قال عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، محمد قحطان، إن هناك الكثير من التحديات التي لاتزال قائمة أمام مؤتمر الحوار الوطني، مشيراً إلى أن هناك من يسعى جاهداً وبشتى الوسائل، من فوق الطاولة و من تحت الطاولة لإفشال مؤتمر الحوار.
وأكد في حوار مع صحيفة «الثورة» على أن تماسك قوى الثورة والتفافها حول ضرورة إنعقاد المؤتمر مهم جداً لتعزيز الرئيس وحكومة الوفاق في دفع عجلة مؤتمر الحوار الوطني نحو النجاح.
وأضاف «انعقاد مؤتمر الحوار الوطني يصب في مصلحة الشعب اليمني، كما أنه يأتي تتويجاً لمطالب الثوار، وهو أيضاً هدف لكل دعاة الإصلاح والتغيير، ولكن بكل تأكيد يأتي عقده وسط ظروف وتحديات جسيمة، وكنا نتمنى أن تأتي هذه اللحظة وقد تجاوزنا الكثير منها، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، لكني متفائل أن المسيرة ستمضي وسط العقبات وسينتصر الشعب اليمني في النهاية».
وفي رده على سؤال حول عودة صالح إلى السلطة قال قحطان « الحديث عن عودة علي صالح أو ابنه إلى الحكم حالة جنونية أقرب منها إلى أحلام اليقظة».
منوهاً إلى أن صالح انتهى، وخرج من السلطة ورحل ولن يعود، وما يجري هو عبارة عن فقاعات، قد يكون بإمكانه أن يفتعل مشكلة هنا، أو يفجر مشكلة هناك.
وبالنسبة لما يثار حول تقسيم اليمن إلى عدة أقاليم ورؤية حزب الإصلاح إلى ذلك، قال قحطان: «لا أحد يتحدث عن ستة أقاليم، ولا سبعة أقاليم، لا في إعلام، ولا في أي دولة ، ونحن متفقون جميعا على أن هذا الوضع السائد في الإدارة والذي يتطلب من المواطن في أقصى المهرة لو كانت لديه معاملة بسيطة أن يسافر إلى صنعاء، هذا الوضع مرفوض من الجميع، ونحن جميعا متفقون على أن الدولة القادمة يجب أن تقوم على قاعدة اللامركزية؛ حدود اللامركزية؟ ما هي اللامركزية؟. هذا أمر متروك للحوار الوطني».
وتابع قائلا «نحن مع أي شكل من أشكال اللامركزية؛ يلبي طموحات المواطنين، ويكون قابلاً بالفعل من الناحية العملية للتنفيذ، ومن شأنه أن يلبي طموحات الناس، ويوسع قاعدة المشاركة السياسية، ويتيح فرصة للناس في مختلف المناطق؛ أن يشاركوا في القرار، وبنفس الوقت يساهم في تحقيق القسمة العادلة للسلطة والثروة.وعليه فإن كل أو أي صيغة تحقق هذه الأهداف الوطنية نحن معها».
نص الحوار
- كيف تقرأ المشهد السياسي الراهن بالتزامن مع إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني؟
إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني يصب في مصلحة الشعب اليمني ، كما أنه يأتي تتويجاً لمطالب الثوار ، وهو ايضاً هدف لكل دعاة الإصلاح والتغيير، ولكن بكل تأكيد يأتي عقده وسط ظروف وتحديات جسيمة ، وكنا نتمنى أن تأتي هذه اللحظة وقد تجاوزنا الكثير منها ، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن ، لكني متفائل أن المسيرة ستمضي وسط العقبات وسينتصر الشعب اليمني في النهاية .
- ماهي أبرز هذه التحديات ؟ وما هي ضمانات نجاح مؤتمر الحوار؟
التحديات قائمة وهناك من يسعى جاهداً وبشتى الوسائل، البعض من فوق الطاولة، والبعض الآخر من تحت الطاولة لإفشال مؤتمر الحوار الوطني، لكني أعتقد أن تماسك قوى الثورة وإلتفافها حول ضرورة إنعقاد المؤتمر مهم جداً لتعزيز الرئيس وحكومة الوفاق في دفع عجلة مؤتمر الحوار الوطني نحو النجاح .
الإشراف الدولي
- هناك من يقول أن الإشراف الدولي على مؤتمر الحوار قد يؤدي إلى فشله ؟
هذا فهم غير صحيح ؛ لأن الذين سيتحاورون هم اليمنيون ، وفي ظل دعم وتأييد وتشجيع دولي للحوار، وأعتقد أن هذا الدعم والتشجيع الدولي ، كان ضرورة ملحة ، وليس هناك أحد من الدول يقول إفعلوا أو لا تفعلوا، لكن الجميع يحث اليمنيين أن يجلسوا على طاولة الحوار الوطني.
وبالتالي فإن الدور الدولي والإقليمي في هذه الظروف دور محمود ، ويدفع بإتجاه الحفاظ على أمن وإستقرار ووحدة اليمن.
فُقاعات
- هناك من يقول أن النظام السابق إنتصر على قوى الثورة بإصراره على البقاء في اليمن وبفرضه القائمة التي يريد في مؤتمر الحوار، وبالتالي قد يعود أقوى مما كان إذا لم يقف مؤتمر الحوار أمام تجاوزاته ويضع حداً لتحركاته؟
علي صالح انتهى، خرج من السلطة ورحل ولن يعود، لكن ما يجري هي عبارة عن فقاعات، قد يكون بإمكانه أن يفتعل مشكلة هنا ، أو يفجر مشكلة هناك ، لكنه انتهى وخرج من حياة اليمنيين وانتهت فكرة التوريث وإلى الأبد.
وأي أحلام خارج هذا الفهم والواقع فهي أحلام أقرب إلى الحالة الجنونية منها حتى إلى أحلام اليقظة، وبالتالي فإن الحديث عن عودة علي عبد الله صالح أو ابنه إلى الحكم حديث انتهى زمنه وانتهى أمره.
حزب المؤتمر
- ماذا عن المؤتمر الشعب العام وإصراره على بقاء صالح رئيساً له ؟
بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام فنحن في قوى الثورة لم نطالب في يوم من الأيام بإقصائه وإلغائه ، بل هو الآن نفسه المعني بأن يجدد في قيادته أو يستمر على قيادته الحالية ؛ وهو الذي سيخسر إذا لم يدرك المتغيرات الحقيقية .
زمن الحوار
- في تاريخ الحوارات وحتى النزعات الإقليمية والدولية لم يحدث وأن استمر حواراً نصف عام؟
لا ، ممكن أن يحدث هناك بعض الحوارات إستمرت أكثر من سنة ، فليست المشكلة في الزمن ، ونحن نعتقد انه ليس أمامنا إلا أن نتحاور، ونتحاور، والجدول الزمني المتمثل في الستة الأشهر ممكن يمثل السقف الأعلى ، ويمكننا أن ننجز الحوار في أسرع من ذلك وقد تأتي ضرورة تتطلب شهراً إضافياً ، وهذه أمور تحكمها وقائع ومجريات الحوار .
القضية الجنوبية
يطرح الرعاة الإقليميين والدوليين بأن حل القضية الجنوبية يجب ان يكون في إطار الحوار الوطني الشامل ، فلماذا اعترفت الأمم المتحدة بالقضية الجنوبية في لقاء دبي وأبدت موافقة ضمنية لعقد مؤتمر خاص بالجنوب ؟
لقاء دبي كان الغرض منه تعزيز حضور بعض فصائل الحراك إلى الحوار الوطني، هدفه تعزيز الحوار الوطني ، وتعزيز التوجهات والقرارات، وليس خلق توجهات وقرارات جديدة .
الدستور الجديد
- ما تقييمكم لما تضمنه التقرير النهائي لتحضيرية الحوار بأن يتولى خبراء دوليين إعداد مسوده دستور اليمن؟ وكيف تقرأون الأبعاد الدستورية لهذا التوجه ؟
الحديث هنا يأتي عن دور خبراء دوليين ، ومعناه أن هناك لجنة وطنية، وهناك مسائل ستطرح ، ويتطلب ذلك أن تستمع اللجنة الوطنية للخبراء الدوليين .
وبحسب علمي لم يقل احد ان الخارج هو الذي يصيغ الدستور؛ لكن مثلا قد تأتي أنت تسأل عن بعض النُظم ، ودور الخبير الدولي هنا يقتصر على أنه يصف لك، ويحدثك عن تجارب ، ولا يقول لك هذه أحسن أو تلك أفضل، كما يعتقد البعض ، بل يمكن له أن يخبرك أن المشكلة هذه حصلت في دولة ما ، وتم التعاطي معها بهذه الطريقة أو تلك ، وحصلت في الدولة الفلانية ، وتم التعاطي معها ، وفق كذا ، شيء هذا القبيل.
رؤية الإصلاح
- ما هي رؤية حزب الإصلاح لمؤتمر الحوار الوطني وكيف يتعاطى مع مجرياته ووقائعه ؟
موقف حزب الإصلاح هو جزء من موقف اللقاء المشترك، وموقف اللقاء المشترك هو جزء من موقف قوى الثورة، وموقف قوى الثورة جزء من موقف الشعب اليمني بعامته.
الكل يتطلع ويأمل أن نتمكن في مؤتمر الحوار الوطني من رسم خارطة بناء يمن ديمقراطي ، موحد ، يتسع لكل أبنائه.
- هل لديكم مبادرة وطنيه في حزب الإصلاح أو في إطار اللقاء المشترك ستتقدمون بها لمؤتمر الحوار الوطني ام أنكم تكتفون بما تضمنته المبادرة الخليجية ؟
اللقاء المشترك لديه رؤية موحده تجاه عديد من القضايا التي سيتناولها مؤتمر الحوار.
الأقاليم واللامركزية
- هل صحيح أن تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم يأتي تلبية لإشتراطات وضغوط أمريكية مسبقة مقابل دعم التوجهات الجديدة ؟
لا أحد يتحدث عن ستة أقاليم ، ولا سبعة أقاليم ، لا في إعلان ، ولا في أي دولة.
نحن متفقون جميعا على أن هذا الوضع السائد في الإدارة والذي يتطلب من المواطن في أقصى المهرة لو كان لديه معاملة بسيطة أن يسافر إلى صنعاء، هذا الوضع مرفوض من الجميع ، ونحن جميعا متفقون على أن الدولة القادمة يجب أن تقوم على قاعدة اللامركزية ؛ حدود اللامركزية ؟ ما هي اللامركزية؟. هذا أمر متروك للحوار الوطني.
نحن مع أي شكل من أشكال اللامركزية؛ يلبي طموحات المواطنين ، ويكون قابل بالفعل من الناحية العملية للتنفيذ، ومن شأنه أن يلبي طموحات الناس، ويوسع قاعدة المشاركة السياسية، ويتيح فرصة للناس في مختلف المناطق؛ أن يشاركوا في القرار، وبنفس الوقت يساهم في تحقيق القسمة العادلة للسلطة والثروة.
وعليه فإن كل أو أي صيغه تحقق هذه الأهداف الوطنية نحن معها.
لكن عندما نخوض في التفاصيل ، بعض التفاصيل تحتاج الى رؤى علمية، ويجب تجنب أن تصبح السياسة هي التي تقصْر الرؤى العلمية والتي يجب أن تبنى على رؤى ودراسات ميدانية، ونحن نقر من حيث المبدأ، مبدأ المركزيه الذي يحقق طموحات الناس.
الفيدرالية
- بالنسبة للفدرالية هناك من يرى أنها ستكون مقدمه للانفصال هل تتفق مع هذا الطرح؟.
النظام الفدرالي يمكن أن يوضع في سياق يؤدي الى وحدة، ويمكن يوضع في سياق يؤدي إلى إنفصال، بمعنى أنه يمكن يأتي في سياق حل حقيقي لمشكلة، وتلبية حقيقية لطموحات الناس والخروج بـ(يمن) ديمقراطي موحد يتسع لكل أبنائه ؛ أو يتحول إلى وسيله أخرى.
التسوية
- هل صحيح أن التسوية الأقليمية والدولية لم تتحقق بعد مادام المشهد اليمني الجنوبي خارج تلك التسوية؟
مؤتمر الحوار سيتعاطى مع كل القضايا ، بما فيها القضية الجنوبية ، وهي على رأس القضايا، واليمنيون اليوم بحاجة إلى بناء دولة؛ بناء يمن جديد، دولة مدنية ، ديمقراطية، حديثة ، تقوم على قاعدة سيادة القانون والمواطنة المتساوية .
هذه كلها آمال وطموحات الناس ، وما يحتاجه الناس، وإن شاء الله سيتم التوصل إلى شيء يعبر عن إرادة الجميع.
وبالتالي فإن ما سيتم التوصل إليه هو حتما سيكون معبر عن المستوى الوسطي لتطلعات الجميع ، ولا يوجد طرف سيحقق الذي برأسه.
- كم نسبة التوافق التي يجب أن تتوفر في مؤتمر الحوارعلى القضايا المطروحة؟
هذه من المسائل الإجرائية التي رتبها النظام المقر للحوار الوطني ، لكن الأمور تحتاج منا إلى أن نصغي لبعضنا البعض ، وأن نتنازل لبعضنا البعض ، وأن نركز همنا على كل ما من شأنه أن يوجِد يمن جديد؛ ديمقراطي موحد ؛ يتسع لكل أبنائه ، يقوم على قاعدة الشراكة الوطنية، المواطنة المتساوية، سيادة القانون، هذا ما نطمح إليه جميعاً.
إنقسام الجيش
- هناك مخاوف من تأثير استمرار إنقسام الجيش على مخرجات الحوار الوطني؟
هناك قرارات صدرت ونأمل أن يتم إستكمالها.
الإقتصاد
- الحوار جاء كمنفذ للخروج من الأزمات لكن الملاحظ أنه وضع على قائمة أولوياته القضايا السياسية كالقضية الجنوبية بينما القضايا الإقتصادية ومشكلة الفقر والبطالة وغيرها من القضايا التي تهم كل اليمنيين لا تحتل تلك المرتبة الكبيرة، مع أن هذه المطالب الحقوقية والفئوية لو نظرنا إليها لوجدنا أنها في الأساس من أدت إلى تلك المشاكل السياسية؟
الفساد السياسي هو من أدى إلى المُشكِل الإقتصادي وغيره ، هذا من جهة، ومن جهة ثانية الناس يتحاورون فيما يختلفون فيه، ومن هذا الذي سيعارض وجود برنامج لمعالجة الفقر والبطالة؟
لا أحد ، لكن الأهواء السياسية أحياناً هي التي تعمل إقلاق وتعمل إشكالات.
وبالنسبة لمعالجة الأزمة الإقتصادية فإن أهم عنوان لمعالجتها ، هو أن تزول الإحتقانات السياسية ، وتزول الإشكالات الأمنية، وبالتالي يحصل أمن إستقرار، يأمن الناس ، فيبدأؤن يتحركوا، يشتغلوا، تبدأ الإستثمارات تتدفق ، وهكذا.
لذا فإن نجاح مؤتمر الحوار سيكون له مردود إقتصادي كبير.
الإصلاح .. وحملات التخويف
- نعود إلى حزب الإصلاح .. ما هي رؤيتكم لحملات التخويف من الإصلاح وبأنه يمارس الإقصاء ؟
والله ، حتى هذه اللحظة نحن شعرنا أن هناك حملات كيدية تستهدف الإصلاح لا لشيء إلا للتعبير عن رؤى مسبقة وقناعات مسبقة، لدى أصحابها وهي لا تمت للحقيقة بصلة.
الإصلاح حزب منفتح ؛ لم يحكم بعد ، حتى يقال أنه يُقصي ، نحن الآن جزء من المنظومة الحاكمة، وليس كل أعضاء الحكومة شكلناها نحن ، فلا رئيس الحكومة منا، ولا رئيس الجمهورية منا، نحن مشاركين بوزراء شأننا في هذا شأن بقية القوى.
بل حتى في إطار المجلس الوطني ، ربما الوزراء الذين يمثلون الكتل المستقلة وغيرها، أكثر من وزراء الإصلاح .
ونحن نعتقد أن اليمن يحتاج لفترة زمنية ، يتم فيها إنجاز بناء الدولة ؛ لأن إنجاز بناء الدولة من غير الممكن ان يتم من خلال طرف واحد.
اليمن تحتاج إلى كتلة تاريخية تنجز بناء الدولة ؛ ويحتاج إلى شكل من التوافق الوطني لفترات قادمة، حتى عندما ننتقل إلى الإنتخابات ، أو عندما ننتقل إلى المرحلة التالية، أيضا نحتاج إلى مستوى من الوفاق الوطني لأنه لا يستطيع أي طرف أن ينجز بناء الدولة بمفرده ، مهما كانت قوته وحضوره.
نحن حتى الآن بالنسبة للحملات الإعلامية حببَّنا ان نسكت ؛ في الغالب منهجنا السكوت إلا بعض إندفاعات الشباب هنا وهناك للرد ولتوضيح الحقائق، لكن منهجنا السكوت لأننا لا نريد أن ندخل في مهاترات ، لأننا وجدنا أن بعض الأطراف تريد أن تفتعل معنا معارك، وتريد أن ترفع أصواتها و(زعيقها) ، قبيل إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني ، كي تعمل نوع من التشويش.
لكننا فضلنا أن نصمت متجرعين مرارات الألم من هذا الكيد والكذب والتشويه .
ولو تم إحصاء عدد الأشخاص الذين تولوا مواقع من الإصلاح منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني ، ربما كنا نحن أقل حظاً حتى من كثير من هؤلاء الذين يرموننا كيداً
- ماذا عن إتهامكم بالإقصاء؟
نحن أعلنا من أوقات مبكرة رفضنا لمنهج الإقصاء وعانينا منه ؛ عانينا في المرحلة الماضية حيث كان يتم إقصاء شخص إصلاحي حتى من وظيفة التعليم ، معلم ، للصف الرابع الابتدائي ، لا هو مؤثر سياسيا، ولا حزبيا، ولا غيره .. إلا لكونه إصلاحي يتم نقله من منطقته إلى منطقة بعيدة ، وربما إلى محافظة بعيدة جدا، وكل ذلك بهدف الأذى فقط.
نحن عانينا صور وأشكال مختلفة من الإقصاء ، وبالتالي لا يمكن أن نقبل بأن نتحول في أي ظرف من الظروف إلى أن نمارس مثل هذه الممارسات اللاأخلاقية التي تتنافى مع الدستور والقانون هذا من جهة ؛
لكن من جهة آخرى، أصلاً نحن لدينا قرار استراتيجي يقوم على قاعدة ؛ أن اليمن في المستقبل ، لا يمكن ولا يمكن ولا يمكن ؛ أن تخطوا إلى الأمام إلا عبر بناء دولة.
وبناء الدولة أقول لا يمكن ولا يمكن .. إلى أن ينقطع نفسي أن يتم من خلال طرف واحد ، أو فصيل واحد، أو جهة سياسية واحدة ، بل لابد من توافق وطني على برنامج بناء الدولة يحظى بمناصرة الجميع ومن مختلف المواقع .
أي أننا في مرحلة قادمة وفي سنوات قادمة ، وعلى سبيل المثال نحن نرى أن المشترك خلال العشر السنوات القادمة ، يجب أن يستمر وأن يطور من آلياته وأن يطور من وسائله، ليكون أحد الصيغ السياسية لصناعة ذلك التوافق الوطني الذي لابد أن يستمر لأجل بناء الدولة.
- كيف سيتفق المشاركين في الحوار الوطني على القضايا السياسية الأساسية في ظل إنعدام الثقة وتباين الرؤى بين مختلف القوى السياسية على مخرجات مؤتمر الحوار ؟
بالفعل ؛ يحتاج الأمر إلى تجرد وصدق في النوايا ، وأن يدرك كل طرف أنه إذا كان يريد كما يقول المثل اليمني: (قُلائتي وإلا الديك) أي كلمتي وإلا مافيش ، أنا أو الطوفان ، إذا كان الامر كذلك فمعنى هذا أننا لن نصل إلى نتيجة.
وبالتالي عندما نقبل بالجلوس على طاولة حوار وطني معناه أننا نقبل أن يستمع بعضنا لبعض ، وأن نتبع أفضل الأطروحات ولو جاءت من جهة قد لا أكون أنا أو انت مرتاح إليها .
لكن الهدف الاستراتيجي الذي يجب أن نعمل له، يمن جديد ديمقراطي موحد ، يتسع لكل أبنائه، السلطة والثروة فيه شراكة ، لا يستأثر بهما أحد ، لا فرد ، ولا جهة ولا هيئة ولا حزب ، هذا هو الهدف الأساسي ، وكل طريق يوصلنا إلى هذا ينبغي أن نسلكه.
الجنوب ودعوات العصيان
- ما رأيكم في إستمرار دعوات العصيان المدني في ظل إنعقاد مؤتمر الحوار .. هل سيؤثر ذلك على مجرياته؟
لا شك أن القضية الجنوبية تقع في صدارة قضايا مؤتمر الحوار الوطني ، والبحث عن حلول أمرا ضروريا.
لكن من المؤكد أن كل العقلاء يدركون أن الحديث عن الإنفصال ليس حلاً، الإنفصال مشكلة ، وبعض الأخوة الجنوبيين تضرروا من بعض الأمور، ونأمل أن يتمكن مؤتمر الحوار من إتخاذ قرارات جادة وصارمة تعمل على تلبية مطالبهم المشروعة، ومعالجة مظلومياتهم التي عانوا منها. ولا ننسى أن نذكّر هنا أن هؤلاء ، كانوا هم انفسهم رافعين راية النضال من أجل تحقيق الوحدة اليمنية في فترة ما قبل التشطير، ولستُ قادر على على إستيعاب أن يتحول الإنسان إلى (سَبُورة) يأتي الأول يكتب فيها، ويأتي الثاني يمسح، ما كتبه الأول ويكتب كلام جديد ، هذا شيء صعب، هؤلاء المناضلون الوحدويون عليهم أن يعتبروا مؤتمر الحوار الوطني فرصة لإعادة صياغة وحدة يمنية يكون فيها جميع أبناء اليمن شركاء في السلطة والثروة.
شكل الدولة
- هل هذه هي رؤية حزب الإصلاح لشكل الدولة القادم .. لا مركزية تحد من السلبيات التي رافقت المركزية في السابق؟
هناك بعض القضايا ذات طابع علمي ، وفي تجارب لدول عديدة ، في هذا المجال، مثلاً نحن نتفق من حيث المبدأ على رفض المركزية القائمة والممارسات التي تجري ، والحديث عن حلول في إطار المعالجات التقليدية ، هذه أيضا مسألة مرفوضة.
نحتاج إلى معالجة طموحة ؛ حدها ، قدرها، كيفيتها، هذه جزء منها سيتناوله مؤتمر الحوار الوطني ، وجزء منها نحتاج فيه إلى رؤى علمية ، ومثلاً الذي يأتي يحدثني عن التقسيم، فأنت ممكن تطلق نظرة على الخارطة ، وتأخذ القلم وتقسم. لكن تحتاج أن تعرف الموانع الجبلية ، الإشكالات الإجتماعية، أن تعرف أمور كثيرة ، بمعنى أن هناك مستوى من الأمر يحتاج إلى أن لا نتصرف بالوطن تصرف أحمق.
نحن كسياسيين ممكن أن نقرر مبادئ؛ لكن دعني أقول لك بعض الدول، استغرقت للإنتقال مثلاً، من النظام المركزي إلى النظام اللامركزي حوالي خمسة عشر سنة وبعضها أكثر، وبعضها أقل، ولم أجد دولة استغرقت أقل من عشر سنوات في عملية الإنتقال هذه وهو إنتقال من نظام مركزي إلى لامركزي ، أو من دولة بسيطة إلى دولة إتحادية .
أما في حالتنا اليمنية ، لم يكن عندنا نظام مركزي أصلاً ، وعندما نتكلم عن النظام المركزي ، نجد أن له سلبياته وله إيجابياته، ومميزاته، وعيوبه، أما ما كان موجود عندنا لا نستطيع حتى أن نسميه مركزية ، بل كان حكم مشخصن (شخصي)، ما يطلع برأس النظام هو الذي يكون.
وفي الممارسات حتى النظم الديكتاتورية لا تستطيع توصيفه ، لا بالمركزي ، ولا بأنه ديكتاتوري ، بل نظام عبث، نظام فوضى، نظام لصوصي فردي مشخصن، قل فيه ما شئت ، وبالتالي نريد نحن الآن أن ننتقل من حالة اللادولة إلى دولة؛ وعليه فإن كل فقهاء القانون الدستوري ، وكل المنظرين السياسيين عندما يتحدثون عن اللامركزية؛ ينطلقوا من نقطة أساسية أنه لابد أن تكون هناك دولة مركزية أولاً.
ونحن لا يوجد عندنا مؤسسات دولة بالمعنى الحقيقي، ولذلك نحتاج إلى عقل؛ ومنطق، لنتفاهم ، وألا نحاول ونحن نضع النقاط على الحروف في هذه المسألة ، أن نحافظ على ارث تاريخي معين ، لأننا ندرك أن الإرث التاريخي سيء ، صحيح مطلوب منا أن نعطي للناس أمل ، لكن أيضاً نحتاج إلى أن تسود فينا روح المنطق العلمي.
باختصار نحن في الإصلاح مع أي شكل من أشكال اللامركزية من شأنه أن يوجد يمن جديد، ديمقراطي ، موحد ، يتسع لكل أبنائه.
- هناك من يرى أن الفيدرالية لا تكون إلا لدولة مفككة ولا تصلح للدولة الموحدة ؟
حتى الفيدرالية ليست نمطاً واحداً، يعني عندما يدرس المرء طبيعة الفيدرالية في كل الدول القائمة حالياً ، يجد أن كل فيدرالية لها نمطها الخاص بها، وبالتالي نحن نحتاج ان نستوعب تجارب الآخرين ، ونستوعب واقعنا ومتطلباته، ونبتدع من الأشكال ما يحقق الأهداف والتطلعات ، ولا يكون أملنا وهدفنا إلا تلبية تطلعات الشعب اليمني، وإعطاء فرصة لمشاركة أوسع في السلطة والثروة والقرار.
شباب الثورة
- كيف تنظرون إلى دور الشباب في ثورة فبراير ونسبة التمثيل التي منحت لهم في مؤتمر الحوار؟
أقول بكل أسف الشباب هضموا ، ولكن اقول لهم عزائكم أنه في النهاية لا يمكن أن يخرج مؤتمر الحوار ، إلا بما يحقق التطلعات التي طالما طمحتم إليها ودعوتم إليها ، صحيح أشعر أن تمثيل شباب الساحات لم يكن بالشكل المطلوب، ودخلت أهواء وكذا. لكن عزائي للشباب أنه لا يمكن ولا نتصور أن يخرج مؤتمر الحوار الوطني بمقررات خارج إطارالشعارات والمطالب التي رفعوها ، لأنه إذا خرج عن تلك الشعارات والمطالب التي رفعها الشباب في بناء دولة مدنية حديثة ، ومجتمع و يمن جديد موحد ،يتسع لكل أبنائه سيصبح فاقد المعنى.
الإسلاميين
- ما ردك على الإنتقادات التي يوجهها البعض للإسلاميين ؟ والطرح بأنه إذا فشل الإسلاميون في مصر سيؤثر على الإسلاميين في الدول العربية؟
أولاً: في اليمن من الصعب جداً أن نتحدث عن إسلاميين ، المجتمع اليمني مجتمع مسلم، والإسلام والعروبة ثابتين .
- أنا قصدتُ بالإسلاميين التسمية التي تطلقها وسائل إعلام بهدف التخويف على من يتبنون الفكر الاسلامي وينادون بتطبيق الشريعة الاسلامية فى الحكم وإلا فكلنا مسلمون ؟
الإسلام .. معناه الإستسلام ، وما من مسلم إلا ويستسلم لله مادام شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، لكن الناس يختلفون في الإجتهادات ، نحن سمينا انفسنا تجمع يمني للإصلاح ، و عندما أطلقنا على أنفسنا هذه التسمية ، وهي كانت سابقة لصدور قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية الذي صدر في الفترة الإنتقالية عقب الوحدة المباركة، بعد ذلك جرى تعزيز هذا التوجه الذي عبرنا عنه ؛ أن الإسلام، والعروبة، والجمهورية، وأمثال هذه الثوابت ؛ لا يجوز لأي طرف أن يعتبر نفسه المعبر الوحيد عنها أو المالك لها ! فجميعنا مسلمين، وبالتالي التمايز باسم الإسلام، باسم العروبة لا مجال له في اليمن .
- حتى وإن رفضتم هذه التسمية فوسائل الإعلام تتناولها؟
أحيانا قد تكون وسائل الإعلام درجت على تسمية معينة ، لكن مثلاً ، (الإخوان المسلمين)، كلمة إخوان مسلمين في مصر معناه أنهم عملوا كلمة “إسلام” في مسمياتهم، وبالنسبة لنا نحن لم نسمي أنفسنا مثلاً؛ التجمع الإسلامي اليمني، ولا الجبهة الإسلامية اليمنية ، بل نحن عبرنا عن انفسنا واسمُنا بوضوح ، فنحن حزب يمني ، وتجمع يمني للإصلاح.
- لكن وسائل الاعلام عندما تتناولكم تقول ذو الخلفية الإسلامية ؟
نعم، قد جرى عليه مصطلح، لكن في اليمن يختلف الوضع، المجتمع اليمني مجتمع محافظ وفي الإسلام لا احد يحب أن يتمايز عن الآخر بالإسلام ، لا يوجد واحد ممكن أن أقول له ، أن أشتي اتمايز عليك بالإسلام، وسوف يوافقني على ذلك، كل الناس سيقولون لك لا ، كلمة واحدة. وفي اليمن على سبيل المثال لا يوجد حزب شيوعي ، والذي يمكن أن نقول أن تسميته ، إشعار على الاقل بأنه موقف ضد الدين.
كلنا مسلمون ، حتى الحزب الإشتراكي اليمني، نجد أن الإشتراكية في بعض اجتهادات المجتهدين هي العدالة الإجتماعية ، وألّف كثير من الكتاب والعلماء والمجتهدين، أن الإشتراكية من الإسلام ، أي أنه لا يوجد من يقول أنا خارج دائرة الإسلام.
- قصدتُ تتبع أخطاء ومثالب الإسلاميين للتخويف منهم؟
أنا اقول ليتتبع مثالبي كإصلاح كما يشاء ، هذا من حقه، الرأي والرأي الآخر، لكن أنا هنا لا أرى مجالا لتسمية إسلاميين ، الإسلام في اليمن ، كلنا مسلمين، وأحياناً تنطلق بعض الأصوات ، من قبيل يتآمرون على الإسلام ، يتآمرون على الشريعة.
أقول هؤلاء بعضهم قد يكونوا بحسن نية ، وبعضهم أشك في دخائل نواياهم .
وأذكر أني قلتُ ذات مرة لأحدهم تتحدث عن الإسلام وكأنه شيء يمكن يتم خطفه من يدك أو يسرقوه!!.
هل يعقل ان يصبح أبناء صنعاء صباح ذات يوم وجبل نقم غير موجود، أو جبل عيبان غير موجود، الإسلام في اليمن أرسى من هذه الرواسي.
هل يمكن ذات يوم يصبح أبناء عدن وجبل شمسان غير موجود ، والبحر قد تحول إلى صحراء هذه أمور لا خلاف عليها .
وفي كل الأحوال الإختلاف في اليمن والمطالب في اليمن خلاصتها؛ الحاجة إلى دولة ديمقراطية، حديثة، يسود فيها النظام والقانون، ويكون اساس الحكم فيها سيادة القانون. وقوانينا نحن اليمنيون ستؤخذ من قيمنا ، قيم الإسلام ، قيم الشريعة هذا أمر لاشك فيه.
وبالتالي ليست هذه محل مشكلة ، ولكن ما يتعلق بالحديث عن الإسلاميين جرياً مع المصطلحات السائدة ، من الصعب أن تعمم حكم على الجميع ، فلكل بلد ظروفه، ولكل بلد أحواله ، وكل قيادة لها تجربتها ، ولو نظرنا الآن إلى كل من التجربة التونسية والمصرية في مسارهما ، نجد أن هناك نوع من الإختلاف رغم التشابه الكبير بين المجتَمَعَين التونسي والمصري، ولهذا ففكرة التعميم غير صحيحة.
نحن في اليمن لنا تجربتنا ، ولنا مسيرتنا، ووضعنا الخاص بنا ، ولكن من المؤكد أن مِصر دولة مؤثرة ، وإن كان في العقود الاخيرة ، في عهد نظام حسني مبارك قل تأثيرها ، بشكل كبير ، وإلا فمصر كانت دولة مؤثرة في جميع المجالات، وفي مرحلة من المراحل كانت دولة مصر هي المؤثر الأكبر خلال الأربعينيات والخمسينيات والستينيات ، لا يستطيع فنان يمني ينكر أنه لم يتأثر بفنان مصري ، ولا يستطيع صحفي يمني ينكر انه لم يتأثر بصحفيين مصريين، ، ولا مدرس يمني ينكر انه لم يتأثر بمدرسين مصريين.
وفي جيلي انا كان معظم المدرسين مصريين ، وأحياناً عراقيين أو سوريين ، لكن في الاغلب كانوا مدرسِين مصريين، بل في مرحلة من مراحل الثورة ، كانت المناهج التي تدرس في اليمن ، مناهج مصرية، وبدأت المناهج اليمنية تحل رويداً رويدا .
فمصر بلد مؤثر ومهم ، ونتمنى لأهله أن يتمكنوا من بناء كتلة تاريخية تحالفية واسعة تلتقي فيها مختلف ألوان الطيف السياسي من أجل قيادة التحول الديمقراطي المنشود لجمهورية مصر لتستعيد دورها الريادي.
أولويات الإصلاح
- ما الأولويات التي يجب أن تكون مسار إهتمام حزب الإصلاح في الفترة القادمة؟
نحن نؤكد على ضرورة التنفيذ الكامل للمبادرة الخليجية ، والنجاح المطلوب لمؤتمر الحوار الوطني هي الأولوية ، وبعض الجوانب التي تأخرت ينبغي أن تحظى بالإهتمام وتلحق بتلك الأولويات، فعلى سبيل المثال إستكمال كل الخطوات الهادفة إلى توحيد الجيش والأمن ، هذه مطلوب أن تستكمل، لكن كل آمالنا وطموحاتنا في هذه المرحلة ، منصبة على تنفيذ المبادرة الخليجية ونجاح مؤتمر الحوار الوطني ، وبناء شكل من أشكال التوافق بمعناه الحقيقي يسمح ببناء الدولة ، توافق نتجاوز فيه كل رغباتنا الذاتية والحزبية ، بحيث نتنازل جميعنا لمصلحة المواطن اليمني.
تفاؤل وضمانات
- ماهي توقعاتك لمؤتمر الحوار الوطني خصوصاً وأن هناك من يردد مقولة أن كل حوار يجري بين اليمنيين تعقبه حرب ؟
أنا شخصياً أشعر أنه لزاماً عليّ أن اتفاءل وأنا متفائل، ويجب علينا ان نعلي من روح التفائل ، ولكن تبقى الضمانة الوحيدة التي تحول دون تحقق مثل هذه المقولات التي قد يطلقها البعض كيداً وخُبثاً ، أو على الأصح فإن الضمانتين الوحيدتين أن يُسَّرع في إستكمال توحيد الجيش والأمن ، وإرساء المقدمات الضرورية لوجود دولة، والضمانة الثانية ان يكون هناك يقظة وإلتفاف جماهيري حول الحوار الوطني، بحيث لا يترك لذوي لأهواء أن يتلاعبوا به وبنتائجه .
قضية صعدة
- رؤيتكم لحل قضية صعدة والقضية التهامية وغيرها من القضايا التي بدأ البعض يطرحها على شكل قضايا؟
نحن عندما نتكلم عن يمن ديمقراطي موحد، يتسع لكل أبنائه، وعندما نتكلم عن دولة مدنية تقوم على النظام والقانون ، وتقوم على قاعدة الشراكة الوطنية نعتقد أن هذا بصورة غير مباشرةً حل للكثير من الإشكالات، وبالتالي إذا كنا أمام دولة يشعر الجميع أنها حقِهم، وأنه لا يوجد طرف مقصي، وأنه لا يوجد طرف عليه دائرة حمراء، عندئذ على الجميع أن يتنافسوا وفق قواعد اللعبة، وعلى الجميع في هذه الفترة قبل الإنتقال ، لا بد أن يكون في مرحلة يكون تنافسنا فيها مشروط ، أي أنه لا بد أن نتوافق على برنامج وطني لبناء دولة ، ويناصر الناس هذا البرنامج من مختلف مواقعهم ، هذا الأمر إن حدث معناه أنه وفي هذا الإطار سيتحول الحوثيون إلى حزب سياسي يطرحون من خلاله برنامجهم، ورؤيتهم، في طول الساحة اليمنية وعرضها ، يمكن في هذه الدورة الإنتخابية يفوز هذا الطرف ، وفي الدورة الثانية يفوز ذلك الطرف وهكذا.
- هل تعتقد أن المشاركين في الحوار قادرون على إنتاج تصور يعالج الوضع ويلبي طموحات كل ابناء الشعب اليمني؟
نعم ، بإمكانهم ذلك ، لأن واحدة من حقائق الحياة الدنيا هذه ، أن المسائل الكبيرة واضحة ، عندما أتكلم عن مطالب الشعب اليمني ، هناك مسائل كبيرة واضحة وبسيطة ، ثم تأتي بعد ذلك التفاصيل الصغيرة ، وهي التي تحتاج مختصين كونها معقدة بعض الشيء، لكن الأهداف والتطلعات كبيرة وواضحة، الثورة الفرنسية كان شعارها المساواة ، الإخاء، …إلخ. وفي بلادنا نجد أن مطالب الناس لها اتجاهات أساسية، واضحة الناس يبحثون عن العدالة ، عن المساواة ، عن مواطنه متساوية، كيف تُعطى فرصه للشباب؟ كيف تُعطى فرصه للمرأة؟ كيف تُعطى فرصه لكل اليمنيين جهات واتجاهات.
وكذلك كيفية وضع صيغه للدولة ، يكون تمكن أبناء تهامة بأن يحكموا هم أنفسهم في إطار هذا الوطن اليمني الكبير والدولة الواحدة .
وبالتالي فالإستجابة مسألة بسيطة ، ودائما ما تحضرني في مثل هذا المقام قصه ظريفة ، حيث كان هناك مجنون يخرج كل يوم من الخوخة إلى حيس ، يتعلق على إحدى السيارات حتى حيس، ثم يُجّمع حوله أطفال، ويمشي في حيس يرفع شعار (طيرُ بلا مزقم “بلا منقار” كيف ينقُم .. دولة بلا قانون كيف تحكم) بلهجة تهامة وظل على هذه الحالة أكثر من عشر سنوات تقريباً، فالمجنون لخص المشكلة ببساطه وأستطاع أن يدركها وهو مجنون، فإرساء القانون ، إرساء الدولة على أسس سيادة القانون ، شعار هو الذي يلبي تطلعات الناس، لكن الطريق إليه ليس مفروشا بالورود، بل يحتاج إلى إرادة سياسية، ويحتاج إلى يقظة من الناس ، وإلى إشراكهم في ذلك.
لذلك سيكون من المهم لو أن الإعلام يواكب وقائع ومجريات مؤتمر الحوار، بحيث يكون الناس فاهمين ما يجري ، قد لا يكون جيد أن يتجه المؤتمر إلى عدم نقل الجلسات، وهذا ليس مطلوبا ، لكن المطلوب أن القضايا التي سيتناولها المؤتمر؛ يجب أن تكون محل نقاش داخل المجتمع اليمني.
وعلى الإعلام أن يلعب دور في هذا الجانب لتوسيع النقاش الحر إزاء هذه القضايا وطرح القضايا بعيدا عن اللغة السجالية ، بحيث يظهر وكأن كل واحد يريد أن ينتصر على الآخر هذا مهم .
إذاً اليقظة الشعبية واستكمال متطلبات الدولة أسس مهمة لنجاح مؤتمر الحوار.
تصعيد وإستهداف
- كيف تقرأ التصعيد الذي يجري بالتزامن مع إنعقاد مؤتمر الحوار كتفجير أنابيب النفط وضرب أبراج الكهرباء؟ ومن يقف وراء ه؟
كما قلت لك هناك أطراف تعمل بعضها من فوق الطاولة ، وبعضها من تحت الطاولة لإفشال مؤتمر الحوار الوطني هذه أطراف تحاول أن تعبث بحاضر ومستقبل اليمن برمته وعلى المجتمع وعلى الناس جميعاً أن يقفوا وقفه واحدة أمام هؤلاء المتلاعبين، لأنهم يريدون أن يخرجونامن طاولة الحوار إلى مصير خطر ومجهول.
وهم في الأساس ضد وجود دولة ، هم مع الفوضى ، مع التخريب، والتالي هم ضد الدولة وضد الحوار الوطني وضد المجتمع.
- هناك لجنة في مؤتمر الحوار مهمتها بناء النظام العادل فما ماهية هذا النظام؟
البحث عن النظام العادل ، عليهم أن يتحاوروا ويُستمع للجميع ، لأنه لا يوجد طرف سيقول أنا لا أريد نظام عادل، كلنا نريد نظام عادل ، إذاً كل واحد يتصور شكل هذا النظام، إذا كان واحد سيأتي رأيه في النظام العادل نعمل خليفة من قريش يطرح رأيه ، واحد آخر يريد خليفة من البطنين يطرح رأيه، واحد آخر يريد رئيس ما يكون إلا من حزبه مثلاً، يطرح رأيه.
وفي النهاية لا بد أن نتفق على مبدأ أن النظام العادل هو الذي نبحث عنه ، لكن هناك في أسس ، فنحن نتفق اليوم جميعاً مثلاً ، على ان المبادئ الديمقراطية هي أمثل ما توصلت إليه البشرية في حل مشكلة السلطة سواءً من حيث ممارسة السلطة تحت رقابة الحكام ، والتدوير الإنتخابي.
إذاً حل مشكلة ممارسة السلطة والتداول على السلطة تداول ، لا تزال بين أيدينا حتى هذه اللحظة ، وأفضل شيء مطروح هو الأساليب الديمقراطية ، وهي تنسجم وتلبي مفاهيم القيم الإسلامية في الشورى، والمشاركة في الحكم والمسؤولية العامة للناس جميعا في القرار وغيره.
أسوأ السيناريوهات
- ما هي أسوأ السيناريوهات التي تتوقعها للحوار؟ وماذا لو فشل؟
طرح حكاية فشل الحوار غير صحيح ، لكن إذا فشلنا في جلسة اليوم نعمل جلسة ثانية، وإذا فشلنا في الجلسة الثانية نعمل جلسة ثالثة ، وهكذا حتى نتفق.
- إذا كانوا يقولون أن الثورة فشلت كيف بالحوار؟
الثورة لم تفشل؛ والذين يريدون أن الثورة والشعارات التي رفعها الثوار تحكم عقب الثورة ، أطالبهم بأن يعطونني تجربة في أي بلد في العالم، حصل فيه هذا، بما فيها التجربة الفرنسية ، بل نجد في التجربة الفرنسية ، بعد الثورة إرتدوا إلى الملكية، وعمت الفوضى، لكن ظلت الأهداف تعتمل في نفوس الثوار حتى تحققت، فالمسألة ليست في أن (أربعة أنفار أو خمسة أنفار ) إتفقوا على رأي ، سيضيع، لا ، ليس الأمر كذلك ، خرجت ملايين من الناس، من الرجال، والنساء، والشباب، خرجت المرأة اليمنية بصورة غير مسبوقة .
وأستطيع القول أن حجم مشاركة المرأة في الثورة اليمنية يفوق حجم مشاركة المرأة التونسية في الثورة التونسية، رغم الفارق الكبير في التعليم بين اليمن وتونس، إذاً فهذه القيم المحفورة ، لا يمكن تنتهي ، لكن لم يحدث أنّ ثورة قامت ومن ثاني يوم تحقق الهدف ، بل هي مخاضات ، وبالتالي الثورة اليمنية هي الثورة الحقيقية التي شارك فيه جميع الناس ولم يقف فيها المجتمع موقف المتفرج ، فالملايين شاركت فيها.
- لكن هناك من يقول أن الفئة الصامتة هي الأكثرية ولم تشارك؟
أتحدث هنا عن ملايين خرجت، فأيُّ صمت، خرجت ملايين، وبالتالي فإن الحديث عن فشل الحوار ، غير صائب ، أنا قررت أجلس معك على الطاولة فلماذا نفشل في الحوار؟ إذا لم نتفق اليوم ، سنتفق غدا ، مالم فبعد غد ، ما لم ففي اليوم الذي بعده وهكذا ، وفي النهاية إذا خرجنا أنت مصر على رأي وأنا على رأي ، نضعه في جدول ، ثم ننزله للإستفتاء ، فلماذا يفشل الحوار؟ لا يوجد شيء إسمه فشل الحوار ، ننزله للإستفتاء والذي أختاره أغلبية الناس نقره.
- كلمه أخيره لمن توجهها
أقول مع بداية إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني يجب أن نجعل إنعقاد مؤتمر الحوار لحظه فاصله بين ماضٍ وحاضر ومستقبل ، كما أننا نحتاج أن نستحضر ثقافة التسامح والتصالح ، وترك السجال وترك المنابزات ونضع اليمن نصب أعيننا ، اليمن وحدها فقط.