تقرير تحليلي خاص بـ"الأمناء" يناقش تداعيات بيان البنك المركزي الأخير..
الأمناء / تقرير : سالم لعور :

هل استسلم البنك المركزي لضغوط الحكومة والجهات النافذة؟

حرب اقتصادية أم سوء إدارة؟ الأسباب الحقيقية لانهيار العملة اليمنية

هل يحاول البنك المركزي التغطية على فشله باتهام الآخرين؟

تحذيرات بلا حلول.. هل يوقف بيان البنك المركزي انهيار العملة؟

هل أقر البنك المركزي بعجزه عن إدارة السياسة النقدية؟

المركزي يبرر فشله بالحرب الحوثية.. فهل هذا العذر كافٍ؟

هل تتحمل المؤسسات الحكومية مسؤولية الانهيار الاقتصادي أم أن البنك المركزي هو السبب؟

إعلان إفلاس أم تبرير للفشل؟

 

 

 

في بيان هزيل أصدره البنك المركزي عدن ، الأربعاء 12 فبراير 2025، عقب عقد مجلس إدارته اجتماعًا استثنائيًا لمناقشة التطورات الاقتصادية وتأثيرها على الأوضاع المعيشية والخدمية للمواطنين وصف مراقبون ومحللون اقتصاديون هذا البيان بأنه إعلان لإفلاسه وتبرير لفشله الذريع في القيام بمهامه المنوطة به ، وأنه جاء لذر الرماد على العيون بعد أن تسبب في قصم ظهر كل المساعي والجهود الحثيثة لمساعدته في عملية الإصلاح الاقتصادي ووقف التدهور الذي طال العملة المحلية الوطنية التي لم يشهد لها مثيل من التدهور في إرجاء العالم أجمع.

 

البيان الهزيل للبنك المركزي أرجأ أسباب التدهور الاقتصادي إلى استمرار الاعتداءات الحوثية على المنشآت النفطية ووقف صادرات النفط والغاز، التي تُعد من أبرز موارد الخزينة العامة ، وأكد أن الهجمات المتكررة على القطاعات الإيرادية، إلى جانب الممارسات التخريبية الأخرى، ومنها التلاعب باستقرار العملة الوطنية والترويج للشائعات والتقارير المضللة، قد تفاقمت بشكل كبير منذ تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية دولية، في ظل ضعف استجابة المؤسسات المعنية.

وأشار البنك إلى أنه حذر مرارًا من التداعيات الخطيرة للاعتداءات الحوثية على الاقتصاد الوطني، لا سيما منذ استهداف قطاع النفط في أكتوبر 2022، مؤكدًا أنه قدم عدة حلول لمعالجة الأزمة وتجنب الاختناقات المالية المتعلقة بالمرتبات والخدمات، إلا أن هذه المقترحات لم تلقَ الاستجابة الكافية من الجهات الحكومية، مما أدى إلى تعطيل الاستفادة من الموارد السيادية وعدم إدارة المتاح منها بطريقة تتناسب مع حجم التحديات الاقتصادية المتزايدة ، وشدد البنك المركزي على التزامه بمسؤوليته في حماية استقرار العملة الوطنية والحفاظ على القطاع المصرفي، داعيًا إلى تعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات المالية الدولية لمواجهة تداعيات التصعيد الحوثي وانعكاساته على الاقتصاد اليمني.

 

كما طالب مجلس إدارة البنك الحكومة بوقف أي ممارسات غير قانونية في تحصيل الموارد المالية، وإعادة توجيه جميع الإيرادات إلى الحساب العام للحكومة في البنك المركزي، لضمان إعادة تخطيط الإنفاق وفق الأولويات الوطنية الملحّة.

وفي هذا السياق، ناشد البنك مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اتخاذ إجراءات فورية لإعادة تشغيل المرافق الإيرادية السيادية، بما يضمن تحسين معيشة المواطنين وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، التي باتت تعاني من تدهور غير مسبوق. كما دعا إلى تفعيل الأجهزة والمؤسسات الرسمية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية التي تفاقمت نتيجة غياب التنسيق الفعّال.

 

وتباينت الآراء حول البيان الصادر عن البنك المركزي عقب اجتماع مجلس ادارة البنك لمناقشة التطورات الجارية والتي سماها البيان غير المواتية . . وتفاوتت الآراء بين من يصف هذا بأنه بيان شجاع ومتوازن ومهني وهو إعلام للناس عن المواضيع التي كانت محل البحث في هذا الاجتماع الاستثنائي وليس خطة أو برنامج للمعالجة لأن تلك المواضيع التي يطالب بها البعض ليس مكانها هذا البيان الصحفي؛ بل الهيئات والسلطات الدستورية المعنية.

فيما رأى مراقبون ومحللون اقتصاديون بأنه بيان هزيل وضعيف ، وجاء في هذا التوقيت لتبرير فشله الذريع في إدارة السياسة الاقتصادية في الاتجاه الصحيح ، ولاستشراء الفساد الإداري والمالي في كل مفاصل الدولة من قمة الهرم الرئاسي وحكومة الشرعية وزرائها ، وغض طرف قياداته عن القيام بمهامها ومسؤولياتها الإدارية والمالية القانونية ، وتمريرها صفقات غير قانونية لجهات نافذة في الدولة في تجاوزات صريحة لصلاحياتها.

ورأى آخرون أنه بيان شجاع ومتوازن ومهني وهو إعلام للناس عن المواضيع التي كانت محل البحث في هذا الاجتماع الاستثنائي وليس خطة أو برنامج للمعالجة .

 

عذر أقبح من ذنب :

 

البيان أشار إلى الأوضاع الصعبة والاستثنائية التي تمر بها البلاد وأرجع سببها الرئيس لحرب المليشيات الإجرامية الحوثية التي تسببت بتوقيف صادرات أهم موارد البلد بعد مهاجمتها مرافق النفط والغاز ، ثم بالحرب الاقتصادية التي تشنها أجهزتها الاستخبارية الإجرامية للإمعان في الإضرار والأذى للشعب اليمني في مختلف المحافظات ، وتناسى البنك أنه كان أكبر معاول الهدم الرئيسية في نخر الاقتصاد الوطني ، وتبديد كل الإمكانيات المتاحة والكفيلة للإصلاح الاقتصادي والمالي ، والسبب الرئيس لتدهور العملة المحلية ووصولها إلى أدنى مستوياتها لأكثر من ستة عقود من الزمان .

وتناسى البنك وهو يحاول مغالطة المجتمع المحلي والأقليمي والدولي بتحذيراته التبريرية الفارغة المحتوى " المضمون " أنه فشل بامتياز في القيام بمسؤولياته القانونية ، حين تنازل عن القرارات التي أصدرها لسحب البساط من الجماعة الحوثية بالنسبة للبنوك ، وأولها قطع الاتصال مع العالم من الجانب المالي، أو حتى إجراء حوالات قانونية ضمن النظام العالمي المالي العالمي ، وقراره بإلغاء تراخيص 6 بنوك كبيرة ورئيسية؛ هي: بنك التضامن، وبنك اليمن والكويت، وبنك اليمن والبحرين الشامل، وبنك الأمل للتمويل الأصغر، وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، وبنك اليمن الدولي وفي المقابل، سمح البنك المركزي للفروع الواقعة في المناطق المحررة بالاستمرار في ممارسة مهامها حتى إشعار آخر.

وكان الأحرى أن تقف إدارة البنك المركزي أمام مسؤولياتها وتقدم استقالاتها المسببة بصورة نهائية غير قابلة للتراجع أو الرضوخ لتوجيهات الحكومة الشرعية الفاشلة وتراجعها عن القرارات والتدابير التي اتخذها البنك المركزي في عدن لحماية العملة والاقتصاد الوطني؛ بضغط من المملكة العربية السعودية والأمم المتحدة ، فيما سمي بالتدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية ، حسب الاتفاق الذي تضمن إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة، واستئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً، أو بحسب الحاجة.

 

تحذير البنك بدعوته إلى وقف أي ممارسات غير قانونية تطال تحصيل الموارد وإعادة توجيه جميع الإيرادات إلى حساب الحكومة العام فى البنك المركزي دون تخصيص ليتم إعادة تخطيط الإنفاق وإستخدام المتاح من الموارد للتمويل الحتمي من الالتزامات وبحسب الاولويات يؤخذ على البيان أنه لم يحدد بصريح العبارة ما هي تلك الممارسات غير القانونية ، ولا ماهية الأجهزة المعنية التي لم تتفاعل مع تحذيرات البنك المركزي ومقترحاته في المعالجة وتخفيف الآثار الناتجة عن حرب الحوثي الاقتصادية بل زادت من تبديد الموارد ، والتي تأسف البيان إلى غياب أي مساندة أو مواجهة منها لتلك الحرب .

 

مبررات وقف تصدير النفط ليس حلاً سحريا :

 

جاء في البيان " لقد حذر البنك المركزي مراراً وتكراراً منذ تصاعد الاعتداءات الحوثية على القطاعات الإيرادية للدولة وفي مقدمتها قطاع النفط في اكتوبر 2022 من المآلات الخطيرة والعواقب المنذرة لهجمات المليشيات الاجرامية " .

وما يؤخذ على هذه الجزئية من البيان ـ وحسب آراء محللين اقتصاديين جنوبيين ـ أن إعادة تصدير النفط لم يعد حلًا سحريًا للأزمة، لأن تدهور سعر الريال استمر حتى عندما كانت عائدات النفط لا تزال تصل إلى خزينة الدولة.

وأن الفجوة الكبيرة بين حاجة السوق المحلية من العملة الأجنبية وما يتوفر فعليًا من موارد يجعل أي محاولات لاستعادة الاستقرار غير ممكنة في ظل الظروف الحالية واستمرار المضاربات وتهريب الأموال إلى الخارج وإلى مناطق الحوثيين.

 

استنزاف وتهريب العملة لمناطق الحوثيين:

 

وما يحسب على قيادات البنك المركزي أنها اتكالية ، ولم تقم بمسؤولياتها المناطة بها ، وأنها قيادات صورية لم تمتلك قرارها القانوني ، وبررت فشلها بهذا البيان الهزيل الذي وصفه مراقبون بأنه إعلان الاستسلام ورفع الراية البيضاء في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد ، وتركه البنوك الحكومية والأهلية وشركات الصرافة بأن تتلاعب باستنزاف العملة الصعبة وتهريبها لمناطق سيطرة الحوثيين كقنوات مساعدة في انهيار العملة في المحافظات الجنوبية المحررة واستقرارها في مناطق الحوثيين بتواطؤ منظم وممنهج من قبل القائمين عليها وغالبيتهم من قوى النفوذ الشمالية في حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح الإخواني اللذين ما زالا مسيطرين على القرار في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية اليمنية ، من خلال اتباع سياسات تركيعية لشعب الجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي رغم شراكته في حكومة المناصفة التي فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق الأهداف التي جاءت من أجلها ، وكذلك مجلس القيادة الرئاسي الذي فشل في تطبيع الخدمات في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب بقية المناطق المحررة الأخرى .

 

أسباب حقيقية لانهيار العملة :

 

وأكدت مصادر بنكية أن أبرز اسباب انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية كالدولار والريال السعودي يكمن في تواطؤ البنك المركزي اليمني فرع عدن وبتوجيهات رئاسية عليا من جانب أحادي في ترك الحبل على القارب لهذه البنوك التجارية حكومية وأهلية ، وشركات أصبحت أشبه ببقالات للصرافة في العاصمة عدن والمناطق المحررة لتقوم بهذا الدور من خلال توظيف رجال الأعمال والمستثمرين وباعة القات والخضروات والفواكه والمحلات التجارية والمطاعم والمقاهي وملاك الفنادق ، والاتصالات ، وباقات النت وتجار الجملة لمختلف السلع الغذائية والدوائية والكماليات الأخرى والبسطات والمفارش والعمال وسائقي سيارات الأجرة والدراجات النارية ، وغيرها من الأعمال وتجارة الممنوعات بجني المبالغ الباهظة التي تصل يومياً إلى مئات المليارات بالريال اليمني ، وصرفها من البنوك الحكومية وشركات الصرافة والسوق السوداء بالدولار والريال السعودي ، وتهريبها عبر خطوط النقل من العاصمة عدن ومحافظات جنوبية إلى صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين ، والمبالغ الباهظة بالدولار والريال السعودي تحول عبر هذه البنوك إلى مناطق سيطرة الحوثيين ، مما يحدث أزمة في العرض والطلب واستنزاف العملة الصعبة من المناطق المحررة ، وما يصاحبه من ارتفاع مباشر لأسعار الصرف بشكل يومي ، ورفد مناطق الحوثيين بالعملة الصعبة التي لا تعود عملة صعبة مرة أخرى من مناطق سيطرة الحوثيين إلى العاصمة عدن والمناطق المحررة .

 

إعلان استسلام :

 

من جانبه، وصف الصحفي الاقتصادي “ماجد الداعري” بيان البنك المركزي بأنه “إعلان استسلام” و “رفع للراية البيضاء” أمام الواقع المالي المتردي، بعدما أصبح عاجزًا عن التدخل في السوق أو فرض رقابة حقيقية على سوق الصرف.

وأرجع في تعليق لـ”يمن ديلي نيوز” استمرار انهيار العملة سببه الأساسي هو عدم تحصيل موارد الدولة إلى البنك المركزي، واستحواذ جهات متنفذة على الجزء الأكبر من الإيرادات، ما جعل الحكومة عاجزة عن ضبط السوق أو التحكم في سعر الصرف.

وقال الداعري إن إعادة تصدير النفط لم يعد حلًا سحريًا للأزمة، لأن تدهور سعر الريال استمر حتى عندما كانت عائدات النفط لا تزال تصل إلى خزينة الدولة.

متعلقات
دعوا المزايدة.. واتركوه يطبخ على نار هادئة!
ضمن الأنشطة الرياضية بمديرية جحاف بالضالع.. ذئاب العاصمة يتوجون بلقب بطولة جحاف لكرة الطائرة 
صرة النخعين.. منطقة ثرية بالموارد ومحرومة من الخدمات!
تقرير تحليلي خاص بـ"الأمناء" يناقش تداعيات بيان البنك المركزي الأخير..
ريم الهاشمي: الإمارات تعمل على ألا يصبح السودان أزمة منسية