لا خلاف بأن العملية السياسية في اليمن تمر بمازق من ناحيتين : الأفق المسدود، وتآكل الشرعية..
فقد وصلت محاولات الحفاظ على ما تبقى من العملية السياسية إلى مرحلة وضعت الجميع أمام حقيقية، أن محاولات الإصلاح هنا وهناك لم تعد تجد نفعا، فمساحة الفساد متغلغلة عمقا وإتساعاً في الدولة والمجتمع، وغير قابلة للكسر وفق الإجراءات التقليدية الحالية، التي تحرص على عدم التضحية بالعملية السياسية وممثليها، من المسؤولين المباشرين عن نسج منظومة الفساد.
ومن ناحية أخرى فإن بناء الشرعية، المجروحة أصلاً بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، على مخرجات الصندوق، أفرز إستبداداً وتعطيل لمؤسسات الدولة، حيث اصبح مجلس القيادة عاجز عن الاتفاق في تشكيل حكومة جديدة، فكل عضو له رأي وطرح يخالف باقي الاعضاء.
وبالتالي فنحن أمام أزمة مركبة و تعقيدات ذات خيارات محدودة، إذا ما بقيت الإجراءات تُراوح في دائرةِ السلطة وثمانية مجلس القيادة، التي بدأت مؤشرات إختناقها تبرز على السطح في تراكم الصراعات والتشظي عموديا و أفقيا، دون إعطاء مؤشرات على فتح الأبواب الإصلاحات الاقتصادية واستعادة الدولة من ميليشيات الحوثي .
ومع أن جميع إعضاء مجلس القيادة تدرك تماما حجم التمزق الذي أحدثته في البنية الوطنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، إلا أنها مازالت مصرة على أن عمليتها السياسية البائسة تمثل نموذجاً لإدارة الدولة، يمكن ان يستمر وأنها قادرة على تلافي الإنهيار الكبير، عبر سرديات الحديث المتكرر عن مكافحة الفساد وحفظ العملية السياسية، وتامين الحقوق والحريات التي أصبحت محبسي الدستور المعطل، والسلاح خارج سلطة الدولة، والإمعان في الترهيب والتجويع.
الأمر الذي يضع الجميع أمام خيارات صعبة لا مناص من مواجهة إستحقاقاتها المؤلمة، والتي نأمل أن تكون بأقصى الشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية، وبأقل الخسائر وأخف المعاناة، خصوصا بالنسبة للشعب اليمني الذي لم يعد يحتمل العبث بحياته ووطنه وهويته ومستقبله ومصيره، من قبل أفراد وجماعات دأبت على تصوير نفسها بأنها تمتلك حقا في تقرير مصير شعب بالكامل ضاقت علية الاوضاع التي يمر بها.