أطلقت الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مدينة عدن العاصمة المؤقتة للسلطة اليمنية المعترف بها دوليا بسبب حالة الانهيار التي بلغتها الخدمات العامة في المدينة وموجة الغلاء الناجمة عن تهاوي قيمة عملة الريال المحلية، صفارة إنذار لكبار القادة والمسؤولين الذين سارعوا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع تطور غضب الشارع إلى انتفاضة شعبية عارمة.
وشهد عدد من أحياء ومناطق عدن على مدى الثماني والأربعين ساعة الماضية خروج محتجين إلى الشوارع وقيامهم بقطع الطرقات بالإطارات المشتعلة تعبيرا عن غضبهم من الانقطاع التام للكهرباء عن أحيائهم وكذلك انقطاع المياه وتوقّف مضخات الصرف الصحي ما جعل بعض المناطق تغرق في المياه المستعملة.
ونتجت أزمة الخدمات غير المسبوقة في المدينة عن عجز السلطات عن توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء بسبب الضائقة المالية التي تواجهها الحكومة وتوقّف إمدادات الوقود من محافظة حضرموت بسبب الإشكالات القائمة بين السلطات والقبائل المحلية حول الثروة النفطية وطريقة استخدامها والتصرف في عوائدها.
وباتت السلطة اليمنية موضع اتهام مزدوج بالعجز والتقصير من قبل سكان عدن، وأيضا من شريكها الرئيسي المجلس الانتقالي الجنوبي صاحب النفوذ الأبرز في المحافظة.
وفي خطوة هادفة إلى تطويق الأزمة والحدّ من تداعياتها عقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الخميس، اجتماعا حضره رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك ومحافظ البنك المركزي أحمد المعبقي وعدد من الوزراء من بينهم وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي والكهرباء والطاقة مانع بن يمين ووزير الدولة محافظ عدن أحمد لملس.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية سبأ في نسختها التابعة للشرعية إنّ الاجتماع الذي حضره أيضا مدير المؤسسة العامة للكهرباء بمحافظة عدن سالم الوليدي ناقش مستجدات الأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية في عدن ووقف “على معاناة المواطنين جراء خروج محطات الكهرباء عن الخدمة”.
وأضافت أنّ الرئيس العليمي استمع “من رئيس الوزراء والمسؤولين المعنيين بالشأن الاقتصادي والخدمي إلى شرح حول الوضع العام في محافظة عدن والجهود المنسقة مع السلطات المحلية للتعاطي مع التحديات الخدمية والاستجابة العاجلة لأولويات واحتياجات المواطنين.”
وشهدت مناطق الشرعية اليمنية على مدى الأشهر الماضية تراجعا حادّا في الأوضاع المالية والاقتصادية انعكس بشكل واضح على الأوضاع الاجتماعية للسكان وعلى مستوى الخدمات العامة المقدمة لهم.
وبدا أن السلطة لا تمتلك الكثير من الخيارات لتجاوز الأزمة عدا التعويل على المساعدات الخارجية وخصوصا الدعم المالي المقدّم لها من قبل المملكة العربية السعودية.
ومع تكرار أزمة الكهرباء كان يتمّ دائما اللجوء إلى حلول ظرفية من قبيل التعويل على محافظة مأرب الغنية والمستقرة لتوفير الوقود لمحطات كهرباء عدن. ولاح هذا الخيار مجدّدا مع إعلان الرئيس العليمي خلال الاجتماع المذكور عن قرار محافظ مأرب سلطان العرادة بزيادة كمية الوقود المرسلة لمحطات التوليد في عدن.