تفرض جماعة الحوثي عسكرة جامعات اليمن عبر إشراك الطلاب والطالبات في دورات عسكرية تتضمن تدريبات على استخدام الأسلحة ومحاضرات لقادتها، وعلى رأسهم مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي، كما تنظم دورات عسكرية إلزامية للطالبات باسم "طوفان الأقصى"، وتجبرهن على حضور محاضرات ودروس في تقديم الإسعافات الأولية.
في منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي نشرت وكالة أنباء "سبأ" اليمنية (نسختها التابعة للحوثيين) خبر إجراء 6714 من خريجي دورات "طوفان الأقصى" التطبيق الميداني للتعبئة العامة في جامعات خاصة. وأورد الخبر أن "المشاركين تلقوا مهارات وتدريبات عسكرية لاستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة".
وبعدها نشرت الوكالة صوراً لما وصفته بأنه "تطبيق عسكري لطلاب شاركوا في دورات طوفان الأقصى بجامعتي سبأ وابن النفيس بالعاصمة صنعاء".
ويُجبر الطلاب والطالبات على حضور هذه الأنشطة تحت تهديد حرمانهم من علامات دراسية ومن أداء الامتحانات النهائية، واتهامهم بالعمالة وتأييد الخارج، ويُمنح المشاركون 10 درجات إذا شاركوا في وقفات جماهيرية أسبوعية، و20 درجة إذا شاركوا في "دورة طوفان الأقصى"، ما يسهل اجتيازهم الامتحانات النهائية.
وتندرج هذه الأنشطة ضمن ما يعرف بالتعبئة العامة التي تفرضها الجماعة على جميع المؤسسات التعليمية في مناطق سيطرتها، وتشهد منح المشاركين أرقاماً عسكرية وجهادية، علماً أن هذه الدورات تدرج المشاركين ضمن قوات الاحتياط.
وتطالب الاستمارة الخاصة لدورات التعبئة التي توزعها وزارة الدفاع في حكومة الحوثيين، طلاب الجامعات بتحديد وقت جاهزيتهم للقتال والتزامهم به، وتلزمهم بالتوقيع.
يقول عمار (اسم مستعار) الذي يدرس في جامعة سبأ الخاصة لـ"العربي الجديد": "أرغمنا الحوثيون على حضور الدورة العسكرية الإلزامية التي تعد المشاركة فيها أحد شروط إجراء الامتحانات والحصول على الشهادة الجامعية بعد التخرج، وقدموا دروساً نظرية خاصة باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وبعض المهارات القتالية، كما أخذونا إلى ساحة لتعلمينا كيفية استخدام الأسلحة، ونفذنا مناورة عسكرية لما تدربنا عليه في الدورة". يتابع: "ترافقت التدريبات العسكرية مع دروس ومحاضرات لحسين الحوثي وعبد الملك الحوثي، وأخرى عن إيران وحزب الله والأطماع الصهيونية الأميركية في المنطقة، والجهاد والاستشهاد في سبيل الله".
وتقول أماني (اسم مستعار) التي تدرس في كلية التجارة بجامعة صنعاء لـ"العربي الجديد": "فرضوا علينا المشاركة في دورة طوفان الأقصى التي أشرفت عليها ما يسمى بالزينبيات، وشملت محاضرات نظرية في استخدام الأسلحة، ودورات في الإسعافات الأولية، وأيضاً منهجاً خاصاً بما يسمى بالثقافة القرآنية، كتبها قادة في الجماعة وآخرون في محور المقاومة، مثل الأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصر الله".
وفي 4 فبراير/ شباط الماضي، أفادت منظمة "صحافيات بلا قيود" بأن "جماعة الحوثي تواصل تحويل الجامعات والمعاهد التعليمية إلى مراكز للتعبئة العسكرية والأيديولوجية، واستخدمت 23 جامعة حكومية وخاصة وسبعة معاهد تعليمية في محافظات عدة بين أكتوبر/ تشرين الأول 2024 ويناير/ كانون الثاني الماضي، في شكل ممنهج، للتجنيد والتدريب العسكري".
وذكرت المنظمة أن "الحوثيين فرضوا التجنيد الإجباري على آلاف الطلاب، من خلال دورات سيل الأقصى التي تضمنت تدريبات على استخدام الأسلحة النارية والثقيلة، وجرى دمج العديد من الطلاب قسراً في ما تسميه المليشيا قوات التعبئة العامة".
تابعت: "يواجه أولئك الذين يرفضون الامتثال الطرد أو الاحتجاز أو أشكالاً أخرى من الاضطهاد، وهذا اعتداء مباشر على الحريات الأكاديمية والفكرية، وتهديد خطير للحريات الأكاديمية، وانتهاك لقوانين حقوق الإنسان الدولية".
ويقول الدكتور محمود مغلس، عضو هيئة التدريس في جامعة ذمار، لـ"العربي الجديد": "المعركة الحقيقية مع الحوثي هي معركة التعليم التي لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية التي قد ترتبط بوقت محدد وإمكانيات وقرار سياسي وإرادة، لكن معركة التعليم هي المستقبل والصراع الوجودي للحوثيين في اليمن".
يتابع: "يحاول الحوثيون إطالة أمد الحرب من أجل حسم معركة التعليم الذي لا يتعرض فقط لعسكرة الجامعات التي تعتبر فعلياً جزءاً من حلقة أكبر تهدف إلى تدمير عملية التعليم بالكامل من المرحلتين الأساسية والثانوية إلى الجامعية".
ويلفت إلى أن "المناهج الجامعية تعرضت منذ عام 2016 للعديد من الإضافات والتغييرات لإدراج مناهج الثقافة؛ مادتي الثقافة الوطنية والصراع العربي الإسرائيلي، التي تمهد لثقافة طائفية تحقق المشروع الفارسي داخل المجتمع اليمني. وقد تعمّد الحوثيون خلال السنوات الأولى قطع رواتب المعلمين وإهانتهم وضربهم لتدمير العملية التعليمية، وتحقيق هدف خلق جيل مشوّه فكرياً وثقافياً واجتماعياً، يحمل شهادات لكنه أمي المنهج، لأن الحوثيين لا يمكن أن يبقوا في ظل وجود العقل، وبالتالي يعتبر العلم عدوهم الأول، ما يحتم سلوكهم طريق التجهيل الممنهج".
ويؤكد مغلس أن "الدورات العسكرية جزء لا يتجزأ من تدمير التعليم، حيث فرض الحوثيون وقفات أسبوعية، واستخدموا هذه الورقة عبر منح كل طالب يشارك فيها 10 علامات، وأيضاً دورات تدريب مقابل الحصول على 20 علامة. وهذه مشكلة تتعلق ببناء البرامج الأكاديمية والتقييم، فتوزيع العلامات خلال الفصل الدراسي لا يخضع لأهواء شخصية، بل يبنى على معايير خاصة بالتعليم ذات معايير محددة وثابتة لقياس الفوارق المعرفية بين الطلاب".