في عهد الصحافة الإلكترونية : الصحف الورقية تموت وهي رضيعة
الأمناء نت/ متابعات

أحبط المتفائلون بمستقبل الصحافة الورقية إثر إعلان المجموعة الإعلامية البريطانية “ترينيتي ميرور” عن إغلاق صحيفتها التجريبية في نسختها الوطنية “ذي نيو داي” الجمعة، بعد شهرين فقط من إطلاقها بسبب المبيعات غير الكافية.

وذكرت ترينيتي ميرور في بيان نشرته على موقعها في شبكة الإنترنت، “على الرغم من تلقي ذي نيو داي ردود فعل إيجابية وإثارة الكثير من الحماس على فيسبوك، إلا أن انتشار المطبوعة لا يزال دون مستوى توقعاتنا”.

 

وأضافت المجموعة، التي تصدر حوالي 150 مطبوعة في بريطانيا وأيرلندا، “لهذا السبب قررنا التوقف عن إصدار الصحيفة ابتداء من 6 مايو 2016″.

 

وأطلقت المؤسسة الناشرة لصحيفة ديلي ميرور في نهاية شهر فبراير، هذه الصحيفة التي تعتبر أول صحيفة يومية شاملة خلال 30 عاما في بريطانيا، في سعي منها إلى استهداف أولئك الذين “يعشقون الصحف”، من خلال نسخة ورقية ترويجية بلغت عتبة 2 مليون نسخة، وهو ما تم اعتباره مغامرة غير محسوبة العواقب في قطاع يتسم بتآكل القراء وتضاؤل العائدات الإعلانية.

 

وكانت الصحيفة الموجهة نحو السلع الاستهلاكية والأنماط الحياتية، تخاطب “جمهورا واسعا من النساء والرجال الذين يبحثون عن أي شيء مختلف من الصعب العثور عليه”، كما أوضحت ترينيتي ميرور آنذاك.

 

لكن ذي نيو داي شهدت بداية رهيبة، وتم إلقاء اللوم في ذلك على أرباب العمل في مجموعة ترينيتي مرور التي شهدت أسهمها، الأربعاء، تراجعا إلى أدنى مستوياتها منذ ثلاث سنوات. وصرح مصدران أنه تم إبلاغ الموظفين بعملية الإغلاق، الأربعاء، وأن آخر عدد سوف يصدر الجمعة.

 

وقالت رئيسة التحرير أليسون فيليبس، التي كانت مسؤولة سابقا في صحيفتي “صنداي ميرور” و”صنداي بيبول” الصادرتين عن نفس المجموعة الإعلامية، إن أولئك الذين حضروا الاجتماع الداخلي أصابهم الذهول.

 

التعثر أصاب الصحيفة منذ لحظة إطلاقها بحسب ما أفاد روي غرينسلاد، وهو بروفيسور في الصحافة بجامعة لندن ويعمل معلقا إعلاميا بصحيفة الغارديان البريطانية.

 

وكتب غرينسلاد قبل حوالي 10 أيام بأن مشروع إطلاق صحيفة ذي نيو داي كان أمرا خاطئا، وأنه بمجرد إطلاقها اعتبر أنها لا تعدو أن تكون عملا “هاويا”، غير محترف.

 

ويرى أن الفترة الزمنية بين الإعلان عن إطلاق صحيفة ذي نيو داي وعملية إطلاقها الفعلية كانت قصيرة جدا. واشتملت الحملة على بعض الترويج التلفزيوني فحسب، وهو ما لم يكن كافيا لخلق موجة من الاهتمام.

 

وكانت ترينيتي ميرور روجت للصحيفة قبل إصدارها من خلال حملة إعلانية تلفزيونية بلغت تكلفتها 5 ملايين جنيه إسترليني عبر شريط إعلاني يحمل شعار “اغتنم الفرصة واحصل على ذي نيو داي”. وأضاف غرينسلاد أن من بين أسباب إخفاق الصحيفة أن طباعتها تتم في مطابع مستخدمة من طرف صحيفة ديلي ميرور، وبالتالي تتأخر طباعتها، ويتم توزيعها في وقت مبكر من المساء. والنتيجة أن الصحيفة لا تتضمن أخبارا عاجلة ولا نتائج للمباريات الرياضية، وبالتالي لا تحظى بالاهتمام المرجو.

 

وكانت المجموعة الناشرة تهدف إلى بلوغ عتبة 200 ألف نسخة من المبيعات، وقدمت وعودا للمعلنين لبيع الإعلانات بأن نسب النسخ المباعة أو المقدمة بالمجان سوف تعيد لهم أموالهم، لكن بدلا من ذلك تراجعت شعبية الصحيفة إلى حدود 30 ألف نسخة في اليوم.

 

وأوضحت مجموعة ترينيتي ميرور أن عملية إطلاق الصحيفة غير مكلفة بما أنه تتم طباعتها عبر القدرة الإضافية لمطابعها، والتي تملك عقودا لطباعة النسخة الورقية من صحيفة الإندبندنت، التي باعها يفغيني ليبيديف إلى جونستون برس في وقت سابق من هذا العام. وتفيد بعض المصادر أن صحيفة ذي نيو داي ربما كانت ستشهد خسائر تصل إلى حوالي مليون جنيه إسترليني سنويا.

 

وجدير بالذكر أن قرار إطلاق ذي نيو داي تزامن مع إعلان صحيفة الإندبندنت البريطانية التي صدرت عام 1986 عن إنهاء إصدارها الورقي والانتقال إلى الصدور الرقمي بسبب التراجع الكبير للمبيعات، فكانت أول صحيفة بريطانية تتحول إلى الصيغة الرقمية فقط، وجاء الإعلان بمثابة إسفين آخر يدق في نعش الصحافة الورقية.

 

وتساءل البعض في الصناعة عما إذا كان سيكون هناك أصلا مستقبل للصحافة الورقية، بعد أن شكل إعلان الصحيفة إنهاء عصرها الورقي خيبة أمل للمتفائلين بالمستقبل، خاصة أن الإندبندنت حاولت اتخاذ قرارات جريئة سابقا وراهنت على السوق المريضة بإطلاق صحيفة “آي” قبل عامين، واتهمت حينها بأنها لا تتعلم من أخطائها وتراهن على سوق الورق المريضة في عصر يتحول فيه كل شيء إلى الرقمية.

 

ولهذا السبب اعتبر متابعون لصناعة الإعلام، أن إطلاق صحيفة ذي نيو داي، مغامرة مالية متهورة، لكنها شكلت دفعا معنويا كبيرا لعشاق الصحافة الورقية والباحثين عن خيوط أمل لبقائها واستمرارها.

 

ويقول خبراء التسويق والإعلانات “إننا وصلنا إلى لحظة مصيرية، حيث لم يعد شراء الإعلانات في الصحف المطبوعة مجديا. والمشكلة ليست في المؤسسات الصحافية الورقية، لكن لا بد من التركيز على حجم الإنفاق الذي يحقق سرعة الوصول ونوعيته، وطبيعة الجمهور”.

 

ويرى البعض أن إغلاق الصحيفة الوليدة هو جزء من أزمة كبيرة تعاني منها سوق الصحافة الورقية في بريطانيا والعالم، بسبب تغيّر سلوك القراء وتوجههم نحو الصحافة الرقمية، وتخلف المحتوى الذي تقدمه مقارنة بصحافة الإنترنت وما تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي من خدمة إخبارية.

 

*العرب اللندنية

متعلقات
صحف عربية: اتفاق الريـاض بين الأطراف اليمنية نقطة تحول في أمن المنطقة
عكاظ السعودية: مليشيات حزب الله تقحم لبنان في مشاريع نظام الملالي بالمنطقة
عرض الصحف البريطانية..التايمز: بوتين يشرف على تفتيت سوريا بعد تراجع الولايات المتحدة
عرض الصحف.. ديلي تلغراف: "بوتين أُهديَ الشرق الأوسط على طبق"
صحيفة البيان : الإمارات تعيد الحياة للمناطق التي دمرتها المليشيات في اليمن