كانت عدن يومًا ما منارة للعلم والمعرفة، مدينة لا يُذكر فيها الجهل إلا نادرًا، فقلما تجد فيها شخصًا أُميًا لا يقرأ ولا يكتب.
كانت المدارس تعجّ بالتلاميذ، والكتب تفتح آفاقًا جديدة في عقول الأطفال، أما اليوم، فالوضع تغيّر كليًا، وأصبح مستقبل المدينة معتمًا في نظر الكثيرين.
فالجيل القادم مهدد بأن يكون جيلًا لا يجيد القراءة والكتابة، رغم أن شهاداته قد تُثبت العكس.
ما يحدث اليوم في عدن هو نتيجة واضحة لتعطيل العملية التعليمية، ذلك التعطيل الذي طال أمده حتى أصبحت المدارس أبوابًا مغلقة، والمقاعد الدراسية فارغة، والكتب مهجورة.
نعم، نحن لا نلوم المعلمين، فهم يطالبون بأبسط حقوقهم، يعيشون في ظروف صعبة، ورواتب لا تسمن ولا تغني من جوع.
لكن اللوم كل اللوم على الحكومة، وعلى وزير التربية الذي لم نرَ له موقفًا جادًا أو حتى تصريحًا يبعث الأمل.
الإضراب الذي استمر لأشهر جعل من العام الدراسي مسخًا، والآن، المدارس التي لم تُفتح أبوابها طوال الأشهر الماضية تستعد لخوض الامتحانات الاسبوع القادم!
ولكن أي امتحانات؟ إنها أشبه بمسرحية عبثية، الكل يعرف أنها ستنتهي بعمليات غش واسعة، ونتائج لا تعكس الواقع.
سينجح الطلاب، ولكنهم سيخرجون إلى الحياة بلا أدوات، بلا معرفة، بلا مهارات، جيلٌ فاشل سيُضاف إلى قائمة الإخفاقات.