الجنوب تحت نيران الفساد: مأساة مستمرة وصمت مؤلم
بقلم وضاح الحريري

 

معاناة الناس في الجنوب: واقع لا يطاق

الجنوب اليوم يعاني من مشاهد مؤلمة لا تنتهي، من انقطاع الخدمات الأساسية التي تعتبر حقًا لكل مواطن، مثل الكهرباء والماء، إلى غلاء الأسعار الذي صار همًا يوميًا يؤرق الجميع. أصبح المواطن الجنوبي يعاني في صمت من غلاء فاحش يكاد يعجز عن مواجهته، في وقت كان يأمل فيه أن تتحسن الأوضاع بعد سنوات من الصراع.

لكن، ما يحدث اليوم ليس مجرد أزمات عابرة، بل هو تخطيط ممنهج و"لعبة" سياسية يحاول البعض من خلالها إبقاء الجنوب في حالة ضعف دائم. فكلما حاول الناس التمرد على الوضع السيئ، تأتي السياسات الحكومية لتغذي الأزمات وتضيق على المواطنين أكثر.

الفساد والمحسوبية: النهج الذي يعمق الأزمات

الفاسدون في بعض السلطات المحلية، الذين كان من المفترض أن يسهموا في بناء البلد، يتحكمون في خيرات الجنوب وكأنها ملك لهم. المشاريع التنموية إما متوقفة أو لا تتم بطريقة صحيحة، وكل شيء يتم على الورق فقط بينما يتم الاستيلاء على الأموال عبر المحسوبية والرشاوى.
الناس هنا ليسوا أغبياء، وهم يدركون ما يحدث. لكن الفساد أصبح جزءًا من المشهد اليومي حتى صار المواطن الجنوبي يتساءل: من هم المسؤولون الذين يمكن الوثوق بهم؟

التهميش والتمييز: سياسة متعمدة لإقصاء الجنوب

من الغريب أن نشاهد المكرمات التي تصرف للوحدات العسكرية في مأرب وحضرموت وتعز، بينما يتم إقصاء المنطقة العسكرية الرابعة. هل أصبح الجنوب لا يستحق ما يستحقه الآخرون؟ لماذا يتم التعامل مع هذه القوات، التي بذلت دماءً في سبيل تحرير البلاد، وكأنها غير موجودة؟ هذا تهميش صريح لا يمكن السكوت عنه.

المخابرات الحوثية: أدوات لتفكيك الوحدة الجنوبية

من المؤلم أن هناك من يعتقد أن ما يعانيه الجنوب هو مجرد نتيجة للأزمات المحلية. الحقيقة أن هناك مخططات خارجية تسعى لتدمير النسيج الاجتماعي للجنوب. المخابرات الحوثية تلعب دورًا خطيرًا في ذلك عبر زرع الفتن والنزاعات بين الناس في الجنوب.

بث سموم الحقد: الحوثيون لا يتركون فرصة إلا واستغلوا فيها الفوضى لزرع الخلافات بين أبناء الجنوب، مستفيدين من الفساد والظروف الصعبة التي يمر بها المواطن الجنوبي.

استغلال النفوذ: هؤلاء يستخدمون أدوات محلية تروج للأكاذيب والشائعات، وتحاول التفريق بين الناس. لا يمكننا السكوت عن هذه الأنشطة.

وظائف حقد: الحوثي لا يكتفي بمخططاته العسكرية، بل يسعى لتوظيف أشخاص محليين لزعزعة الاستقرار، ومن هنا يجب على الجهات الرسمية التدخل بشكل حاسم.


ماذا يجب أن يدركه المجلس الانتقالي؟

المجلس الانتقالي اليوم أمام مسؤولية تاريخية. عليه أن يدرك أن الحكومة لا تبالي بمعاناة الشعب الجنوبي، وأن الفساد منتشر في كل مكان. يجب أن يتخذ خطوات حقيقية:

1. ضغط حقيقي على الحكومة لإنهاء تدهور الخدمات، وتحقيق العدالة في توزيع المساعدات.


2. محاربة الفساد بشكل جاد عبر تشكيل لجان مراقبة مستقلة.


3. كشف الممارسات الحوثية والعمل على حماية المجتمع من التفرقة.


4. إعادة الاعتبار للمنطقة العسكرية الرابعة التي قدمت شهداء في سبيل الوطن.

الحلول المستدامة: كيف نخرج من هذه الدائرة؟

من الضروري التفكير في حلول مستدامة تتجاوز الآلام الحالية:

1. تحسين الخدمات: يجب على المجلس الانتقالي أن يقود حملة ضغط لفتح المشاريع الخدمية التي تعين المواطن الجنوبي.


2. محاربة الفساد بكل أبعاده؛ لا يمكن أن تستمر الأمور على هذا النحو.


3. استئصال الحوثيين من الداخل عبر زيادة الوعي المحلي وتفعيل الأجهزة الأمنية.


4. عدالة عسكرية: يجب أن تُعاد حقوق أبناء المنطقة العسكرية الرابعة بشكل كامل.

نصيحة للجهات المختصة

على الجميع أن يكون على يقظة وأن يتحملوا المسؤولية. من يعتقد أن ما يحدث هو مجرد مشهد عابر لا يدرك المخطط الذي يُراد للجنوب. يجب مراقبة كل من يعمل على إثارة الفتن، والتحقيق مع من يساهم في تعزيز هذه الأزمات.

ختامًا

الجنوب اليوم ليس مجرد ضحية لأزمات اقتصادية أو سياسية، بل هو جزء من مخططات أكبر تهدف إلى تفكيكه وإضعافه. على المجلس الانتقالي أن يتصدى لهذه المحاولات، وأن يقف بوجه كل من يحاول المساس بوحدته وأمنه. الجنوب لن يرضى بالهوان، ولن يتنازل عن حقوقه، ولن يسمح لأحد أن يعبث به.

متعلقات
سياسي موالي للحوثيين يهاجم جماعته ويكشف الحقيقة بشأن صرف نصف الراتب
أبناء وشباب ومشايخ قبائل خولان الطيال يصدرون بيان هام
فريق التواصل بالمجلس الانتقالي يناقش مع مدير الشؤون الاجتماعية تفعيل النقابات بحضرموت
الى أين نحن سائرون.....؟ 
ورشة عمل في عدن تدعو الدولة لدعم صناعة الحديد والصلب والعمل على إعادة فتح المصانع المغلقة