أجرت "الأمناء" لقاءً صحفياً مع المناضل / ناصر صالح ناصر جبران الذي ينتمي لقبيلة الجعادنة بمحافظة أبين.
ودرس الثانوية العامة في السجن المركزي ( المنصورة) عام 1977 م وتم الإفراج عنه من السجن في أغسطس 1978 م ، تخرج من الجامعة 1982 م وتم دراسة الماجستير في الكويت وقد نال درجة الامتياز .
التحق بالجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل عام 1964 م ، ويعد من أسرة عريقة النضال حيث تعرضت أسرته بعد حركة 22 يونيو 1969 م لسلب أراضيها وممتلكاتها والزجّ بالسجن لأبنائها والإعدام لأربعة منها.
وحدث صراع بين جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل التي هي إحدى فصائل المقاومة للاستعمار البريطاني لعدن. وتُعرف باسم "جبهة التحرير" ، وكانت المنافس الرئيسي للجبهة القومية للتحرير التي تسلمت السلطة من الحكومة البريطانية في 30 نوفمبر 1967 ، حيث استُبعدت جبهة التحرير من جميع المواقع ودخل الطرفان في حرب أهلية أفضت إلى نزوح معظم قادة الأخيرة إلى اليمن الشمالي ..ولا أطيل عليكم فإلى تفاصيل اللقاء..
* هل لك أن تحدثنا عن البداية الأولى للثورة في المناطق الوسطى؟
- بداية الثورة لم تكن وليدة لحظة معينة لكنها كانت امتداداً للثورة التي انطلقت من جبال ردفان الشامخة والتي سقط فيها أول شهيد للثورة الجنوبية وهو المناضل الشهيد / غالب راجح لبوزة ..فقد تم تشكيل جبهات للقتال في جميع مناطق الجنوب اليمني ، وكانت المنطقة الوسطى إحدى المناطق التي تشكل فيها جبهة للقتال إلى جانب مستعمرة عدن والضالع ويافع ، وقد تدرّج النضال في المناطق الوسطى حتى تم صياغة دور للمقاومة التي شاركت في الكفاح المسلح والعمل الفدائي في عدن ، وبذلك استطعنا تحقيق انتصارات وطنية بتضحيات شجاعة وكان الجميع تحت مظلة الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل ، ولا ننسى أيضا أن لجبهة التحرير والتنظيم الشعبي دور في تحقيق تلك الانتصارات ولكن كانوا بأعداد قليلة في المنطقة الوسطى.
* هل يمكن أن تسرد لنا بعض الخطوات الهامة في سير ثورة 14 أكتوبر المجيدة؟
- في يوليو 1967 م بدأت الانتفاضة في المحافظات الجنوبية لإسقاط السلطات المحلية ، وفي 20 يونيو 1967 م تم إسقاط كريتر والسيطرة عليها لمدة أسبوعين من قبل فدائيين من الجبهة القومية ، وقد كانت الضالع هي أول مدينة أُسقطت بيد الثوار ثم تلتها المناطق تباعا ، وفي 11 أغسطس 1967 م تم إسقاط السلطة المحلية في مديرية الوضيع ، وفي اليوم الثاني مباشرة - أي في 12 أغسطس 1967 م - تم إسقاط السلطة المحلية في مودية ، وأذكر أن المناضل ( محمد علي هيثم) قام بتسلق مكتب السكرتارية وأعلن من فوق المبنى إسقاط السلطة المحلية البريطانية في ذلك اليوم ، وتم إنزال علم الاتحاد من على مبنى السكرتارية ..وفي 19 أغسطس 1967 م تم إسقاط السلطة المحلية في لودر ، وتلتها في 27 أغسطس من نفس العام إسقاط السلطة المحلية في زنجبار وجعار ، وبذلك أُعلن إسقاط السلطة المحلية كاملة في المنطقة الوسطى وتخضع لسيطرة الجبهة القومية. وبعد ذلك أُسقطت المناطق الأخرى وكان دور كبير للمناضلين : ( صالح علي عواس ، والحاج صالح باقيس ، وناصر محمد صلاح ، وعلي ساري عوض ، وباعلوي واسمه التنظيمي كاسترو) في إسقاط حضرموت في أكتوبر 1967م
* لماذا لم يتم رفع علم الجبهة القومية بدلاً عن علم الاتحاد عند إسقاطكم لمراكز السلطات المحلية في المنطقة الوسطى؟
- هذا السؤال كنت قد وجهته أنا في تلك الأيام للأخ / محمد علي هيثم بعد أن أسقطنا مبنى السلطة المحلية في مديرية مودية بيد الثوار من الجبهة القومية ، وقد كان جوابه كالآتي : ( من الصعب بمكان أن نرفع علم الجبهة القومية فوق المبنى خلفاً لعلم حكومة الاتحاد في هذه الظروف خاصة لأن معناه أن نتحمل مسؤولية المنطقة إداريا وأمنيا ورواتب الموظفين ..إلخ ، وهذا مالم نستطع تحمله لأن تبعاته كبيرة ؛ لكن يكفي أننا أسقطنا السلطة ولتبقى الأمور على ما كانت عليه حتى نتمكن من تشكيل حكومة الاستقلال).
* كيف بدأت الخلافات بين الجبهة القومية وجبهة التحرير؟
- برز الاختلاف للعيان بين الجبهتين بعد أن كان وفد الجبهة القومية في القاهرة التي جمعت وفدي الجبهتين لحل الخلافات العالقة ، وبعد أن تسارعت الأحداث على الأرض بشكل كبير استدعت الجبهة القومية الوفد المشارك في القاهرة وطلبته للرجوع إلى عدن ، وقد كان يضم بعض المناضلين منهم : سيف الضالعي ، ومحمود عبدالعزيز الحضرمي. وقد كانت مديرية الشيخ عثمان في مدينة عدن هي ساحة التصفية بين الجبهتين ..وفي 6 نوفمبر 1967 م اعترف جيش الاتحاد العربي بأن الجبهة القومية هي الممثل الرسمي لشعب الجنوب ، وهذا الاعتراف بمثابة هزيمة لجبهة التحرير التي انسحب مناضلوها من عدن إلى الأراضي في الشمال والتي أصبحت ملاذهم الوحيد.
* نسمع ونقرأ عن الانقسام الذي حدث داخل إطار الجبهة القومية وتشظى إلى تيارين.. ما هو السبب برأيك؟
- منذ العام الأول للاستقلال ظهرت صعوبات أدت إلى انقسام الجبهة القومية إلى تيارين .ومن هذه الصعوبات على سبيل المثال : في 2 مارس 1968 م عقد المؤتمر الرابع للجبهة القومية وقد كنت عضواً وحضرت ذلك الاجتماع وبرز خلاف بين تيارين في إطار الجبهة ..
- تيار يقوده المناضل فيصل عبداللطيف والمناضل قحطان الشعبي ، وهو التيار الذي كان يريد السير لنا نحو الاستقرار والتنمية والنهوض بالمجتمع والمساواة وبناء الدولة.
- وتيار آخر يتزعمه المناضل عبدالفتاح إسماعيل والمناضل عبدلله الاشطل ، ومن هنا انشقت الجبهة القومية في المؤتمر العام الرابع ، وظهر جناحان ، وتصاعد الاختلاف بينهما حتى حدثت حركة 20 مارس 1968 م عندما تحرك مجموعة من ضباط الجيش وقالوا لا بد أن نتخلص من البعض الذين يقفون حجر عثرة أمام التقدم ..وتم اعتقال عبدالفتاح إسماعيل وسالمين وغيرهم ؛ ولكن قحطان الشعبي قال: " لا يمكن أن يكون صراع بين رفاق النضال" . وحاول أن يقارب بين وجهات النظر ولكن حادثة زنجبار التي أودت بحياة أربعة أشخاص كانت عقبة أيضا وزادت من حدة الانقسام ..فبعد أن وصل خبرها إلى القيادة العامة للجبهة القومية في عدن تحرك مجموعة من الجيش للنزول إلى أبين زنجبار للقضاء على ما سموه آنذاك بالتمرد الحاصل هناك. وبعدها تم القيام بحركة 22 يونيو 1969 م أُطلق عليها حركة تصحيحية وتم فيها حجز قحطان الشعبي وفيصل والقيادات الأخرى وتم تشكيل مجلس رئاسة من خمسة أعضاء وهم ( سالم ربيع علي ..عبدالفتاح إسماعيل ..محمد علي هيثم ..محمد صالح العولقي ..علي عنتر).
* هل كان لحكومة الشطر الشمالي من اليمن أي دور يذكر في مساندة الثورة في الجنوب؟
- لم يكن للحكومة في الشمال أي دور يذكر ، بل كانت القوات المصرية المتواجدة في الجمهورية العربية اليمنية هي التي قامت بدعم ثورة سبتمبر وهي أيضاً دعمت الثوار في الجنوب ، في البداية دعموا الجبهة القومية وفي الأخير دعموا جبهة التحرير للنضال ضد الاستعمار البريطاني ، وأذكر أن جمال عبدالناصر ألقى خطاباً في محافظة تعز قبل قيام الثورة في الجنوب حيث قال : ( إن على بريطانيا أن تأخذ عصاها وترحل من الجنوب).
* كيف تقرأ الواقع منذ الاستقلال حتى عام 90؟
- سارت الأحداث في اتجاهات متصاعدة ، فلو قلت لك بأن هناك كانت إيجابيات وأيضا سلبيات ..
ومن تلك السلبيات على عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى العمل بتطبيق قانون التأمين الذي أُصدر في 1968 م كان بمثابة العصا التي حطمت كل الأسس التي كانت ستنهض بعدن والجنوب لأن هذا القانون ضرب ميناء عدن الذي يعتبر الميناء الثالث عالمياً لأهميته الاستراتيجية ووقوعه على ممر ملاحي ودولي.
ومن السلبيات أيضا التصفيات التي تمت للعديد من الكوادر والشخصيات المرموقة وتصفية الخصوم وأخذ ممتلكاتهم وقانون الإصلاح الزراعي.
وأما الإيجابيات فإنها تتمثل بتوحيد السلطنات والمشيخات وجعلتها دولة واحدة ، وكذلك القضاء على الثأر القبلي والقضاء على الأمية ومجانية التعليم بمختلف مراحله وفرضت هيبة الدولة..