لا يكاد يمر شهر أو شهران إلا ونسمع أو نقرأ افتراءً جديدًا على الفريق محمود الصبيحي. فما الذي يريدونه منه؟ هل كان خروجه من السجن صدمة لهم لم تكن في الحسبان؟ هل ظنوا أنه سيترك لهم الصبيحة يفعلون بها ما يشاؤون دون حسيب أو رقيب؟ أم توقعوا أنه سيعتزل الناس وينزوي بعيدًا عن محيطه النضالي وأهله في أرجاء الوطن؟
إذا كان هذا هو تقديرهم، فقد خاب ظنهم. فقد رأوا بأعينهم رجلاً لا تهزه العواصف ولا تكسره المحن، رجلًا بقي وفيًا للعهد. وحين لم يجدوا وسيلة لمواجهته، لجأوا إلى الافتراء والتشويه، يختلقون الأكاذيب كل شهر، علّهم ينالون منه، لكنهم فشلوا مرارًا وتكرارًا.
من يقرأ تاريخ محمود الصبيحي منذ التحاقه بالسلك العسكري عام 1967 وحتى اليوم، سيدرك أنه واجه محطات عصيبة، من أحداث الجنوب إلى الوحدة، ثم حرب صيف 1994، فالنفي، ثم العودة إلى الميدان العسكري. ورغم كل هذه المحن، ظل صامدًا، فلم يتمكن منه إلا أصحاب النفوس الضعيفة، الذين لا يقوون على مواجهة الرجال الحقيقيين.
لم يكن الصبيحي نبيًا معصومًا من الخطأ، لكنه رجل صادق لا يجيد الكذب ولا الطعن من الخلف، ولا يسعى للتملق أو المراوغة. دائمًا تجده في صف المظلوم، يساعد المحتاج، لا يأكل حقوق الأرامل ولا يلهث وراء أموال الأيتام، ولا يمد يده إلى المال العام.
لذلك، لا تتعبوا أنفسكم بمحاولات إسقاطه، فمحمود الصبيحي تربى بين جبال خرز الشامخة، وإذا استطعتم إسقاط تلك الجبال، فحينها فقط يمكنكم إسقاطه. لكنه اليوم، بأخلاقه وثباته، هو من أسقطكم، قبل أن تسقطوه!