رئيس بورصة مصر: التداولات سليمة بالرغم من الخسائر

هناك .. على مرمى حجر من منشأة (المصافي) ومشروع (الصالح) السكني؛ يعيش (بدو عدن) ممن ضاقت بهم الأرض عقب جدبها, وتقطعت بهم السبل وطحنهم الفقر, فأضحى لهم مقلب القمامة موطناً ورزقاً!.. هناك؛ يقتات ويشرب أكثر من (3000) شخص تقريباً، غالبهم أطفال ونساء، من مخلفات القمامة، ويلبسون مما تجود به براميلها!!

 

ومع غياب كامل للدولة؛ ومنظمات المجتمع المدني, يضطر شظف العيش سكان المقلب إلى الاستعانة بالمواد الغذائية منتهية الصلاحية لسد رمق أطفالهم، وحاجياتهم الأساسية من الطعام؛ وحتى الحليب المعلب!.. ووحدها (رعاية الله) تحول بينهم وبين الموت تسمماً.

 

ارتياد مقالب القمامة

الشاب (علي)..ترك المدرسة لجمع القوارير الفارغة لإطعام أسرته الكبيرة، وعلى الرغم أنه من القلائل الذين نالوا حصة من التعليم، وإن كانت قصيرة، فإنه وجد نفسه مرغماً على ارتياد مقلب القمامة المنثور على المساحات الصحراوية شمال مديرية البريقة.. وكثيرون غيره، بينهم نساء وأطفال، تراهم منذ الصباح الباكر بانتظار سيارات المخلفات المُجمّعة من مديريات محافظة عدن كافة ؛ يقبلون عليها بحثاً ـ بداية ـ عما يصلح لوجبة الفطور، ومن ثم الشروع بجمع ما تصل إليه أياديهم من مخلفات تصلح للبيع!!

 

يقول (علي) بصوت تملؤه الثقة: "لا يمكنني الجلوس في البيت عاطلاً عقب طردي من صندوق النظافة في مديرية دارسعد، وكثيرون غيري دون مستحقات، فوجدت في هذا العمل مصدر رزق شريف أسد به جوع أسرتي المكونة من أربعة إخوة صغار، ووالدي العاجز".

 

ويضيف: "على الرغم من خطورة البحث بين أكوام القمامة الملوثة  في كثير من الأحيان بآلات الحلاقة الحادة, وكذا وجود نفايات لمواد منتهية الصلاحية وأخرى قاتلة كحقن المستشفيات المستخدمة، التي تنغرس في أقدامنا مراراً، فإن رعاية الله ووحدها حافظة لنا من العدوى والتسمم".

 

يجمع (علي) وعشرات الفتية - الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين وأدنى من ذلك ـ ما تصل إليه أيديهم من مواد تصلح للتدوير، وهي في العادة قناني الماء الفارغة والمواد البلاستيكية عامة في شوالات (جواني)، ومن ثم بيعها لتجار الجملة بـ 100 ريال للجونية الواحدة!

 

مطابخ (بدو عدن) الرُحل !!

كل ما سبق؛ يمكن استيعابه ـ على مضض ـ بمعطيات واقع الحال، لكن أن يصل الحال بجيران مقلب القمامة المركزي، وهم (بدو عدن) الرحل إلى استخدام زيت قلي الطعام منتهي الصلاحية قبل أكثر من عام, وهم لا يكترثون لتحذيراتنا المتكررة بشأن مضاعفة السمية في تلك المواد المعلبة، التي انتهت صلاحيتها منذ سنوات!.. وترى الجدة (رضا) تتوسل ـ بترفع ـ أن نحاول مساعدتهم في إيصال الماء إليهم، وهي تعتقد أن السلطة المحلية لا تريد لهم الاستقرار والعيش في تلك الأرض، متهمة إياها بالاستيلاء عليها لصرفها لاحقا لمتنفذين.

 

وهذا شعور سائد لدى غالبية السكان هنا، ويوعزون سبب قطع تزويدهم بالماء عن طريق (بوز الماء) كسياسة تطفيش لإجبارهم على ترك المكان!!

 

الحناء كوسيلة للوقاية من الحر

الجدة (رضا).. تحمد الله ليلا نهارا على العافية هنا، حيث لا ماء ولا كهرباء.. حين تستحيل رمال الصحراء إلى جمر حار في فصل الصيف، وترتفع درجات الحرارة لتصل إلى مستويات مميتة.. يمر شهر رمضان على سكان المنطقة ووجبة فطور أحدهم تمرات من كيس منتهي الصلاحية، ورشفة ماء حار بعدها تؤدي الجدة (رضا) الصلاة تيمماً برمل الصحراء الحار لقلة الماء الذي يُجلب على ظهور الحمير.. وإن جادت عليها السماء بأكياس (حناء) مسحت به جسدها وأولادها كوسيلة للوقاية من حر الصيف .. ولا تنسى بين كل جملة وأخرى ترديد عبارات الثناء والحمد والشكر لله على نعمة الصحة وقوة البصر!!

 

حياة صعبة !!

الحاج (علي) يرفع صوته أمام (الكاميرا) مجيباً عن سؤال حول قيام أي مسؤول في السلطة المحلية بعدن بزيارتهم قبل الانتخابات أو بعدها،  بالنفي المتكرر بقوله: "لا ولا حد زارنا أو ساعدنا نبى ماي نشرب ونصلي"!!

 

هل من مغيث؟

مطالب بسيطة بإمكان كثير من المنظمات ـ وهي بالمئات في طول البلد وعرضه، ممن تعقد ورشها غير المجدية بآلاف الدولارات في فنادق فارهة ـ تقديم العون لهؤلاء بعد تخلي الجميع عنهم، أو تلك الجمعيات الخيرية التي تتبنى وتتسابق لبناء المساجد في وسط المدن, بناء مصلى وتوصيل الماء إليهم؛ ليكون صدقة جارية للشرب والصلاة لعشرات السكان من (بدو عدن)، بعيداً عن (أجندة) السياسة ونصب لوحات التفاخر بالصدقات!!  

 

 

 

متعلقات
خبير مصرفي يحذّر من خطورة نتائج التلاعب بآلية الاستيراد ويكشف أسباب تدهور العملة المحلية
العلاقة بين أسعار الفائدة وقيمة العملة
مع تصاعد ظاهرة غسيل الأموال وإقترانها بالعولمة الإقتصادية والفساد المالي والإداري..إلى أين يتجه العالم؟
تعرف على أكثر الفئات العمرية اشتغالا فى كل مهنة
"الامناء نت" تنشر اسعار صرف الدولار مقابل الريال اليوم