إيران، البلد الغني باحتياطيات النفط والغاز، يواجه اليوم أزمة اقتصادية حادة تعمق معاناة شعبه.
رغم امتلاكها موارد طبيعية هائلة، يعيش ملايين الإيرانيين تحت خط الفقر، بينما تتسع الفجوة بين ثروات النخبة الحاكمة، خاصة الحرس الثوري، والبؤس الذي يكابده عامة الشعب.
هذا التقرير لـ “يمن ديلي نيوز” يستعرض جانباً من واقع الفقر في إيران من خلال أرقام التضخم والبطالة، شهادات من الشارع، ومقارنة صارخة بين ثروات الحرس الثوري وحال الشعب.
أرقام تكشف الأزمة
بحسب التقارير الصادرة من طهران فإن التضخم وصل إلى مستويات قياسية بحلول أبريل 2025.
ووفقاً لتقارير اقتصادية حديثة، بلغ معدل التضخم السنوي حوالي 45%، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل زيت الطعام (بزيادة 145%) واللحوم (78%).
هذا التضخم أدى إلى تآكل القوة الشرائية، حيث ارتفعت تكلفة سلة المعيشة الشهرية إلى 38 مليون تومان (حوالي 760 دولاراً)، بينما يبلغ الحد الأدنى للأجور حوالي 18 مليون تومان، أي أقل من نصف هذا المبلغ.
أما البطالة، فتشكل تحديًا آخر. تشير الإحصاءات إلى أن معدل البطالة يحوم حول 12%، لكنه أعلى بكثير بين الشباب وخريجي الجامعات، حيث يصل إلى 25%. أكثر من 5.6 ملايين شاب متعلم يبحثون عن عمل دون جدوى، مما يدفع الكثيرين إلى العمل في وظائف غير رسمية أو الهجرة بحثًا عن فرص أفضل.
هذه الأرقام تعكس اقتصاداً متعثراً غير قادر على استيعاب قواه العاملة رغم الثروة النفطية.
شهادات من الشارع
في شوارع طهران ومدن أخرى، يروي الناس قصصاً مؤلمة عن كفاحهم اليومي، كما تشاهد صور البؤس والتسول في جميع المدن الإيرانية.
محمد، سائق تاكسي في أصفهان، يقول: “أعمل 14 ساعة يومياً، لكن بالكاد أستطيع شراء الخبز والأرز لعائلتي. الأسعار ترتفع كل أسبوع، والراتب لا يكفي.”
زهرا، أرملة في شيراز، تضيف: “اضطررت لبيع مجوهراتي لدفع الإيجار. أطفالي يسألون عن اللحم، لكنني لا أستطيع تحمل تكلفته.”
هذه الشهادات ليست استثناء، بل تعكس واقع ملايين الإيرانيين الذين يواجهون الحرمان. بعض العائلات، كما أشارت تقارير محلية، اضطرت إلى بيع أطفالها بمبالغ زهيدة تتراوح بين 120 و300 دولار بسبب الفقر المدقع.
الاحتجاجات العمالية والاجتماعية تتزايد، حيث يطالب المعلمون والممرضون بزيادة الأجور لمواجهة غلاء المعيشة. لكن السلطات غالبًا ما تواجه هذه المطالب بالقمع، مما يزيد من اليأس والإحباط بين الناس.
ثروات الحرس الثوري
وبينما يعاني الشعب الإيراني من حالة الفقر المدقع، يسيطر الحرس الثوري الإيراني على قطاعات اقتصادية رئيسية، من النفط إلى الاتصالات والبناء.
تشير تقديرات إلى أن الحرس الثوري يدير أصولاً بقيمة مئات المليارات من الدولارات، بما في ذلك شركات وهمية ومؤسسات تستحوذ على عائدات النفط.
هذه الأموال، بدلاً من تحسين حياة الإيرانيين، تُنفق على تمويل جماعات مسلحة في المنطقة بمبالغ تتراوح بين 20 إلى 30 مليار دولار سنويًا، وفقًا لتقارير استخباراتية غربية.
في المقابل، يعيش حوالي 30 مليون إيراني تحت خط الفقر، وثلاثة أرباع السكان في حالة فقر مدقع.
هذا التناقض بين ثروات النخبة الحاكمة وبؤس الشعب يغذي السخط الشعبي. سياسات النظام، التي تعتمد على إبقاء الشعب في حالة حرمان، تهدف إلى منع أي معارضة منظمة، كما تؤكد تحليلات اقتصادية.
تمتلك إيران ثروات طبيعية تفوق قارة أوروبا بأضعاف -طبقا لدراسات وأبحاث علمية – إلا أن هذا البلد يعاني من أزمة فقر غير مسبوقة.
التضخم المتصاعد، البطالة المستشرية، بينما يتراكم الفقر بين المواطنين، في مقابل تتضخم ثروات الحرس الثوري.
هذا الواقع يطرح سؤالًا ملحًا: كيف يمكن لبلد نفطي أن يترك شعبه في هذا البؤس؟ الإجابة تكمن في الأولويات السياسية التي تهمش الشعب لصالح النخبة.