لا أكتب عن الأشخاص إلا نادراً، وحين أفعل، فإنني أكتب عن من يستحقون أن تُرفع لهم القبعات تقديرا واحتراما. والشيخ والمناضل عباس صنيج، رئيس الجالية الجنوبية في السعودية والخليج هو واحد من أولئك الرجال الذين لا يمكن تجاهل أدوارهم وبصماتهم في دعم القضية الجنوبية.
تعود معرفتي بالشيخ عباس صنيج إلى بدايات الحراك الجنوبي، لكنها تعمقت أكثر عندما التقيت به في المملكة العربية السعودية. خلال تلك اللقاءات، كان دائماً يتحدث عن الجنوب بقلبه وعقله، ويعمل بجد وإخلاص لدعم الحراك بمختلف أشكاله، من تنظيم الأنشطة والفعاليات إلى رعاية أسر الشهداء والجرحى. تساءلت ذات مرة عن الهدف الحقيقي من هذا الدعم الكبير، ومع مرور الوقت أدركت أن كل ما يفعله كان بدافع صادق لخدمة القضية الجنوبية ونصرة شعبه، بعيدا عن أي مصالح شخصية أو تطلعات مادية.
تواصلت مع الشيخ وسألته بصراحة لماذا لم نرك اليوم في هيئة أو منصب يمكنك من خلاله خدمة الجنوب بشكل مباشر؟ فكان رده واضح وصريح وقال أنا لا أريد منصب كل ما أريده هو استعادة وبناء دولتنا.
وهذه الكلمات البسيطة تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدروس لكل من يسعى خلف المناصب تحت شعار النضال.
الشيخ عباس صنيج ليس مجرد داعم للقضية الجنوبية، بل هو نموذج للمناضل الصادق الذي يعمل بصمت وإخلاص بعيدا عن الأضواء. لقد قدم للحراك والثورة الجنوبية ما لم يقدمه كثير ممن يتصدرون المشهد في قيادة وتمثيل الجنوب اليوم. أعماله الخيرة ومواقفه الثابتة ليست مجرد أفعال عابرة، بل تعكس رؤية وإيمانا حقيقيا بعدالة القضية الجنوبية.
وهنا أوجه رسالتي للجميع تعلموا من الشيخ عباس صنيج أن النضال الحقيقي لا يحتاج إلى مقابل. النضال هو موقف وإخلاص وعمل مستمر من أجل القضية، وليس وسيلة للحصول على منصب أو مكسب شخصي. إنني أتحدث هنا لكل من يدّعي النضال وربما لم يقدم شيئاً يذكر مقارنة بما قدمه الشيخ عباس وآخرون، ومع ذلك بات كل همهم اليوم هو الحصول على منصب، وكأن الجنوب قد تحرر بالكامل وأصبحوا يستعدون لتقسيم الغنائم.
الجنوب لا يحتاج لمن يتسابق على المناصب، بل يحتاج لمن يعمل من أجله بإخلاص وتجرد، كما يفعل الشيخ عباس صنيج. شكراً له ولكل من يعمل بصمت وإخلاص، وستظل بصماته شاهدة على نضاله وحبه لوطنه.
