كتب : الباحث الفلكي حسان المطري
يشهد سكان الوطن العربي مساء اليوم الثلاثاء، 17 ديسمبر 2024، ظاهرة فلكية مميزة، حيث يظهر القمر الأحدب المتناقص مقترناً بكوكب المريخ في السماء، ويفصل بينهما نحو 3 درجات. وسيكون القمر كذلك قريباً من نجم بولكس، أحد ألمع نجوم كوكبة التوأمان، وهي ظاهرة يمكن مشاهدتها بالعين المجردة.
وبسبب المسافة الظاهرية الواسعة بين القمر والمريخ، لن يكون بالإمكان رصدهما معاً في مجال رؤية التلسكوب، لكن يمكن مشاهدتهما بسهولة من خلال المناظير.
يُلاحظ الآن أن لمعان كوكب المريخ قد تغير بشكل كبير مقارنة بالأشهر الماضية، مع اقترابه المستمر من الأرض استعداداً لوصوله إلى حالة التقابل في منتصف يناير 2025. هذه التغيرات الدراماتيكية في سطوع المريخ ولونه الأحمر كانت السبب في تسميته من قِبل القدماء بإله الحرب، حيث اعتبروه أحياناً هادئاً وأحياناً أخرى عنيفاً. هذه التغيرات في سطوعه تجعل مراقبته ممتعة ومميزة في سماء الليل.
لفهم سبب التغير الكبير في سطوع المريخ، يجب معرفة أن المريخ ليس كوكباً ضخماً، حيث يبلغ قطره نحو 6,790 كيلومتراً. وعلى النقيض، يعد كوكب المشتري الأكبر في النظام الشمسي بقطر يصل إلى 140 ألف كيلومتر، ما يعني أن أكثر من 20 كوكباً بحجم المريخ يمكن أن تصطف جنباً إلى جنب أمام كوكب المشتري. ولهذا السبب، يظهر المشتري دائماً ساطعاً في السماء بفضل حجمه الهائل، بينما يتأثر سطوع المريخ بمسافة قربه أو بعده عن الأرض.
يدور المريخ حول الشمس خارج مدار الأرض، مما يؤدي إلى تغيّر المسافة بين الكوكبين. في بعض الأحيان، تكون الأرض والمريخ على نفس الجانب من النظام الشمسي، مما يجعلهما قريبين من بعضهما ويظهر المريخ ساطعاً. أما في أوقات أخرى، فيكون الكوكبان على جانبين متقابلين من الشمس، مما يجعل المريخ يبدو خافتاً.
ويرجع سطوع الكوكب الأحمر أحياناً إلى أن الأرض تستغرق عاماً واحداً لإكمال دورة حول الشمس، بينما يحتاج المريخ إلى عامين تقريباً لإكمال دورته. وعندما تمر الأرض بين المريخ والشمس، يحدث ما يُعرف بـ"التقابل"، وهو ما يحدث مرة كل عامين و50 يوماً تقريباً.
وبذلك، يتغير سطوع المريخ بانتظام كل عامين تقريباً. ولكن بالإضافة إلى هذه الدورة، هناك دورة أخرى مدتها 15 عاماً تحدث خلالها حالات من التقابل الساطع والخافت، ما يجعل رصد الكوكب تجربة ممتعة ومتجددة لمحبي مراقبة السماء.