"بين بدر وعدن ... قصة انتصار الإرادة في مواجهة الظلم"
الامناء نت/خاص:

كتب : د/ علي صالح الربيزي 

في السابع والعشرين من رمضان 1436هـ، حين تعانقت الأرض مع السماء، وحين سجدت الأرواح لله في ليالي القدر، كانت عدن على موعد مع نصرٍ كتبه الله لأهلها، كما كتب النصر لعباده المؤمنين في بدر الكبرى. لم يكن يومًا عاديًا، بل كان ميلادًا جديدًا لمدينة أبت أن تنحني لعواصف الظلم، ورفضت أن تطأطئ رأسها أمام قوى الطغيان.

الجنوب في مواجهة الطغاة.. وعدٌ إلهي لا يخلف
لقد كانت عدن، هذه المدينة العريقة التي أبت أن تُكسر، تعيش جراحًا نازفة منذ عقود، تحت وطأة احتلال ممنهج وتدمير متعمد. لكن كما قال الله تعالى: "وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ" (آل عمران: 140)، فقد أذن الله لفجر الحرية أن يبزغ من جديد، وكتب لأبطال الجنوب أن يكونوا رجال هذه المرحلة، تمامًا كما كان الصحابة في بدر رجالًا اختارهم الله لنصرة دينه.

اجتمع الصيام والصمود، وتعانق الإيمان بالعزيمة، ووقف أبناء الجنوب في ملحمة تاريخية أذهلت العالم، فكانوا أشبه بالمجاهدين الذين خرجوا لنصرة الحق، يحملون في صدورهم يقينًا بأن الله ناصرهم، وبأن النصر صبر ساعة.

رمضان .. شهر الفتوحات والنصر المبين منذ الأزل، كان شهر رمضان شهر الفتوحات الكبرى، ففيه انتصر المسلمون في بدر، وفتحوا مكة، وحققوا أعظم الانتصارات التي غيرت مسار التاريخ. وفي عدن، كان رمضان شاهدًا على انتصار جديد، حين تحولت شوارعها إلى ساحات عز، وسطر أبطالها ملاحم لا تقل شأنًا عن تلك التي خاضها الصحابة الأوائل.

في أزقة كريتر، وفي شوارع خور مكسر، وبين جنبات المعلا والشيخ عثمان، وفي بوابة عدن الشمالية، حيث دار سعد التي انكسرت عند أسوارها أحلام الميليشيات الغازية، دوَّت صيحات التكبير، وتعالت نداءات النصر، فانهارت قلاع الظلم، واندحر المعتدون كما اندحر المشركون يوم بدر، عندما قال الله فيهم: "سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ" (القمر: 45).

عدن .. مدينة لا تموت، وأمة لا تُقهر واليوم، بعد مرور عشرة أعوام على هذا اليوم المجيد، تقف عدن كالنخلة الباسقة، تضرب بجذورها في عمق التاريخ، وتنظر إلى المستقبل بعينٍ لا تخشى التحديات. إنها ليست مجرد مدينة، بل هي روح تتجدد في كل قلب حر، هي رسالة للعالم بأن شعب الجنوب لم ولن يُكسر، وأن الحرية ليست مجرد شعار، بل عقيدة راسخة تُغرس في كل جيل.

إحياء ذكرى تحرير عدن ليس مجرد احتفال بانتصارٍ عسكري، بل هو تجديد للعهد، عهد الوفاء لدماء الشهداء، وعهد الثبات على المبادئ، وعهد الاستمرار في طريق العزة والكرامة حتى ينال الجنوب حقوقه كاملة، كما قال الله تعالى: "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ" (القصص: 5).
وفي هذا اليوم العظيم، نردد كما ردد أبطال التحرير يوم النصر: "لن نركع، لن نخضع، لن ننسى.. فالنصر وعد الله، والوعد لا يُخلف!"

متعلقات
تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء الإثنين بالعاصمة عدن
اهم الاهداف التي ركزت عليها الغارات الأمريكية في العاصمة صنعاء
عاجل : غارات أمريكية تستهدف مواقع حوثية في جزيرة كمران
انقطاع الكهرباء في صنعاء عقب هجوم أمريكي
قيادات عليا في زيارة عيدية لتقديم التهاني للمناضل السفير أحمد عبدالله المجيدي