لِمَ قامت الحرب اليمنية أصلاً !!؟؟
الأمناء نت / كتب / فارس الحُسام

 

هل كانت الحرب في اليمن خيار لليمنيين أم فُرضت عليهم ؟؟ هذا السؤال كفيل بتوصيف الوضع القائم والقادم القاتم في اليمن شمالاً وجنوباً .. فالحرب اليمنية ليست وليدة اللحظة بل كانت نتاج سنوات طويلة من الإعداد والتحشيد بين أطراف الصراع اليمنية بإختلاف توجهاتها وأهدافها وبين حلفاء الخارج .

كيف لا .. وحرب صيف 1994 الغاشمة كانت هي نواة حرب 2015 المُتخمة بالعناصر الشائبة في كافة تكويناتها .. فلم تخلو من عناصر التطرف والإرهاب الفكري والسياسي والمناطقي والمذهبي والعرقي والإثني والحزبي والسلطوي والتجاري .. فجميعها اتحدت ثم تحاربت ثم اتحد الخصوم مع خصومهم السابقون وتحارب الحلفاء مع حلفائهم السابقون كذلك .

معادلة سيئة .. بل وقذرة جداً .. فالحرب اليمنية لها وجهان قبيحان لايختلفان عن بعضهما .. الوجه الأول يتمثل بحقيقة أن الحرب اختارها اليمنيون للتخلص من نظام سابق يتجدد للحصول على مكاسب جديدة متباينة شمالاً وجنوباً .

فالشمال يقاتل لأجل إعادة تقاسم الكعكة الساخنة مع الحفاظ على إستراتيجية بقاء السلطة المركزية قائمة وقوية بالرغم من المغالطة الكبيرة في عناوينها وأهدافها .. إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك ، وأما الجنوب فأهدافه إستراتيجية بحتة تختلف عن أهداف الشمال بل وتتعاكس معها حتى وإن إتفقا في الإطار الخارجي لشكل الحرب .

شمالاً يضرب الحوثي بجذوره في كافة التراب اليمنية مستغلاً الدعم الإيراني والروسي الضخم الذي تلقاه عسكرياً وسياسياً وإقتصادياً وإعلامياً .. وتحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح وتبادلوا الأدوار .. صالح يريد الحفاظ على إمبراطوريته الواسعة والحوثي يسعى للصعود نحو مراكز النفوذ العليا ولإيجاد وفرض معسكراً إيرانياً إستراتيجياً في المنطقة على غرار حزب الله اللبناني الذي يحمل ذات الفكر والتوجه والولاء لطعن دول الخليج العربي بالخاصرة  .

أما حزب الإصلاح وشرعية الرئيس الجنوبي عبدربه منصور هادي المنزوع الصلاحية والقرار فلم تختلف أهدافهم عن أسلافهم الذين توحدوا معهم مرات عدة ضد بعضهم .. فبالرغم من فقدان مصالحهم وشراكتهم شمالاً إلا أن وحدتهم جنوباً لازالت قائمة وفوق كل الخلافات والإختلافات .

نعم توسعت دائرة العائلة ( والعيال كبرت ) وكل واحد منهم صار فحلاً يريد أن يحكم القطيع إلا أن جميع تلك الفحول والإناث سرعان ما تتوافق وتتصالح لأجل البقاء والسيطرة وعدم إفلات الفريسة من بين مخالبهم .. يمموا وجوههم جنوباً ونقلوا الحرب من صنعاء إلى عدن ، وأرسلوا جيوشهم وقطعانهم القبلية صوب عدن وحضرموت وشبوة وباقي الجغرافياً الجنوبية .. قتلوا بطشوا دمروا سحقوا نشروا الموت بكافة أشكاله وصوره مما يُتخيّل وما لا يتخيل .

اتفقوا ان تكون عدن ساحة حرب طويلة الأمد .. يجب تدميرها وطمس تاريخها واستبدال شعبها بآخر . عدن نقصد بها الجنوب .. واتفقوا أن صنعاء مدينة تاريخية يُحرم الإقتراب منها أو المساس بها وأن شعبها هم خلفاء الله في الأرض .. صنعاء نقصد بها الشمال .


أما الوجه الآخر للحرب اليمنية جنوباً فاللعنة كانت أشد وأعظم .. فلا يوجد بيت إلا وسالت فيه دموع ونزفت فيها جراح .. تخضبت عدن بدماء رجالها الذين ظنوا أنهم يقاتلون ويدافعون عن شرف عروس تم اغتصابها بعد برهة من زواج قسري ( إغتصاب وليست دخلة حلال ) ، وأطراف أخرى كانت تقاتل لأجل أهداف عقائدية وآخرى لها أهداف سياسية وأخرى تدخلت لتضمن الربح في تجارة الحروب .

كانت الفصائل تتوالد كل يوم تحت رايات متباينة ( راية الجنوب .. راية الشرعية .. راية المتطرفين ) هكذا تحولت عدن إلى مدينة مفخخة بالمقاتلين والمتقاتلين وفاحت منها رائحة البارود وسفك الدم اليمني فيها كلاً لأهدافه وغاياته حتى تحررت من الأعداء شكلياً ووقعت تحت وطأة إحتلال وطني داخلي يتمثل بالحلفاء المتصارعون الواقفون في خندق واحد .

غالبية الجنوبيين قاتلوا لأجل إنهاء الشراكة والوحدة مع الشمال .. والشرعية قاتلت لأجل العودة من بوابة عدن والمتطرفين قاتلوا لأجل إستغلال الوضع والتسلح والسيطرة لإقامة دولتهم الإرهابية .

وهكذا سارت الحرب وطال أمدها واستُنزِف التحالف العربي من قبل من يفترض أنه تدخل لإعادتهم إلى صنعاء ، وتحولت مسارات الحرب واختلف الشركاء جنوباً وتقاتلوا واقتتلوا ودمروا ماتبقى من أركان البيت ليسقط السقف على رؤوس قاطنيه .. ومثلها وقعت المعركة شمالاً فاقتلعت رأس من كان يرقص يوماً على رؤوس الثعابين وادخلوا الشمال في قتل وتشريد وتصفية واقتتال لا يرحم ولا يعذر .

وفي غضون أيام قلائل طرأت تحالفات جديدة كل طرف يتحالف مع الآخر ويرقض القبول والإعتراف به في نفس الوقت .. معادلة متناقضة مهترأة ملغمة ، تزداد سخونة فتتمدد وتحرق المواطنين المغلوب على أمرهم شمالاً وجنوباً .

رفض الجنوبيون القبول والإعتراف بجماعة الأخوان المسلمين وتياراتهم ، وقبلوا بالتحالف مع أنصار عدوهم التاريخي علي عبدالله صالح ، ورفض أنصار صالح الإعتراف بشرعية الرئيس هادي واعترف الجنوبيون بشرعية الرئيس هادي .. وهنا نتسائل : ماذا يعني الرفض شمالاً والقبول جنوباً ؟ وهل الرفض شمالاً ناتجاً عن قوة في الموقف !؟ وماذا يعني القبول جنوباً .. هل كان ناتجاً عن ضعف في الموقف !؟ وهل يعني أن حقيقة بناء التحالفات فُرضت من الخارج على صانع الإنتصار الوحيد للتحالف العربي جنوباً وجعله الحلقة الأضعف في هذه المعركة !؟ وهل عجز الخارج عن فرض ذات الشيء على العدو القديم والحليف الجديد !؟

في الأخير عاد رجال صالح ليحكموا مجدداً وتقاسموا الكعكة مع من رفضوا الإعتراف بشرعيته لأجل القضاء على الجنوبيين الساكتين وبعض المنتفعين وتجار الحروب .. وسعى الجميع للعودة هرولة نحو باب اليمن كلاً بطريقته .

اليوم يطل علينا بعض الأخوة برؤوسهم ليبرروا سبب هرولتهم نحو باب اليمن وسوق الملح .. وآخرين يتلذذون بسوء وقبح نتائج بعض قادتنا الذين يعبثون بما تبقى من الحياة .

وهنا نسألهم .. ألا يحق لحزب الإصلاح أن يتصالح معنا ويعود ويحكم جنوباً كما نفعل مع حزب المؤتمر ؟؟
ألم يكونوا جميعاً ولا زالوا العدو الحقيقي للجنوبيون ؟؟
لماذا العودة للحكم في الجنوب حلالاً لهذا وحرام على ذاك ؟؟


ختاماً .. لماذا قامت الحرب أساساً إن كانت هذه نتائجها !؟ فقط ينقصنا أن يعلن الحوثي إنضمامه للشرعية ويقضوا على اليمنيين شمالاً وجنوباً .. وما المانع في ذلك !؟ أليست هذه هي فصول هذه الدراما الدموية منذ بدايتها ؟؟

سحقاً للحرب .. سحقاً للسياسة والساسة .. سحقاً لتجار الحروب .. فليذهبوا جميعاً إلى الجحيم .

متعلقات
للانتقالي كل الحق..!
فخراً وعزأ وشموخ.. لشعب الجنوب خاصة ودول الخليج عامة ..!
أكرم علي الكُميتي يُمنح شهادة الدكتوراه بامتياز
إستكمالا للوضع الصحي بشبام .. الوحدة الصحية والعيادات..!
لمن لايعرف عن المشاريح أقصى غرب حجر ..!