أعربت السعودية، الجمعة، عن دعمها الكامل لموقف مصر الرافض لخطط إسرائيل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة عن طريق معبر رفح.
وجاء هذا الموقف الرسمي ليؤكد التنسيق والاتفاق بين البلدين على ضرورة التصدي لأي محاولات تصفية القضية الفلسطينية، التي تشكل خطرا على الأمن الإقليمي والدولي.
وصدر هذا الدعم السعودي في سياق إدانة عربية واسعة لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي اعتبرت بمثابة دعوة صريحة للتطهير العرقي.
وتأتي هذه المواقف الحازمة ردا على تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، حيث زعم في مقابلة مع قناة "أبوعلي إكسبرس" العبرية على منصة تلغرام أن "هناك خططا مختلفة لكيفية إعادة إعمار غزة، لكن نصف السكان يريدون الخروج من غزة".
وادعى نتنياهو أن هذا ليس "طردا جماعيا" بل "حقا أساسيا لكل فلسطيني في الخروج من غزة". وفي محاولة لتحميل مصر مسؤولية إغلاق المعبر، أشار إلى أنه يستطيع فتح معبر رفح، لكن "سيتم إغلاقه فورا من مصر".
وأثارت هذه التصريحات رد فعل مصريا فوريا وحاسما، حيث أعربت القاهرة عن "بالغ استهجانها" لتصريحات نتنياهو، مشددة في بيان لوزارة خارجيتها على أنها "لن تكون أبدا شريكا في تصفية القضية الفلسطينية أو أن تصبح بوابة للتهجير"، واصفة هذا الأمر بأنه "خط أحمر غير قابل للتغيير".
وأظهرت مصر بهذا الموقف أنها تدرك خطورة المخططات الإسرائيلية التي تسعى إلى تمديد زمن التصعيد في المنطقة وتكريس حالة عدم الاستقرار لتجنب مواجهة عواقب انتهاكاتها في غزة.
كما طالبت مصر بتوفير الدعم الدولي لتمكين السلطة الفلسطينية الشرعية من العودة لغزة، والتحكم في المعابر، بما في ذلك معبر رفح، وفقا للاتفاقات الدولية، خاصة اتفاق الحركة والنفاذ لعام 2005.
وفي إطار دعمها لهذا الموقف المصري، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا رسميا أدان "التصريحات المتكررة من قبل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) بشأن تهجير الفلسطينيين من أرضهم، بما في ذلك عبر معبر رفح".
ولم يقتصر البيان السعودي على مجرد الإدانة اللفظية، بل ربط بين هذه التصريحات والممارسات الإسرائيلية المستمرة، مشيرا إلى "استمرار استخدام الحصار والتجويع لفرض التهجير القسري، في انتهاك جسيم للقوانين والمبادئ الدولية وأبسط المعايير الإنسانية".
ويعكس هذا الربط فهما عميقا للخلفية التي تقف وراء تصريحات نتنياهو، والتي لا تعد مجرد أقوال عابرة، بل هي جزء من سياسة ممنهجة تمارسها إسرائيل. وتضع الإشارة إلى الحصار والتجويع هذه التصريحات في سياقها الصحيح، باعتبارها أدوات ضغط تستخدمها إسرائيل لدفع الفلسطينيين إلى مغادرة أراضيهم.
ومن خلال هذا البيان، لم تقف السعودية عند حدود الدعم السياسي لمصر، بل قدمت تحليلا دقيقا للموقف، مؤكدة أن هذه التصريحات هي جزء لا يتجزأ من انتهاكات الاحتلال المستمرة.
جددت السعودية في بيانها دعمها الكامل للأشقاء في مصر في هذا الصدد، ليؤكد هذا الدعم أنه ليس مجرد تعبير عن تضامن عابر، بل هو تأكيد راسخ على أن الرياض والقاهرة تقفان على خط واحد في مواجهة التهديدات المشتركة التي تستهدف أمن المنطقة واستقرارها.
لطالما شهدت العلاقات بين البلدين تنسيقا كبيرا في القضايا الإقليمية على مر التاريخ، ويأتي هذا الموقف الأخير ليؤكد استمرارية هذا التنسيق في مواجهة التحديات الراهنة، حيث يمثل الدعم السعودي لمصر ركيزة أساسية في الموقف العربي الموحد، ويمنح القاهرة قوة إضافية في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والأميركية المحتملة.
ويشكل الموقف السعودي الرافض لتهجير الفلسطينيين، ودعمه لمصر، دلالة هامة على ثبات السياسة الخارجية للمملكة تجاه القضية الفلسطينية، فعلى الرغم من كل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، تظل القضية الفلسطينية محور اهتمام المملكة، وهو ما أكدته البيانات الرسمية ومواقف القادة السعوديين في المحافل الدولية.
ويعزز هذا الموقف مكانة المملكة العربية السعودية كقائد إقليمي فاعل، قادر على التأثير في مجريات الأحداث، إذ يجسد حرصها الشديد على استقرار المنطقة ومنع أي تطورات قد تفضي إلى نتائج كارثية، فإدراكا منها بأن تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح لن يؤثر على مصر وحدها، بل سيخلق تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي برمته، وتعمل السعودية جاهدة على منع وقوع ذلك.
وفي سياق دعم الموقف المصري، وصفت وزارة الخارجية القطرية تصريحات نتنياهو بأنها "امتداد لنهج الاحتلال في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وازدراء للقوانين والاتفاقيات الدولية، ومحاولة لقطع الطريق أمام فرص السلام، لا سيما حل الدولتين".
ورأت أن "سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال، بما في ذلك حرب الإبادة في غزة وجرائمه في الضفة الغربية وانتهاكاته للمقدسات وتوسيع المستوطنات وتهويد القدس ومنع المساعدات، لن تنجح في إجبار الشعب الفلسطيني على مغادرة أرضه أو التخلي عن حقوقه المشروعة".
وشددت على "ضرورة تحرك المجتمع الدولي لمواجهة السياسات المتطرفة والمستفزة"، مؤكدة أن "الضمانة الوحيدة لتحقيق سلام مستدام هي حل عادل وشامل وفق المبادرة العربية وحل الدولتين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
ومن جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية الكويتية تصريحات نتنياهو "انتهاكا صارخا لحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق غير القابلة للتصرف، وانتهاكا فاضحا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
وأكدت "رفضها لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين"، ودعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى "التحرك العاجل لإنهاء الإبادة والعقاب الجماعي ووقف سياسة التجويع وتوسيع المستوطنات".
وشددت على أن "السلام العادل والشامل لن يتحقق دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، الجمعة، بأشد العبارات التصريحات "غير المسؤولة والخطيرة" الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وفق بيان صحفي.
واعتبر أن هذه التصريحات "تمثل دعوة علنية لاقتراف جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان، وانتهاكا صارخا لجميع المواثيق والأعراف والقوانين الدولية"، حسب البيان الصادر عن المجلس على موقعه الإلكتروني.
وأكد البديوي أن مثل هذه التصريحات و"الممارسات الخطيرة المرفوضة رفضا إقليميا ودوليا، تبرهن مجددا على العدوانية التي تنتهجها قوات الاحتلال لإفشال أي جهود لتحقيق السلام العادل والشامل، وتقويض فرص إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية".
ودعا البديوي المجتمع الدولي، بكافة أطرافه، إلى تحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية بشكل عاجل، واتخاذ إجراءات حازمة وفورية لوقف هذه الممارسات والتصريحات الخطيرة، ومنع تفاقم الأوضاع بما قد يهدد استقرار المنطقة والعالم.
كما شدد على ضرورة دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، استنادا إلى مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
وفي مايو 2024، سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح جنوبي قطاع غزة، وأوقف دخول المساعدات وحركة خروج المرضى والجرحى للعلاج في الخارج، ما فاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.
ويؤكد الفلسطينيون تمسكهم بأرضهم، ويرفضون مخططات تهجيرهم، وسط تحذيرات من تحركات إسرائيلية أميركية لتصفية القضية الفلسطينية.
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ 18 سنة، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.