في الذكرى الثالثة عشر لرحيل الوالد مثنى حبيب
الأمناء نت / كتب /أ.د. خالد مثنى حبيب

تهل علينا الذكرى الثالثة عشر لرحيل والدي الغالي مثنى حبيب صالح  طيب الله ثراه  الذي وافته المنية  في 27 مارس من عام 2005م .ومع ايماننا العميق بالقضاء والقدر وادراكنا من ان الموت حق , الّا ان وفاة والدي قد شكلت صدمة قاسية بالنسبة لي لازلت اعاني من آثارها حتى اللحظة, بسبب تزامنها مع فترة سفري من اجل الدراسة لمرحلة الدكتوراه  في بلاد الرافدين . حيث قرر أفراد اسرتي حينها أن يحجبوا عني هذا الخبر الحزين  حتى لا يحملوني مشقة السفر من بغداد الى عدن ويضمنوا استكمال مناقشتي للرسالة خاصة مع تدهور الحالة الامنية في بغداد جرّاء سقوطها  بيد القوات الامريكية.
وبعد عودتي النهائية الى عدن في ابريل  2005م  كنت في شغف لمقابلة والدي كي يفرح معي بتخرجي من اعلى مرحلة دراسية –اكاديمية, وهي اللحظة التي انتظرها طويلاً , لكن ارادة الله شاءت غير ذلك, وكانت المفاجئة الصادمة بالنسبة لي عندما اخبروني بمرارة بوفاة والدي, وما لبث أن تحول الأمر بالنسبة لي من فرح الى حزن,  وتحول المشهد برمته الى مأتم من قبل جميع من حضروا لاستقبالي ومواساتي , وعتبت كثيرا على موقف اسرتي وصمتها معي عما جرى لوالدي.
لقد كان ابي طيب الله ثراه اباً مثاليا  بما تحمله الكلمة من معنى , يجيد قواعد التربية المثلى, قدم لأولاده الكثير ورباهم احسن تربية وشجعهم على التعليم, وغرس فيهم قيم الصدق والوفاء ومحبة الناس, وكان نموذج يقتدى به من جميع الذين عايشوه في قول الصدق  والعطف على الفقير والدفاع عن المظلوم.
الوالد مثنى حبيب هو من مواليد حبيل الجبر-  ردفان – محافظة لحج من اسرة فقيرة ونظراً لشظف العيش ومن أجل اعالة أسرته التحق في بداية شبابه كعامل في شركة مصافي عدن بعد افتتاحها من قبل ملكة بريطانيا , وفي نهاية الستينات تحول الى موظف في شركة لوك توماس البريطانية , حيث انخرط حينها في صفوف النقابات العمالية التي كان فيها مشاركا فاعلا في الاضرابات والمظاهرات ضد الاستعمار البريطاني في عدن. وخلال فترة الكفاح المسلح ضد الاستعمار كان له دورا في مساندة الثورة ضمن مناضلي الجبهة القومية سواء في منطقة ردفان او في العاصمة عدن. وبعد الاستقلال واصل والدي المرحوم عمله في شركة الملاحة الوطنية بعد صدور قانون التأميم  كملاحظ عمال.
 في الوقت التي كانت عائلتي تسكن في ردفان منذ بداية السبعينات كان والدي يصحبني معه الى مقر عمله وسكنه في عدن. ومن ما شد انتباهي حينها هو الشعبية التي كان يحضا بها والدي بين صفوف العمال وجميع الموظفين في الميناء  كخير ممثل لهم في نقاباتهم العمالية  عندما نذر نفسه  للمواجهة المستمرة مع الادارة دفاعاً عن حقوقهم ومصالحهم وعلى حساب مصالحه الشخصية. ومما ادهشني ايضا الاجماع الكبير على والدي من قبل العمال الذي لم يجد له مثيل في هذه الاوقات , حيث كان الوالد رحمة الله عليه القيادي النقابي الوحيد في مرفق عمله الذي يحصل على جميع اصوات العمال 100%في انتخابات النقابة رغم غيابه وعدم تواجده في قاعة الاجتماع ومثل هذا الموقف له دلالات تعبيرية عن الصدق والمهنية والوقوف التام الى جانب مصلحة العمل والعمال.


لقد ضل والدي خلال فترة حياته عفيف النفس ناكرا لذاته حاملا المبادئ والقيم الانسانية النبيلة  كمنهج ارتضاه لنفسه, وبالرغم من خدماته الطويلة في عدن ومعرفته بمسئولين كبار الا انه لم يطرق باب أي مسئول قط من اجل طلب خاص غير مطالب المظلومين. وبعد تقاعده عن العمل عاد الى مسقط راسه ردفان ليقضي بقية عمرة حتى وافاه الاجل ودفن فيها. وها أنا نجله البكر واولاده الآخرين فخورين بوالدنا وما قدمه لنا ولغيرنا ونعاهده بالسير على دربه ومنهجه في اعداد اولادنا الاعداد الصحيح متمسكين بالقيم والمثل التي تعلمناها منه طيلة فترة حياته.  


فمهما عملنا ومهما كتبنا فلن نفي بحقه وما قدمه لنا من عون منذ  ولادتنا الى ان اصبحنا موظفين وأساتذة في الجامعات, وفي الختام لا يسعنا الا ان نسأل الله ان يصبرنا على فراقه ,وان يرحمه ويغفر له ويجعل من قبره روضة من رياض الجنة.

متعلقات
للانتقالي كل الحق..!
فخراً وعزأ وشموخ.. لشعب الجنوب خاصة ودول الخليج عامة ..!
أكرم علي الكُميتي يُمنح شهادة الدكتوراه بامتياز
إستكمالا للوضع الصحي بشبام .. الوحدة الصحية والعيادات..!
لمن لايعرف عن المشاريح أقصى غرب حجر ..!