للأسف الشديد أصبحت الكثير من الأقلام التي تحارب الفساد بطريقة ( أربعة اثنين أربعة ) وتتناقل هذه القضايا بسرعة جنونية قد تفوق الخيال وتتوزع على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بسرعة البرق رغم رداءة خدمة الإنترنيت في وطننا والذي لا يستطيع حتى أن يتجاوز سلحفاة كادت أن تقول بلسان حالها { وقد بلغت من الكبر عتيا } أو { واشتعل الرأس شيبا } ، وهذا شيء جميل ويتوجب علينا الوقوف مع كل قضية فساد ، ولكن من المؤسف أن من يحاربون الفساد وهم يستندون على مبدأ "كما ورد" أو "كما وصلني" أو "علمنا من مصدر مسؤول ويفضل عدم ذكر اسمه" ، فإذا كان هذا بنظركم محاربة الفساد من منظور تطهير جنوبنا الغالي من الفساد واقتلاع المفسدين كقضية "وطن خالٍ من الفساد" فإنها والله ما ينطبق عليها بـ "شر البلية ما يضحك " وأنتم واهمون بهذا ، ومخطئون ، بل أنتم تساعدون بهذه الطرق على تعميق الفساد وزرع الفتنة وتفشي ظاهرة الانتقام ونشر الأحقاد في مجتمعنا وهذا ما يجعل الرأي العام تُغيّم عنه الحقيقة .
لمحاربة الفساد ومن مبدأ الحس الوطني والنوايا الصادقة والمخلصة للوطن يجب أن ننظر للقضية من عدة اتجاهات ، وأن نستمع إلى جميع الأطراف ، والأهم من كل هذا يجب أن نتأكد بأنفسنا عن تلك القضية وأن لا نعتمد على أقاويل قد تفشت في المواقع دون أن نعلم مصادرها ، ويجب علينا أن نكون أقرب أكثر إلى القضية التي نريد محاربتها واقتلاع جذورها لأننا إذا اقتلعنا أغصانها وأبقينا الجذور سيأتينا "الربيع" ويثمر لنا أغصاناً كثيرة ، أعتقد أننا نقرأ ونستمع للكثير من الأقاويل وننجر خلفها ولكننا لو نزلنا إلى الواقع نتفاجأ بحقائق مغايرة تماماً عن ما سمعناه وتناقلناه وساعدنا بنشره ونحن والله عن ما نشرناه "غافلون" .
اسمح لي عزيزي القارئ أن أتطرق لك عن موضوع يعتبر حديث الساعة وهو قضية البسط على مقر (اتحاد الأدباء والكتاب) في خورمكسر كورنيش "ساحل أبين" ، وبالفعل نحن ضد هذه الأعمال وكلنا نتضامن مع مقر الاتحاد وهذا بدون أي شك ، ولكن للأسف نحن نظرنا للقضية من اتجاه واحد ولم نسمح لأنفسنا أن ننظر إليها من اتجاهات أخرى ، وحاربنا المواطن وساعدنا في هدم المبنى وتركنا من هو الفاسد الحقيقي! ، إلا أننا وكما تطرقت سالفا حاربنا الأغصان تاركين الجذر ليتم زراعته من جديد لأن واقع هذه القضية ينقصه الكثير لاقتلاع المتسببين من جذورهم ، وللأسف اكتفينا بما قد أُشيع لنا بأن الباسط قد قام بعملية البناء بموجب أوراق مزورة قام بتزويرها بحسب إفادة الهيئة العامة لمصلحة الأراضي وعقارات الدولة ، وكذلك البحث الجنائي في العاصمة عدن ، ولكن الواقع كان في بدايته محيراً لمن أراد أن يحارب الفساد عن بُعد ، ومن خلال تقربنا ونزولنا إلى الواقع علمنا حقائق وبراهين غابت عن "محاربي سلاحف النينجا" وكانت هذه الحقائق قد وضع عليها علامات استفهام وهي :
- إلى ماذا اعتمدت إدارة البحث الجنائي أن أوراق الباسط مزورة وهي لا تمتلك حتى صورة من أوراق الباسط ؟
- الهيئة العامة للأراضي وعقارات الدولة طالما وأنها أفادت إدارة البحث الجنائي بأن أوراق المذكور {عبدالله محمد صالح البيحاني } مزورة ، إذن لماذا قامت الهيئة بالتوجيه بإيقاف رواتب الذين قاموا بعمل إسقاط هندسي صحيح بتوقيعاتهم والذي يفيد بأن موقع المذكور يفصله شارع بعرض ( 8 ) متر عن مبنى اتحاد الأدباء والكتاب وإحالة مدير الأراضي ورئيس قسم الاستثمار والمهندس المختص للتحقيق القانوني ؟
هذا الأمر وإن دل فإنما يدل أن الهيئة العامة للأراضي وعقارات الدولة متورطة تورطا كبيرا في هذه القضية بل وأنها قامت بتضليل الحقيقة وإفادة إدارة البحث بأن أوراق المذكور مزورة وهي التي قامت بالفعل بالسماح للتصرف بمبنى اتحاد الأدباء والكتاب .
إذن من هم الفسدة ؟ ، ومن الذي يتوجب علينا محاربته ومحاسبته؟ ، أهو المواطن أم أصحاب الاختصاص المحسوبين على الدولة ؟
قرار النيابة كان واضحا بإيقاف العمل في الموقع وإحالة أوراق المذكور للتكنيك الجنائي لإظهار حقيقة ما إذا كانت أوراق المذكور مزورة أم صحيحة ، إلا أن هناك جهة رمت بقرار النيابة وقامت بهدم المبنى دون انتظار التحقيق الذي كان سيثبت أن الأوراق سليمة وليعرف الرأي العام من الذي قام بإصدار هذه الأوراق ! .
وبهذا العمل نكون قد حاربنا قضية قد عانى منها الكثير من المواطنين واقتلعناها من جذورها ونقلنا حقيقة ما يدور بمصداقية وبكل شفافية ولم نكتفِ بمحاربة مواطن مغلوب على أمره فقط .