بين بريق الشعارات وسواد الواقع، هل تكون الديمقراطية طريق النجاة أم فخا يُغرق الأمة في الفوضى؟
 
في زمن الضياع السياسي والتيه الفكري، حين يغيب الوعي وتختلط الأصوات، يتشبث الناس بأي شعار يلوح في الأفق، ولو كان خادعًا. وهكذا رفعت راية الديمقراطية في وجوه الأمة، كأنها المخلّص المنتظر، وكأنها المفتاح السحري للحرية والعدل والنهوض.

لكن هل كانت الديمقراطية طوق نجاة حقا؟ أم كانت غشة الغريق، التي أوهمته بالأمان، ثم أغرقته أكثر؟

الديمقراطية، في ظاهرها، حكم الشعب بالشعب
ومشاركة الجميع في صناعة القرار، لكن جوهرها يحمل خطرا داهما، إذ تجعل من الإنسان مشرعًا مطلقًا، يحلل ويحرم، ويهدم ويبني، وفق أهوائه ومصالحه. إنها باختصار، سلطة الأغلبية حتى على الثوابت، وتفويض مفتوح لكل رأي بشري أن ينافس وحي الله تعالى وربما أدى إلى (تقنين الزنا والشذوذ...) والعياذ بالله.

وحين تسقط هذا المفهوم على الواقع، لا نجده مجرد نظرية معزولة، بل نلمس آثاره المدمرة في كثير من دولنا العربية، كيف رفعت راية الديمقراطية لتكون مدخلا للفوضى، لا للنظام، والتناحر لا للتوافق أسقطت أنظمة دون بديل رشيد، وتصارعت الفصائل باسم الديمقراطية على أشلاء الأوطان، فتحولت بعض الدول إلى مسارح للفوضى والصراع والخراب. لقد أثبت الواقع أن الديمقراطية حين تنزع من بيئتها الغربية وتُفرض على مجتمعات لا تتوافق معها دينيا ولا اجتماعيًا، تكون كمن يعطي الغريق حجرًا باسم الطوق.

أما الإسلام، فهو لا يرفض العدل ولا يقصي حرية الرأي، بل يضع كل ذلك في موضعه الشرعي، أتى بنظام الشورى، فاستنطق العقلاء، وراعى أهل الخبرة، لكنه لم يترك زمام التشريع لأهواء البشر، بل ربطه بوحي الله، الذي لا يضل ولا يزيغ.

الحرية في الإسلام منضبطة، لا فوضى والعدالة فيه مضمونة لا مرهونة بتصويت والمشاركة حق، لكن بشرط أن تبقى في حدود ما أنزل الله.

لهذا، حين يُعرض علينا أن نختار بين الديمقراطية والشريعة، فالأمر ليس خيارًا بين قمع وحرية، بل بين هدى وتيه بين عدل الله وحكم البشر. الديمقراطية ليست طوق نجاة .... بل وهم يخدّر العقول، ويزرع الفوضى، ويسلب الناس هويتهم باسم "الاختيار".

وفي زمن الفتن علينا أن نحذر من الشعارات البراقة، ونسأل هل هذا من نور الوحي، وطوق النجاة ؟! أم هو غشة الغريق؟