصارات البطولية أنّ القوات الجنوبية تقف في خندق واحد إلى جانب التحالف العربي في مواجهة المليشيات الحوثية، خلافًا لحزب الإصلاح الإخواني الذي ارتمى في أحضان الانقلابيين موجِّهًا طعنة غادرة للتحالف العربي على مدار السنوات الماضية.

 

قوة عسكرية وحنكة سياسية

لا يقتصر الوعي الجنوبي على القوة العسكرية، لكنّه يحمل كذلك حنكة سياسية، تجلّت في حرصه على السلام والسير في هذا الطريق على الرغم من تعرُّضه لاعتداءات كثيرة.

وقد عبَّر الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عن حرص الجنوب على السلام، عندما قال إنّ القضية تحتاج جسورًا للتفاهم وليس جدرانًا عازلة.

وأضاف أنّ الجنوبيين أقوياء في الحرب، لكنّهم في الحقيقة محبون للسلام، حسبما نقلت عنه الكاتبة نورا المطيري، مؤخرًا.

يسير الجنوب في طريقٍ مستقيم على طريقه الرئيسي الهادف إلى استعادة الدولة وفك الارتباط، وهو يملك قوات مسلحة قادرة على صد الأعداء مهما تكالبوا على أمنه واستقراره، وفي الوقت نفسه فإنّه يبقى ملتزمًا سياسيًا ويميل إلى التهدئة وعدم التصعيد العسكري.

ويمكن القول إنّ هذه الاستراتيجية الجنوبية البارعة سواء في السلم أو الحرب ستظل "حائط صد" تتحطّم أمامه مؤامرات أعداء الجنوب، الذين يتربصون بالوطن ليل نهار، ويعمدون إلى عرقلة استقراره وإفشال مساره نحو تحقيق حلم الشعب المنشود في استعادة الدولة.




شارك برأيك