رئيس بعثة "أطباء بلا حدود" لـ"الأمناء" : واجهنا العديد من الخروقات في عدن منها دخول زوّار إلى المستشفى بالسلاح

قال السيد ايريك جيونو, رئيس بعثة منظمة «أطباء بلا حدود» في اليمن إن عمل البعثة في عدن واجه العديد من الخروقات والصعوبات خلال الفترة الماضية, لكن المنظمة توصّلت مع الجهات المعنية إلى عدد من الاتفاقيات والمبادئ حول حق المريض في الحصول على الرعاية الطبية الآمنة.

وأشار في حوار مع «الأمناء» إلى محاولاتٍ لاعتقال بعض المرضى بدون تفويض رسمي أو التأكد من مواصلة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.

واُستؤنف العمل في مستشفى الطوارئ التابع لـ بلا حدود في عدن في الـ12 من نوفمبر الجاري بعد توقف دام أكثر من شهر.

وأُوقفت المنظمةُ العملَ في عدن في التاسع من أكتوبر المنصرم, وقال جيونو: «الذي حصل أن مجموعة من الأمن الذين لم يظهروا بطائقهم التعريفية أو الشخصية أرادوا في شهر أكتوبر احتجاز مريض من المستشفى كونه "مطلوب أمنيًا"», وبعد أن رفضت المنظمة تسليمه «دخل بعضهم إلى المستشفى وأخذ المريض من غرفة العناية المركزة أمام المرضى الآخرين وطاقم المستشفى بالرغم من أن حالة المريض لم تكن مستقرة».

ومنذ أبريل 2012 تقدم أطباء بلا حدود الرعاية الصحية الطارئة للمواطنين من عدن وأبين والمناطق المجاورة, وقامت بإجراء أكثر من 2600 عملية جراحية في مركزها الجراحي للحالات الطارئة.

* في الـ12 من نوفمبر الجاري استأنفت أطباء بلا حدود الفرنسية أنشطتها الطبية في مستشفى الحالات الطارئة التابع لها بعدن بعد تعليق للأنشطة دام 35 يومًا.. قال بيانكم إن الاستئناف جاء بعد التوصل إلى اتفاق مع السلطات على عدد من المبادئ.. هل كان العمل قبل 9 أكتوبر المنصرم بدون مبادئ واتفاق مع السلطات؟ أم أن مبادئ قديمة بينكما تم خرقها من قبل السلطات؟

تعمل أطباء بلا حدود في اليمن منذ عام 1986, طبقًا لمبادئ معينة مع الجهات الحكومية في العاصمة وعلى مستوى المحافظات.. هذه المبادئ مستمدة من القانون الدولي وتحترم القوانين اليمنية.

لقد توصّلنا من قبل إلى عدد من الاتفاقيات مع جميع الجهات حول حق المريض - أيًا كان - بالحصول على الرعاية الطبية الأساسية وحق حماية العاملين في المجال الصحي والمرافق الصحية. لكن منذ أن بدأنا بالعمل في عدن واجهنا العديد من الخروقات مثل بعض الزوار الذين يريدون الدخول بسلاحهم إلى داخل المستشفى. في إحدى المرات أراد شخص الانتقام من مريض في المستشفى وأطلق النار على أحد العاملين لدينا بطريق الخطأ ومثل بعض المحاولات لاعتقال بعض المرضى تأتي بدون تفويض رسمي أو التأكد من مواصلة الرعاية الصحية المقدمة لهم.

في آخر حادثة، حاولت بعض السلطات اعتقال مريض لكن الطاقم الطبي الذي رافقهم لنقل المريض وجد أن حياة المريض في خطر وذلك خلق نوعًا من الارتباك لدى الجميع.

لهذا السبب شعرنا بضرورة التأكيد على المبادئ الأساسية والاتفاقيات حول حق الحصول على رعاية صحية آمنة. هذه الاتفاقيات تم توقيعها مع السلطات, لكننا قررنا إعادة نشرها؛ لأنه يجب احترامها من قبل الجميع من العاملين في المجال الطبي والمرضى والمواطنين داخل مرافق أطباء بلا حدود.

بشكل عام هناك تفهم من كل الأطراف بأن العمل الطبي يجب ألا يُعرقل طالما أنه يتبع الأخلاقيات الطبية والقوانين الدولية واليمنية. والوثيقة الأخيرة تظهر أن كلًا من أطباء بلا حدود والسلطات تريد العمل طبقًا للقوانين النافذة. كل الدعم الشعبي الذي رأيناه خلال فترة تعليق الأنشطة يبيّن أن المجتمع المدني أيضًا متقبل لفكرة تطبيق المبادئ.

* مَن مِن الجهات اليمنية المسئولة التي تحاورتم معها مباشرة؟ ثم هل وصلت قضية تعليق الأنشطة لرأس الحكومة والدولة؟

تتعاون أطباء بلا حدود مع جميع السلطات بدءًا من السلطات المحلية وحتى السلطات العليا بحيث تمر على كل من يستطيع المساعدة لتأكيد حق الحصول على الرعاية الطبية. لقد حصلنا على تأكيدات ودعم متواصل من قادة المجتمع المحلي والأئمة ومركز المحافظة ومكتب الصحة والجهات الأمنية ووزارة الداخلية وجميع الأطراف السياسية الموجودة في عدن بالإضافة إلى المدنيين. لقد أظهر المجتمع اليمني انفتاحًا كبيرًا للنقاش حول هذا الموضوع ونحن ممتنون للعمل البنّاء الذي رأيناه.

* طوال أكثر من شهر مضى, ماذا كنتم تصنعون بشأن تعليق الأنشطة؟ هل وجدتم صعوبات في التواصل مع المسئولين مثلًا حتى تأخرتم؟ ما الصعوبات التي اضطرتكم إلى تعليق الأنشطة كل هذه المدة ولم تعودا لممارسة العمل سريعًا؟

خلال فترة تعليق الأنشطة, لم نألو جهدًا للعمل مع السلطات لتحديد المبادئ التي نريد العمل بها. نتج عن تلك النقاشات نشْرنا للمبادئ بشكل علني. إن قرار تعليق الأنشطة دائمًا ما يكون خيار مؤلم وصعب بالنسبة لأطباء بلا حدود ولكن متى تم اتخاذه فإنه من الأساسي أن يعرف الجميع أن حوادثَ مثل التي حصلت من الصعب تقبلها.

للأسف فإن المشكلة التي واجهناها شائعة في اليمن لدرجة وجب فيها إعادة حرمة المرافق الصحية والرعاية الصحية بغض النظر عن الصراعات الموجودة. بالتأكيد فإن العدالة يجب أن تأخذ مجراها والسلطات اليمنية من واجبها العمل لتحقيقها كما أن المجتمع من حقه أن يطالب بها. لكن العدالة يجب أن تأخذ مجراها بالطريقة الصحيحة ولا يمكن أن يتم تطبيقها بطريقة تستغل ضعف المرافق الصحية وحالتها.

لا يمكن لأطباء بلا حدود العمل إلا من خلال الدعم والحماية من كل شرائح المجتمع. لقد تعاون مكتب الصحة معنا وآخرون بأقصى سرعة ممكنة بعد الحادث لكن الموضوع احتاج منّا بعض الوقت للوصول لكل الجهات المعنية بما فيها المجتمع المدني لضمان تفهم شامل لحق المرضى الحصول على الرعاية الصحية غير المتحيزة لأي طرف. أطباء بلا حدود الآن واثقة وشاكرة لكل النقاشات البناءة التي ستؤمن رعاية صحية آمنة في المستقبل.

* هل بلغ الأمر أو أبلغتم به رئيس الجمهورية؟

لم نتصل بالسيد الرئيس, ولا أعلم إن كان الأمر وصله.

* طيب, ما الذي حدث بالفعل سيد جيونو حين اضطررتم لتعليق العمل في المستشفى الشهر المنصرم. في بيانكم قلتم إن هناك سلسلة من التهديدات تعرض لها مبنى المستشفى وأن مريضًا أخذ بالقوة من وحدة العناية المركزة. ما هي هذه التهديدات؟ من قام بها؟ ومن هو المريض الذي أُخذ بالقوة؟ ولماذا أُخِذ؟ مَن أخذه؟ هل أُعيد للمستشفى؟ وهل تعلمون أين هو الآن؟

نحن في أطباء بلا حدود عندما يأتينا مريض في حالة طارئة عند بوابة المستشفى نستقبله؛ لأنه في حالة طبية طارئة وبحاجة للعلاج بغض النظر قبل أن نعرف من هو, لأننا نؤمن أن لكل شخص الحق في الحصول على العناية الطبية الطارئة. الذي حصل أن مجموعة من الأمن الذين لم يظهروا بطائقهم التعريفية أو الشخصية أرادوا في شهر أكتوبر احتجاز مريض من المستشفى كونه «مطلوب أمنيًا». رفضنا تسليمه حتى تأخذ الأمور مجراها النظامي وحتى يتم ضمان تقديم الرعاية الطبية للمريض. في النهاية سمعنا إطلاق رصاص خارج المستشفى, لكنا في الواقع لسنا متأكدين من الذي أطلق النار. بعد ذلك دخل بعضهم إلى المستشفى وأخذ المريض من غرفة العناية المركزة أمام المرضى الآخرين وطاقم المستشفى بالرغم من أن حالة المريض لم تكن مستقرة. لم نعلم من أخذه وإلى أين, ولا نعلم بتاريخ المريض ولا أين هو الآن.

* تعملون في عدد من المحافظات اليمنية, في الجنوب تقدمون يد العون والمساعدة الطبية في 4 محافظات هي عدن ولحج والضالع وأبين حسبما أعلم.. كيف تقيمون التآزر الشعبي معكم؟ وهل هناك صعوبات تواجهكم من جهة المواطنين؟

أحيانا يكون علينا التعامل مع بعض الأشخاص الذين يحاولون الدخول إلى المستشفى بأسلحتهم. أطباء بلا حدود لا تستخدم الأسلحة لتحمي نفسها وطاقم الحراسة لدينا غير مسلح, لذلك فإنهم يحاولون التعامل مع كل الأشخاص بحكمة ورويّة. نحن لا نحمل السلاح؛ لأننا نشعر أن المستشفيات يجب أن تكون أماكن رعاية صحية بحيث يشعر كل شخص بالأمان. أعتقد أن الوعي لدى الناس حول أهمية عدم إزعاج هدوء المستشفيات في ارتفاع مستمر.

بعيدًا عن هذا الموضوع, فإن دعم المواطنين للمستشفى كان ممتازًا. لقد أظهر المواطنون المؤازرة لأطباء بلا حدود خلال فترة تعليق الأنشطة وخلال عملنا بشكل عام, وهذا يعكس اهتمام المواطنين وحبهم لأطباء بلا حدود.

* من الناحية السياسية, كيف هي علاقتكم مع الأحزاب ومع فصائل ومكونات الحراك الجنوبي؟ أقصد هل يتعاونون معكم من جهتهم خدمةً لجهودكم الإنسانية؟

جيد أنك ذكرت هذه النقطة. أطباء بلا حدود ترى المرضى أشخاصًا بحاجة إلى الرعاية الصحية بغض النظر عن انتمائهم السياسي. أطباء بلا حدود جاهزة للتعامل مع جميع الأطراف استنادًا على المبادئ الإنسانية ولا تفرّق بين مريض من حزب سياسي معين أو تعطيه أفضلية على الآخر. أطباء بلا حدود ليست مسيّسة وتعالج المرضى بغض النظر عن انتمائهم السياسي أو الديني أو الفكري, ولعمل ذلك فإننا بحاجة لدعم الجميع, وبشكل عام فإننا نشعر أن جميع الأطراف تتفهم طبيعة عملنا وتتفق معنا حول مبادئ عدم التحيز.

* مقلق هو الترهل الأمني وحوادث العنف في البلد, ولذا أنتم موجودون تقدمون خدمة الاهتمام بالإنسان.. هل وُجدت صلة بين أطباء بلا حدود والجرحى الذين تمت معالجتهم في مستشفياتكم وشفوا بفضلكم؟ مثلًا هل حدثَ أن مواطنًا - أو أكثر - ظل يرعى ما يمكن اعتباره جميلكم عليه (وبالتأكيد أنتم تسحبوه عملًا واجبًا نحو هذا الإنسان ولا جمالة فيه), فأراد أن يقدم خدمة مماثلة ذات قيمة خيّرة كأن يتطوع في صفوفكم ليقوم بذات الأعمال الإنسانية؟

نعم. بعض المرضى قدموا الشكر لنا على العناية الطبية التي قدمناها لهم في المستشفى وسألونا إن كانوا يستطيعون المساعدة. الذي نطلبه منهم ونطلب من كل شخص أن يروّج لمبادئ أطباء بلا حدود حول عدم التحيز وحق كل مريض في الحصول على الرعاية الصحية الجيدة وأن يكونوا سفراء لأطباء بلا حدود في مجتمعاتهم بحيث يتم الحفاظ على المستشفيات بعيدة عن العنف وتأمين الحصول على الرعاية الصحية.

* معلومات, لو تكرمتم, حول ما يقدمه المستشفى في عدن منذ بدأ العمل به في أبريل 2012..

منذ أبريل 2012 فإن أطباء بلا حدود تقدم الرعاية الصحية الطارئة للمواطنين من عدن وأبين والمناطق المجاورة. أطباء بلا حدود قامت في مركزها الجراحي للحالات الطارئة بعمل أكثر من 2600 عملية جراحية وتقدم العلاج الطبيعي والنفسي أيضًا. بالإضافة إلى ذلك فإنها تقوم بدعم مستشفى في جعار بالأدوية والأطباء وتقدم خدمة الإسعاف لجعار وخنفر [بمحافظة أبين]. تقدم أطباء بلا حدود التدريب لموظفيها حول عدد من المواضيع الطبية والمتعلقة بالدعم النفسي للمرضى.

* كلمة أخيرة..

أود أن اشكر كل المسئولين في الحكومة اليمنية وكل المواطنين للدعم الذي قدموه خلال تعليق الأنشطة حتى استطعنا نشر المبادئ في التصريح الصحفي الأخير. ستقدم أطباء بلا حدود دائمًا العناية الطبية المجانية وغير المشروطة لكل من يحتاجها.

شكرا جزيلا لك..

متعلقات
الوكيل المساعد بوزارة الكهرباء عبدالحكيم فاضل لـ"الأمناء": هذه أسباب توقف العمل في محطة معسكر عشرين
رئيس انتقالي المضاربة ورأس العارة في حوار مع "الأمناء":الأحداث الأخيرة فُرضت على الجنوب من قبل جماعات مخترقة للشرعية
العولقي لـ”الدستور” المصرية: السلام خيارنا الأساسي ولن نحيد عن خيارات شعبنا التي عبر عنها منذ 2007
مدير كهرباء عدن يدعو وزارة الكهرباء إلى مناظرة تلفزيونية لكشف الحقائق
نائب رئيس الدائرة التنظيمية بالإنتقالي : الحكومة هي سر انهيار الريال..وهذا مصير عوائد النفط "حوار"