ردفان .. لما تحمله هذه الكلمة من معنى لغوي ومن المدلولات التاريخية والاجتماعية والوطنية العظيمة والتي لا يعرف عنها إلا القليل ، وقد وقع الكثير من الكتاب والمتأخرين ممن حاول الاجتهاد في تعريفها ومداولاتها في أخطاء لا تمت بصله لها ، فليس هي بردف بقبيل أو لترادف عدة قبل أو نسبة لشخص بل هي ردفان لما حولها من الجبال ( ضعفان ) أي عالية والله أعلم .
ولهذا وذاك ولما بين أيدينا من المصادر التاريخية أحببنا عمل هدا الملخص التعريفي لكلمة ردفان وحتى أصبحت موطناً ونسباً لقبائل جعدة ، وفقاً للآتي :
كلمة ردفان كلمة حميرية وعربية وتعني : العالي أو العظيم ، وأول من أطلقها هم قبائل بني جعدة ( الأجعود ) الحميريين وذلك قبل ألف عام ونيف على إحدى مرتفعاتهم الجبلية العظمى الدالة على عظمة الخالق ، وجبال جعدة العظمى وهي : جبل حرير ، وجبل ردفان وأضرعه ( ضرعة ) ومن حصونهم دون ذلك :
شكع والحصين والعسلم ( الحسلب ).
وعظمة تلك المرتفعات ليس من حيث ارتفاعها عما سواها والذي يبلغ بـ 8,117 قدم لجبل ردفان ، و 7,800 قدم لجبل حرير ، بل ولضخامة حجمها ، حيث أنهما يبسطان على مساحة تقدر بـ 13 ميلا ، وجبل ردفان لوحده يبسط على مساحة تقدر بثلثي مساحة مديريات ردفان الأربع والبالغة 2200 كم2 ، هذا من غير ما يحتويه من المعالم الأثرية والتاريخية العظيمة ، ومن خلال هذه المعطيات العلمية تأكد لنا معنى كلمة ردفان ، كما إن جبل ردفان قد أشار إليه بعض المؤرخين بجبل الحورية وذلك بعد أن شمل اسم ردفان كامل المنطقة ، وقيل أعلى جبل في ردفان جبل الحورية ، كما أن هناك أسماء جزئية من الجبل يعرفها أصحابها ، مثلاً يقال : قمة جبل ردفان بـ ( الحرمة ) وأخرى بحيد الشهث وأخرى بحيد ردفان والرديف وفلحه وودفة والهدة والضاجع والربوة والجبهة وسويد وجبال سبأ صهيب ويناف ونخلين ومخران حتى حدود أبين وغيرها مئات التسميات الفرعية في سلالة (نتوات ) وهضابه ووديانه لكن الأصل لم يتغير ( جبل ردفان ) .
وللفائدة فإن الموطن بني جعده كان يشمل معظم مساحة مديريات ردفان الحالية ومعها مساحة مديريات الضالع قبل الوحدة إلى جانب منطقة حُمرة التي تقع بين الجربتين ويافع بالإضافة لمنطقتي حجر وبدر جنوب قعطبة والأعضود أكبر قبائلهم .
وفي منتصف القرن السادس الهجري ظهرت أسماء الجبلين كموطن لعدد من قبائل جعدة وفي مطلع القرن الرابع عشر انفصلت الضالع عن قبائل الاعضود والاجعود وردفان وشكلت إمارة مستقلة بها أمراؤها هم أمراء خرفة حالمين التي تأسست قبل مائتي عام وهنا ظهرت قبائل ردفان مستقلة بذاتها .
ففي أواخر القرن 19 ميلادي انحصرت قبائل ردفان بعدد القبائل التي تأوي ( جبل ردفان ) وأكبر تلك القبائل قبيلة ( آل قطيب ) والتي اشتهرت وبقية قبائل ردفان بمقاومتها للمستعمرين ونصرة المظلومين عبر مختلف المراحل التاريخية ، وكانوا أول من لبى نداء الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر 1962 م ، ليس هذا وحسب بل وهم أول من أشعل فتيل شرارة ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 م من على قمم جبال ردفان بقيادة ابنهم البطل وشهيدها الأول الشيخ / راجح بن غالب لبوزة والتي استمرت أربعة أعوام حتى تحقق النصر وجلاء آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن في 30 نوفمبر 1967 م . وبعد ذلك وفي أول تقسيم إداري للدولة الوليدة سميت ردفان والمناطق المجاورة لها بما فيها يهر من يافع بالمديرية الشرقية وفي أول تعديل إداري سميت بمديرية ردفان وتضم أربعة مراكز من دون يهر هي : الحبيلين ، الملاح ، حبيل جبر، حبيل الريدة .
وفي أول تعديل إداري لدولة الوحدة عام 1997 م سميت الحبيلين لوحدها بمديرية ردفان وسميت بقية المراكز مديريات بأسمائها السابقة إلا حبيل الريدة سميت بمديرية حالمين . ومع ذلك يقال لهذه المديريات من قبل العامة بمديريات ردفان حفاظاً على وحدتهم والمكتسب التاريخي لردفان ، ومع ذلك فهناك بيت من الضنبري قديماً وحديثاً يسمون بالردافنة ونسبة الواحد منهم فلان الردفاني .
وبهذا وذاك صارت ردفان الأرض والإنسان رمزاً وطنياً وقد كتب لها الأدباء والمؤرخون أنصع الصفحات التاريخية والوطنية وتغنى لها الشعراء والفنانون بأروع الكلمات وأعذب الألحان عبر مختلف المراحل ، وسجلت ردفان ورسمت جبالها وشمس الحرية رمزاً لفجر الحرية في أعلى وسام الدولة ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) ( وسام الثورة 14 أكتوبر 1963 م ) وكفى ..