تحل علينا الذكرى السنوية الـ19 لتأسيس يوم التصالح والتسامح الجنوبي، الذي انطلق في 13 يناير 2006 كحدث تاريخي أعاد رسم ملامح المستقبل للجنوب. ففي هذا اليوم، أطلق رجال جمعية أبناء ردفان في العاصمة عدن فعالية التصالح والتسامح، ليعلنوا بداية عهد جديد من الوحدة الوطنية الجنوبية، وطي صفحة الماضي بكل صراعاته وآلامه.
كان لهذا اليوم طعم مختلف، فعندما اجتمع رجال الجنوب في قلب عدن، لم تكن المناسبة مجرد لقاء لتبادل الكلمات، بل كانت بداية مرحلة جديدة من النضال، مرحلة تجاوزت الأيديولوجيات والاختلافات الداخلية، وركزت على الهدف الأسمى: التحرير واستعادة كرامة الجنوبيين.
إن ذكرى 13 يناير تفتح أمامنا نافذة لاستذكار ملاحم الأبطال من ثوار الحراك الجنوبي الذين أصروا على أن يكون الجنوب هو الأولوية. هؤلاء الثوار الذين رفعوا شعار "نعم للتصالح والتسامح" وجعلوا من قلوبهم معاقل للمقاومة، قادوا التحركات الشعبية بكل شجاعة في ميادين الجنوب، متحدين القمع بكل أشكاله.
في كل زاوية من الجنوب، كان هناك شهيد، كان هناك مناضل، كان هناك من قدم روحه فداء للوطن. من شوارع عدن إلى جبال ردفان، ومن ساحات أبين إلى أرض حضرموت، كانت الثورة متواصلة، وكانت الحناجر تردد أصداء الحرية والانتصار. فقد فجر ثوار الحراك الجنوبي موجة جديدة من التحرر، موجة لم تتوقف حتى اللحظة، موجة تلهم الأجيال القادمة في سعيهم لنيل حقوقهم.
في هذه الذكرى العظيمة، نوجه تحية إجلال وإكبار لهؤلاء الرجال الشجعان الذين كان لهم الفضل في إطلاق فعالية التصالح والتسامح من العاصمة عدن، وإحياء روح الوحدة بين أبناء الجنوب. هؤلاء الأبطال الذين لم يهابوا آلة القمع، بل حولوا التضحيات إلى وقود لنضال أجيال قادمة، مستمرين في خطى ثابتة نحو التحرير.
لكن السؤال يظل: ماذا كانت ستحدث لو لم يكن هؤلاء الثوار قد حملوا شعلة الأمل، لو لم يكن التصالح والتسامح قد انبثقا من قلب عدن؟ هل كانت المسيرة الجنوبية ستستمر بنفس الزخم؟ هل كان الجنوب ليحقق هذا التقدم الذي حققه اليوم؟
اليوم، ونحن نستذكر كل تضحيات أبناء الجنوب، نؤكد أن تلك اللحظات التاريخية لم تذهب سدى. إن الجنوب اليوم، أقوى من أي وقت مضى، يستمد قوته من تضحيات أبطاله ويمضي قدمًا نحو تحقيق أهدافه.
ذكرى 13 يناير ليست مجرد مناسبة للاحتفال، بل هي درس للأجيال القادمة بأن الوحدة والتكاتف هما السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف الكبرى. إنها شهادة على أن روح التصالح والتسامح التي انبثقت من عدن، عاصمة الصمود، ستظل مصدر إلهام لكل جنوبي حر يعمل من أجل مستقبل أفضل.
تحية لكل جنوبي شارك، وضحى، وناضل في سبيل الحرية والكرامة، وتحية خاصة لجمعية أبناء ردفان، التي أطلقت شرارة هذا الحدث التاريخي العظيم الذي سطره أبناء الجنوب بدمائهم وتضحياتهم.