تنظـر الـدول الراقــــية إلى التعليـم بأهـمية كبيرة وتعـتبره في مقدمة أولوياتها وبمثابة حجر الــــزاوية الذي تنشأ عليها المجتمعات تطوراً بمختلف المجالات، ولقد كان المجتمع الجنوبي قبل عام 1990مجتمعاً راقـياً يزهــو فيه التعليم مجـداً من مراحل التعليم الأساسي إلى الثانوي والجامعي بمخرجات تعليمية أكاديمية مؤهلة بمؤهلات عليا من داخل الوطن ومن خارج الوطن وفي مختلف المجالات، فكانت آنذاك الدولة الجنوبية في مقدمة دول العالم تعليمياً، وللأسف جاءت الوحدة في عام 1990بمثابة معّول الهدم لكافة منجزات دولة الجنوب وفي مقدمة ذلك هـدم التعليم تعمـداً بالرغم من ذر الرماد على العيون ببناء العديد من المدارس، إلّا أن وجدت في الباطن سياسة تجهيل التعليم وبعدة طرق لخلــق مجتمع قـبلي بديلاً عن الدولة المدنية التي كانت تزهـو تقدماً قبل عام1990 المشؤم على الشعب الجنوبي وإلى اليوم.
راتب زهـيد:
نجـد اليوم مخرجات تعليمية ركيكة جداً مع عدم الاهتمام بالتعليم لا قولاً ولا فعلاً في بعض مديريات لحج، بل هناك استهداف متعمد للمعلم والعملية التعليمية واستحداث معوقات كبيرة امامهما لعدم تحقيق النجاح، وعدم وجود دراسات جادة لخروج أزمة التعليم المفتعل من عنق الزجاجة، وانما الإبقاء على سير العملية التعليمية نحو التدهور المستمر من خلال إحباط المعلم ومحاصرته في دائرة ضيقة ومغلقة بعدم صرف كافة مستحقاته المالية القانونية، وتحّول راتب المعلم الى مبلغ زهـيد جداً ولا يصرف بانتظام شهرياً ولا يكفي لشراء متطلبات الأسرة ولو لفترة أسبوع، ومن هنا بـرزت ظاهرة شرود بعض المعلمين من العملية التعليمية والاتجاه٠ نحو العسكرة بالأمن والجيش، كما توجد أسر قامت على إخراج أبنائها من المدارس بهدف الالتحاق بالجيش والأمن، نظراً لتدهور التعليم وعدم وجود الوظائف الحكومية والتي توقفت قبل عام الحرب 2015 وإلى اليوم بمستقبل مجهول العنوان لحياة أفضل.
ثانوية صبر والحرمـان:
وعـن عدم الاهتمام بالتعليم تحدث للأمناء المواطن صديق علي سليم، أحد أعضاء مجلس الآباء بثانوية صبر مستنكراً عدم قيام سلطة المحافظة ولو بلفتة كريمة نحو هذه المدرسة الحكومية التي لم تحصل على دعم ولو بكرسي بالرغم من الكثافة الطلابية بالمدرسة على اعتبارها ثانوية محورية يتعلم فيها الطلاب من مختلف مناطق مديرية تبن التي تعاني من الهجرة الداخلية من بقية مديريات لحج ومن خارج لحج، مما شكل عبئا كبيرا على إدارة الثانوية لتوافد أعداد كبيرة من الطلاب للدراسة فيها، وأضاف أن المدرسة تفتقر لوجود منظومة الطاقة الشمسية ومستلزمات أخرى، وطالب بإضافة فصول دراسية في المدرسة.
حجة واهـية:
وأضـاف بن سليم من المؤسف جداً أن تتحول أنظـار سلطة المحافظة نحو مدينة استثمارية تابعة للقطاع الخاص تقع في الجنوب الشرقي من مديرية تبن، وتقوم السلطة على بناء ثانوية فيها بمبلغ تجاوز 150مليون ريال بحجة واهية هي ان سلطة عدن كانت ستبني المدرسة، بينما في الواقع نجد المدينة استثمارية ويقع على مالكها إنشاء الثانوية كجزء من التزماته لعملية الاستثمار التي تشترط على المستثمر تخصيص مساحات للخدمات وبناء فيها الخدمات لتلبية احتياج المواطنين بالمدينة، وتساءل الصديق في ختام حديثه مع الأمناء : أيهما الأولى بدعم السلطة من إيراد المحافظة هل بناء مدرسة لمستثمر أو بناء مدرسة حكومية؟
كثافـة طـلابية:
وتشهــــد مديرية تبن ازدحام كبير ملفت للنظر في اعداد طلاب الثانوية العامة في ظل وجود بالمديرية ذات المساحة الكبيرة المترامية الأطراف عدد 82 مدرسة حكومية وتعاني بعض المدارس من الكثافة الطلابية مع نقص كبير في الفصول الدراسية، مما يتطلب ضرورة تدخل السلطة المحلية او المنظمات لغرض إحداث التوسع في تلك المدارس ببناء عدة فصول دراسية لتخفيف الضغوطات التي تعاني منها المدارس ومن اجل وصول الرسالة التعليمية بشكل ميسر عند الطلاب، حيث يوجد في بعض المدارس بكل فصل دراسي ا٦كثر من 100 طالب وهو الامر الذي يشكل عائق كبير امام المعلم في إيصال أهداف الدرس عند الطالب، كما نجد ان هذه الكثافة الطلابية داخل الفصل الدراسي لا تتوفر فيها بيئة تعليمية ناجحة، ويزيد من الأمر سوءًا انقطاع الكهرباء في فصل الصيف فيتحول الفصل الدراسي إلى أشبه بالفرن لصناعة الخـبز من كثر شدة ارتفاع الحرارة داخل الفصل الدراسي، فتشاهد العــرق يتساقط من أجساد الطلاب والمعلم لدرجة ان الطلاب لا يستطيعون الكتابة من شدة تساقط العـرق.
مدارس محـرومة:
ويقول المواطن أمين الردفاني، في الحقيقة لا تـزال عدد من مدارس مديرية تبن محـرومة من تدخل المنظمات ومن امتـداد يـد الدولة إليها بأي دعم حكومي، فمثلاً مدرسة معاذ بن جبل للتعليم الأساسي والثانوي الواقع بقرية الحُبّيل من مديرية تبن، تعتبر من المدارس المحورية إذ يتوافد إليها الطلاب من أكثر من 8 قرى وهي مدرسة قديمة وعريقة ، ومع ذلك نلاحظ ان المنظمات في عـزوف عن التدخل بالمدرسة بدعمها ولو بنظام الطاقة الشمسية لمجابهة شدة حرارة فصل الصيف، بالإضافة إلى تلبية بقية احتياج المدرسة بالعديد من المساعدات التي تساعد على عملية سير نجاح العملية التعليمية فيها.
النظـافة والحراس:
وأشـاد المواطن محمد صالح ابو علي، بجهـود قيادة التربية والتعليم بمديرية تبن كونها تبـذل جهـوداً كبيرة بوتيرة عالية في جميع المدارس التي تجاوزت 80 مدرسة حكومية، إلّا أن إمكانيات الإدارة شحيحة فلا تتوفر لديهم الإمكانيات الكافية لتلبية احتياج جميع هذه المدارس، مما يتطلب على الجهات المانحة والمنظمات المحلية والدولية إسناد قيادة التربية بالمديرية في توفير متطلبات المدارس لنجاح العملية التعليمية، وليس هذا فقط حيث نجد معظم مدارس مديرية تبن تعاني من أزمة المنظفين والحراس لعدم توفر مصادر مالية للبعض منهم للقيام بمهام عملهم على أكمل وجه، وهذه المشكلة تتطلب أيضاً ضرورة تدخل المنظمات بدفع مبالغ مالية لحراس المدارس وعمال النظافة ، أو تخصيص مبالغ لهؤلاء من قبل السلطة المحلية بمحافظة لحج ولـو من مبالغ صندوق النظافة على اعتبار العمل الناجح هو ثمرة جهود العمل التكاملي وليس انفراداً على قاعدة جمل يعصر وجمل يأكل العصار.
يد مغلـولة :
ومن زاوية أخرى يقـرأ معلمو لحـج بتأثر كبير وقهـر أشـد مما هو حاصل بالعاصمة عدن من قيام سلطة المحافظة بالاهتمام بالتعليم وبرعاية المعلمين وإسنادهم بمبالغ مالية إضافية فوق مرتباتهم تساعدهم على نجاح العملية التعليمية وفي قضاء بعض متطلبات حياتهم اليومية، وبمقابل ذلك يسودهم الحـزن والقهـر من سلطة لحج التي تقابلهـم بيد مغلـولة بعكس يد سلطة عدن المبسوطة، واكتفاء سلطة لحج بزيارتهم مع بـدء العام الدراسي أو عند تدشين الامتحان وفي مدارس معينة.
الجعفـري ودعم المعلمين :
كما قام مدير عام مديرية طورالباحة بلحج مع مطلع شهر أكتوبر الماضي باعتماد إضافة مالية بمبلغ 2 مليون ريال تضاف إلى مخصص إدارة التربية بالمديرية شهرياً لمواجهة التحديات أمام سير العملية التعليمية وبهدف نجاح العمل، بينما نجد ان مديرية تبن التي تتباهى سلطة المحافظة بتحقيقها سنوياً أعلى نمـو في الإيـراد ومن المؤسف على الواقع لم نجد أي أثر ملموس بدعم العملية التعليمية مثل سلطة مديرية طـورالباحة.
التفاؤل بالأمـل:
في خاتمة التقرير المختصر الذي لا يعني محتـواه بخساً بدور قيادتي سلطة مديرية تبن وإدارة التربية والتعليم بالمديرية، وإنما لغـرض تحقيق الأمنية عند أولياء أمور الطـلاب أن تحظى مدارس ومعلمو ومعلمات مديرية تبن بلحج باهتمام كبير ورعاية أفضل من قبل سلطة المحافظة، وأيضاً من قبل المنظمات المحلية والدولية بتدخـلات عاجلة في مدارس المديرية على ان تكون ذات أثر ملموس على الواقع يخدم التنمية المستدامة وليس بتدخـلات تـوزيع البسكويت أو المواد القرطـاسية من خلال عقد الـدورات والـورش التي لا أثـر لها غير عند من هو مستهدف فيها لفترة قـصيرة وينتهي الأثـر سـريعاً.