استهدف تفجير منذ يومين مبنى مديرية أمن القاهرة، وطالت آثاره متحف الفن الإسلامي، أكبر متحف للآثار الإسلامية في العالم الذي يقع في مواجهته، معرضة واجهته المعمارية المميزة للتدمير ومهددة مقتنياته من التراث الإسلامي الممتدة على مدار 12 قرنًا.
ودمر الانفجار واجهة المبنى وأسقفة المعلقة، التي سقطت على صناديق العرض الزجاجية فحطمتها وما بداخلها من معروضات، خاصةً الزجاجية والخزفية.
وقال وزير الدولة المصري لشؤون الآثار، محمد إبراهيم، في مؤتمر صحفي بمقر المتحف إنه جاري جرد القطع وإصدار بيان بعدد القطع التي تعرضت التدمير.
واشار الوزير الى أن ثلاثة مشكاوات من اصل 12 من مشكاوات مسجد السلطان حسن تعرضت للتدمير.
واستعرض الوزير أثناء المؤتمر بعض التحف مثل إبريق محمد بن مروان آخر الخلفاء الأمويين الذي يعد من أبرز مقتنيات المتحف مؤكدا أنه لم يتعرض للتلف.
وبحسب الدكتور محمد عبداللطيف، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومدير عام اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية الأسبق، فإن الدمار الذي طال المتحف يعتبر "كارثة عالمية وإنسانية".
يعد إبريق محمد بن مروان ،آخر الخلفاء الأمويين،من أبرز مقتنيات المتحف.
ويضم المتحف محراب السيدة رقية الخشبي الذي يعود للعصر الفاطمي، ويُعتبر من أقدم وأروع القطع الخشبية في المتحف. والذي كان قد نُقل من مسجد ابن طولون خشية تعرضه للتلف.
كما تشمل الخسائر كأس عبدالصمد بن علي، وهو أقدم المقتنيات المؤرخة في المتحف، حيث يعود لعام 155 هجرية. وهو كأس زجاجي مطعم بنقوش البريق المعدني.
ودُمرت مشكاوات زجاجية تعود إلى العصر المملوكي وهي مشكاوات دقيقة الصنع من البلور الصخري الأشبه بالألماس.
كذلك تعرضت ثمانية من المخطوطات النادرة في دار الكتب للتلف بسبب الحادث.
مقتنيات نادرة
وينقسم المتحف إلى عشرة أقسامٍ فنيةٍ بحسب الخامات التي صُنعت منها المقتنيات. وتم ترتيب القطع في كل قسم حسب التسلسل الزمني للعصور الإسلامية.
ويصل إجمالي القاعات إلى 25 قاعة عرض، فيما يزيد عدد المقتنيات على مئة ألف قطعة من مختلف بقاع العالم الإسلامي؛ من مصر والشام والحجاز والأندلس والشرق الأقصى.
المشكاوات المقلدة في مسجد السلطان حسن
كان قد تم تصنيع مشكاوات بديلة لمسجد السلطان حسن ونقل الأصلية للمحتف حفاظًا عليها
وتتكون مقتنيات المتحف من مجموعات نادرة من المخطوطات والمنسوجات والحلى والأعمال الخزفية والزجاجية والخشبية والأحجار والرخام.
كما يضم المتحف مجموعة متنوعة من الدنانير الذهبية والدراهم الفضية التي تعود للقرن الهجري الأول، وهي من أندر القطع على مستوى العالم. بالإضافة إلى أطباق من الخزف تعود للعصر الفاطمي، وعدد من قطع السجاد النادر وعباءات السلاطين.
ويشير الدكتور عبداللطيف إلى أن الخسارة تشمل المبنى نفسه، الذي "أصبح أثرًا في حد ذاته".
"الوضع ليس شديد الخطورة"
وقالت مونيكا حنا، عالمة الآثار المصرية، لـ بي بي سي إن نسبة خسائر المتحف تقدر بحوالي 20-30 في المئة من المقتنيات. وأضافت "حتى الآن، الوضع ليس شديد الخطورة. فقد أنقذنا كل المقتنيات تقريبًا ويمكن ترميم عدد كبير منها."
وأضافت حنا إن المشكلة الأكبر كانت غرق المتحف في المياه نتيجة لتأثر أنابيب المياه والإطفاء بالانفجار إلا أن فرق الإنقاذ تمكنت من وقف تسرب المياه. كما سيتم جرد المقتنيات يوم الأحد للوقوف على تقدير دقيق لحجم الخسائر.
"تضخيم اعلامي"
وقال أحد مفتشي الآثار لـ بي بي سي، ورفض ذكر اسمه، إنه يجري تضخيم حجم خسائر المتحف إعلاميًا. وإن بعض المقتنيات، كمحراب السيدة رقية، يمكن ترميمها. حيث تم بناء المحراب الخشبي بطريقة "العاشق والمعشوق" التي يمكن إعادة تركيبها. كما نفى أن يكون أبريق محمد بن مروان قد تعرض للتلف.
إحدى صناديق العرض المدمرة
وأضاف أن فرقة من الأثريين تسمى "فرقة الكوارث"، وهي مجموعة من المدربين على التعامل مع مثل هذه الكوارث الأثرية، قد أنقذت جزء كبير من المقتنيات.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، نقلا عن وزير الدولة المصري لشؤون الآثار، محمد إبراهيم، إن المتحف "يحتاج لإعادة بناء من جديد بسبب التأثر الشديد لجدرانه ومقتنياته".
وكانت وزارة الآثار قد أعلنت عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أنه سيتم إخلاء المبنى من المقتنيات ونقلها للترميم خارجه فور انتهاء جهات التحقيق من عملها.
يُذكر أن المتحف كان قد تم الانتهاء من ترميمه وتطويره عام 2010، بعد عملية استمرت ثمان سنوات بتكلفة تزيد على 107 مليار جنيه حيث تم تجديد قاعات العرض وتطوير أنظمة الإضاءة وصناديق العرض، وإنشاء مدرسة متحفية للأطفال والكبار.
عن (بي بي سي العربية)