مع تصاعد أزمة انعدام الثقة، واستمرار العمليات الأمريكية غير المسبوقة، عاد الحوثيون، مجددًا، إلى فرض الإقامة الجبرية على قيادات سياسية في حزب المؤتمر الشعبي العام، المتحالف مع الميليشيا بالعاصمة اليمنية صنعاء، بعد استبعادهم عن سلطات اتخاذ القرار السياسي والعسكري.
وقالت مصادر سياسية يمنية، إن الحوثيين عززوا إجراءاتهم الأمنية والرقابية المفروضة على عدد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، جناح صنعاء، خلال الأيام الأخيرة، على نحو يعزز "انعدام الثقة بين الجانبين، رغم الظروف الاستثنائية التي تشهدها المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيا".
وبحسب المصادر، فإن إجراءات الإقامة الجبرية المتخذة، شملت قيادات سياسية مؤثرة بصنعاء، أبرزهم: صادق أبو راس، رئيس جناح المؤتمر الشعبي المتحالف مع الحوثيين، والقيادي في الحزب، يحيى الراعي، "رئيس مجلس النواب" الخاضع لسيطرتهم، وشخصيات قيادية أخرى، بينهم مسؤولون مدنيون سابقون ووجاهات اجتماعية، وقيادات عسكرية موالية للحزب الحاكم، في عهد الرئيس اليمني الراحل، علي عبدالله صالح.
وأشارت إلى أن القيود المفروضة، تمنع تحركات القيادات وتنقلها في العاصمة اليمنية، وإخضاعها للرقابة ووقف مزاولة نشاطها السياسي، فضلًا عن حظر الزيارات لبعض القيادات العليا في حزب المؤتمر الشعبي بصنعاء.
الشعور بالخطر
ويرى السياسي اليمني، علي البخيتي، أن لجوء الحوثيين إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات، "غالبًا ما يأتي في اللحظات التي يشعرون فيها بالخطر الداهم، سواء كان متعلقًا بثورة شعبية في المناطق التي يحكمونها، أو مرتبطًا بوجود خطر خارجي كالذي يحدث حاليًّا من قصف أمريكي متواصل، واحتمال تحرك القوات الحكومية للتقدّم البرّي نحو مناطق سيطرة الحوثيين".
وقال البخيتي في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن قيام الحوثيين بتقييد حرية أبناء شخصيات سياسية أو اجتماعية أو قبلية، "هو سلوك ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لممارسات نظام الإمامة اليمنية، على مدى عقود من الزمن، شمالي البلاد" وفق تعبيره.
وذكر أن الدولة الإمامية كانت تحتجز قديمًا أبناء المشايخ والنافذين في اليمن، في أماكن خاصة؛ بهدف ضمان ولاء ذويهم بشكل مستمر.
وأضاف أن الحوثيين يكررون اليوم هذه الممارسات من اعتقالات وفرض إقامة جبرية، لكي يبقوا على ولاءاتهم وضمان عدم تغيّر مواقفهم في ظل الضغوط التي تفرضها العمليات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين، وتداعياتها التي قد تغيّر الواقع السياسي للأزمة المحلية.
وبدأ دور شركاء الحوثيين في الانقلاب على الحكومة الشرعية يتعرّض للتضاؤل، أمام نوايا الميليشيا المتعاظمة في الاستئثار بالسلطة والنفوذ، والاستيلاء على مؤسسات الدولة.
وخلال الفترة الأخيرة، اتسعت رقعة تهميش الشركاء، خاصة فيما يتعلق بالقرار السياسي والعسكري، وباتت مراكز اتخاذ القرار محصورة على نطاق ضيّق داخل التركيبة القيادية للحوثيين، في ظل تزايد الشكوك واهتزاز الثقة التي خلقتها الهجمات الأمريكية؛ خشية حدوث اختراقات وتسرّب معلومات عن تحركاتهم.
استغلال الظروف
ويعتقد الباحث السياسي، يعقوب السفياني، أن شراكة الحوثيين وحزب المؤتمر، "انتهت رسميًّا أواخر العام 2017، عندما حاصر الحوثيون الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ثم قتلوه؛ ما دفع القادة الحقيقيين في الحزب نحو الخروج من صنعاء على مراحل".
وقال في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن مَن بقي في صنعاء "هو من خاف على مصالحه الشخصية، ومن كانت لديه صلات عرقية أو أيديولوجية بالحوثيين، أو من وجد نفسه متورطًا لا يستطيع الخروج وبقي تحت الإقامة الجبرية، خاصة من ينتمي منهم إلى محافظات الجنوب".
وأوضح أن الحوثيين رغم كل ذلك، "حاولوا الاحتفاظ بشكل من أشكال الشراكة الصورية التي لا وجود حقيقيًّا لها، وذلك من أجل تعزيز سرديتهم بتمثيل اليمن، ووجود تنوع سياسي في صنعاء".
وأشار السفياني، إلى أن الحوثيين ظلوا في الوقت ذاته "متوجسين من أي نوايا انتقامية من أعضاء المؤتمر، وفرضوا عليهم الرقابة، وأبقوا على بعضهم ضمن مجالسهم وحكومتهم الأخيرة، من أجل ألا تكون حكومة حوثية خالصة، رغم أنها كذلك في الواقع" وفق قوله.