أطفال اليمن «يرسمون للحياة» تحت معاناة الحرب
صنعاء/الأمناء نت / القدس العربي

 «أحلمُ بالسلام» كلمتان اختزل بهما محمّد (12 سنة) فكرة لوحته، وهو يقدّمها، خلال افتتاح معرض ورشة «يرسمون للحياة»، التي نظمتها مؤسسة «ملامح للثقافة والفنون» في صنعاء، خلال 17-19 أكتوبر/ تشرين الأول. 
أكثر من 30 لوحة لـ17 طفلاً لم تتجاوز، موضوعاتها، ثنائية الحرب والسلام؛ فكان لافتاً عدم اشتغال أي منهم على حلمه الذاتي، ما يؤكد مدى تأثير الحرب في وعيهم، حداً انصهرت فيه أمانيهم بحلم السلام في مواجهة أهوال الحرب في بلادهم.
وتتيح منصات ورش الرسم الحر للأطفال فرصاً للاشتغال المباشر على أدوات وتقنيات الرسم في التعبير عن أحلامهم ومكنون مشاعرهم، علاوة على إسهام هذه الورش، في تكريس حضور الفن كقيمة إنسانية راقية في وعي الطفل. وتعدُّ هذه الورشة الثالثة، التي تستهدف بالرسم الحر الأطفال في صنعاء، خلال الحرب المستعرة في البلاد منذ ثلاث سنوات. 
«تنطلق أهمية هذه الورش من خصوصية الظروف التي يعيشها الأطفال في اليمن تحت معاناة الحرب، التي تنعكس آثارها سلباً في التكوين النفسي والعاطفي للطفل، وتؤثر في قناعاته تجاه الحياة؛ وبالتالي فإن هذه الورش تتيح للأطفال، من خلال الرسم الحر، التنفيس والتعبير، بالإضافة إلى التجريب الفني والاحتكاك بالفنانين؛ ما يكون له أثر إيجابي في علاقتهم بواقعهم وبالفن والحياة» تقول مشرفة الورشة الفنانة غادة الحداد.
ووفق الأمم المتحدة فإن أطفال اليمن يدفعون ثمناً باهظاً للحرب. وذكر تقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 5 سبتمبر/أيلول أن (5144) مدنياً يمنياً قتلوا، فيما أصيب أكثر من (8749) شخصاً، منذ بدء الحرب في مارس/آذار 2015 وحتى 30 أغسطس/ آب الماضي. وحسب التقرير، فإن الأطفال يمثلون نحو ربع عدد قتلى الحرب في اليمن، مؤكداً أن «(1235) طفلاً قتلوا، فيما أصيب (1541) آخرون»، إلى ذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية مؤخراً أن ثلثي وفيات وباء الكوليرا، المنتشر في البلاد، هم من الأطفال. 
في ظل هذه المعاناة ليس بمستغرب أن تأتي لوحات الأطفال المشاركين في الورشة مثقلة بكثيرٍ من أوجاع الحرب، ولا نسمع فيها سوى صوت السلام؛ بل إن مستوى الرؤية التي عكستها، والتفاصيل التي عالجتها والتقنية الشكلية واللونية التي اشتغلت عليها، كأنها قد تجاوزت مَن هُمّ في أعمارهم.
في اللوحات التي اشتغلت على الحرب موضوعاً للسلام، لم يستطع مؤيد (10 سنوات) أن يتجاوز في لوحته، التعامل المباشر مع موضوع الحرب على ما فيه من نزيف. تفاصيل كثيرة استوعبتها لوحته: راية اليمن كأرضية اختزل في لونها الأبيض واقع البلاد من خلال شارع برصيفين على كلٍ منهما بيوت، وتحت سماء تلك البيوت طائرة تقصف، فيما نزيف اللون الأحمر ينهمر على بقية ألوان الراية، في تعبير مؤلم عن واقع الحال هناك؛ وهي الحال التي لم ينس فيها التعبير عن الحاجة للسلام من خلال نداء نسمعه من إحدى نوافذ تلك البيوت. كما لم ينس، أيضاً، أن يضع وسط اللوحة شجرة خضراء تعبيراً عن الأمل رمز المستقبل.. وهي الفكرة التي ترجمها زميله يوسف (11 سنة) لكن برؤية أخرى اختزل فيها اليمن في هيئة شجرة وارفة تزدان بألوان الراية اليمنية أيضاً، فيما غُرِس سيف في جذعها «هذا اليمن وهذه الحرب» يقول يوسف عن فكرة لوحته. 
مقابل الأعمال التي اشتغلت على الحرب بشكل مباشر كان ثمة لوحات اشتغلت على الأمل بالسلام كموضوعٍ رئيس من خلال رسم الحَمَام، وتجسيد ملامح الجمال المستوحاة من البيئة المحلية، كمناظر الأشجار والوديان والجبال والسفن والبحار ومعالم المعمار التقليدي ومناظر الشروق وغيرها، مما أراد منه الأطفال التعبير عن رؤاهم الداعية للسلام بطريقة مختلفة عن زملائهم الذين اشتغلوا على مأساة الحرب تعبيراً عن أهمية الحياة بسلام. 
الورشة التي استضافتها مؤسسة بيسمنت (القبو) الثقافية، «تمت تحت إشراف فنانين محترفين عملوا على مساعدة الأطفال في استخدام خامات الرسم ومعالجة أفكارهم لونياً، وتمكينهم من بعض المهارات الأساسية في علاقتهم باللوحة تحت مظلة هدف كبير؛ وهو تعزيز علاقة الأطفال برسم الحياة من خلال التعبير عن مظاهرها وتمكينهم من التنفيس عن رؤاهم تجاه واقعهم ومنح تطلعاتهم فرصة الخروج إلى الضوء والحياة ألواناً وخطوطا» تقول غادة الحداد.
كل ذلك يؤكد أهمية انتظام تواصل وانتشار تنظيم هذه الورش وغيرها كوسيلة من وسائل عديدة تستهدف الأطفال في بلدان الصراع بما يتجاوز بهم مأساة الحرب.

متعلقات
للانتقالي كل الحق..!
فخراً وعزأ وشموخ.. لشعب الجنوب خاصة ودول الخليج عامة ..!
أكرم علي الكُميتي يُمنح شهادة الدكتوراه بامتياز
إستكمالا للوضع الصحي بشبام .. الوحدة الصحية والعيادات..!
لمن لايعرف عن المشاريح أقصى غرب حجر ..!