رغم تضاؤل احتمال اصطدام أحد الكويكبات ذات الحجم الكبير بالأرض وتهديد الحياة على سطحها، فإن تاريخ كوكبنا يُعلمنا أن أحداثا من هذا النوع يمكن أن تهدد ليس فقط الحياة، بل الحضارة البشرية برمتها، وهو ما يدفع العلماء إلى تكثيف مشاريع استكشاف هذه الأجرام ومراقبتها.
الكويكبات هي إحدى مكونات المجموعة الشمسية وعددها يتجاوز الملايين، بينما تتراوح أحجامها من بضعة سنتمترات إلى مئات الكيلومترات، وهي منتشرة خاصة في حزام الكويكبات بين كوكبي المريخ والمشتري. وتتكون في العادة من الصخور التي تحتوي على مركبات معدنية وكربونية، لكن توجد أيضاً كويكبات متكونة من المعدن فقط.
ويحصل أن ينحرف بعض هذه الكويكبات إلى الداخل بفعل جاذبية الشمس والكواكب الداخلية ويتخذ مدارات عشوائية حول الشمس تكون قريبة من مدار الأرض أو تتقاطع معه. وتسقط يوميا عشرات الأجسام القريبة على الأرض، ولحسن الحظ فإن معظمها صغير الحجم ويتفكك في الغلاف الجوي في شكل شهب، راسمة خطوطا لامعة في سمائنا. لكن هناك غيرها أكثر ضخامة وقادرة على تدمير منطقة بأكملها، مما قد يسفر عن مقتل الملايين من الناس. وقد لا يتطلب الأمر أكثر من كويكب بقطر كيلومتر واحد فقط لإنهاء البشرية على وجه الأرض.
وإن كان احتمال سقوط الكويكبات الضخمة من هذا النوع لا يحدث إلا مرة واحدة خلال ملايين السنين، فإن تاريخ الأرض الممتد على أكثر من أربعة مليارات ونصف من السنوات شهد أحداثا درامية عديدة، لعل أقربها ذلك الذي أدى قبل 65 مليون عام إلى انقراض الديناصورات.
أما في عمر الحضارة البشرية الممتدة لبضع آلاف السنين، فإن هذه الأحداث كانت أقل درامية. وأبرزها ما حدث في صباح 30 يونيو/حزيران 1908 فوق منطقة تونغوسكا في سيبيريا الوسطى، عندما وقع انفجار ضخم أدى إلى تدمير مساحة تقارب ألفي كيلومتر مربع من الغابات وخسائر مادية في دائرة قطرها مئات الكيلومترات. وقد سبق الانفجار ظهور جسم مضيء في السماء يبلغ لمعانه لمعان الشمس ويتحرك في السماء حسب ما قاله شهود عيان من مناطق مجاورة لتلك المنطقة النائية، وتبعته موجة صدمة هائلة تعادل قوتها زلزالا بقوة خمس درجات على سلم ريختر.
ويرجح أغلب العلماء أن يكون الحادث بسبب انفجار كويكب بحجم يتراوح بين 90 و160م ويزن عشرة ملايين طن على ارتفاع خمسة كيلومترات من سطح الأرض، وقدر العلماء قوة الانفجار بـ15 ميغاطن، وهو ما يعادل ألف مرة قوة القنبلة النووية التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية في الحرب العالمية الثانية.