لا تميل التركيبة الاجتماعية في محافظة لحج الى التشبه بأي محافظة جنوبية أخرى ..فخصوصيتها مستمدة من تركيبة بشرية ثرية تستوعب جلّ أبناء محافظات اليمن شمالا وجنوبا ،،ومن موقع جغرافي رابط بين ضفتي الصراع المحتدم ..
فنستطيع القول إنها ..ليست لحج واحدة بل لحجات ..وليس من باب التناقض أو الاختلاف ،بل للزخم التاريخي والاجتماعي المعاصرين اللذين تكتنزهما في تفاصيلها الواضحة .
تتركز السلطة السياسية في الحوطة وتبن ، وتتوزع عسكريتها في جبالها الصلبة على امتداد الشريط الحدودي مع المحافظات الشمالية ..
كما أنها ترتكز على قاعدة ثابتة من روح القبيلة المتأصلة فينا جميعا ، سواء من ذابوا في مدنيتها غير المتكلفة ، أو ممن يمثلوها كما هي إلى الآن ..بتمركزهم في مناطق الإنطلاقة المتجددة للمخزون البشري القبلي ..في جبالها كذلك ، فجبال لحج كانت ومازالت وستضل حامية حمى الثورة والوطن ..
إن لحج المدنية ببساطتها ومركزيتها في الحوطة وتبن ، لم تزل تراوح مكانها في بداية طريق التنمية ، وذلك لما لحق بالمناطق المحررة من عشوائية توزيع الموارد ، واكتفاء كل محافظة بمواردها ..في إعلان لأقاليم ذاتية مفترض ، ضمن إقليم كبير لا يملك حق تقرير المصير في شيء..
هذه لحج ..التي قدمت وتقدم للمشروع التحرري الإنعتاقي من المليشيات الطائفية والآتية من ما وراء جبال مران كل غالٍ ونفيس ..لم تخف لحج بل زجت بفلذات أكبادها على طول جبهات الصراع المشتعلة وعرضها ، ضد المناوئين للمشاريع الوطنية الجمهورية هنا أو هناك ..ولولا تلك الفدائية لم تكن لتقم للإستقرار الأمني أي قائمة ،، ولم تكن لتنعم عدن بهدوئها ..فلحج تتلقف كرات النار الحدودية بصدور أبناءها كي لا يصل وميضها إلى قصر المعاشيق في عدن ..
لحج .. برقعتها الزراعية الممتدة المقوّضة قسرا منذ ما بعد الأجتياح الشامل ، لا تزال مؤهلة لإطعام الجنوب بل واليمن ،، بجودة تربتها، و منتوجها الزراعي والحيواني ، وبحقولها المائية الكبرى التي تسقي العاصمة كثروة لا تقدر بثمن
فأرض لحج الخصبة مقبلة على مواسم زراعة وجني المحاصيل النافذة في السوق ، لذا يجب أن تكون الخطة التسويقية هذه المرة غير سابقاتها ، يجب الإنطلاق يمنة ويسرة لتسويق الفائض بما يليق بجودة محصولها ، فلا يعقل أن تبور تجارتها مثل كل موسم نتيجة غياب مركزية العشوائية على الأقل ! وتعود للإستجداء من مواسم غيرها.. ممن يمتلكون حرفية التسويق ( الزراعي السياسي ) ..فما ظهرت أزمة الخضار الأخيرة إلا حين توقفت لحج عن الإنتاج ..
لحج التي كانت ومازالت رافد ثوري كبير للوطن بأبرز الثوار والفدائيين على مر طول فترات الاحتدام مع المستعمر ، ولطالما كانت رافد داعم للساحات الثورية ومددا لم يتوقف بأي دوافع مناطقية لصالحها هي فقط ..فمن المروؤة إعطاءها حقها ومكانتها واحترام تضحيات أهلها ، وأوضاعهم الحالية الصعبة ، لا سيما القطاع التعليمي المهدد بالتوقف كمنظومة أولى وأخيرة لحفظ التوازن السلمي ، عندما تم تجاهل معلمي لحج وحرمانهم من أي حوافز مُقرة أسوة بباقي المحافظات..
إن ما يجمعنا كأبناء هذه المحافظة أكبر بكثير مما قد يفرقنا ، نعيش جميعا على رقعة واحدة ونتشارك معا نتائج التحديات المفروضة علينا قسرا ..إننا بحاجة ملحّة لهدم أسوار انعدام الثقة المتبادل ، وبحاجة قبل ذلك إلى إزالة التخوف والحذر الموجهين في التعامل مابيننا كمكونات شعبية وسياسية وقبلية ..
إن الاعتقاد بحتمية وقوف لحج وحيدة في زاوية الفقر وا نعدام التنمية دون غيرها من المحافظات المحررة هو اعتقاد وهمي خاطئ تم ويتم تسويقه لمحو لحج من الخارطة السياسية ، للإكتفاء بها كشريط حدودي فدائي لصالح الشرعية في عدن ..وهذا أمر غير مقبول البتة ، فعشر سنوات على طريق الإلغاء كافية للوقوف بحزم إلى جانب مصالحنا الضرورية في العيش الكريم .
لحج ليست مؤهلة للإقتتال ..لأنها نبراس السلم الأهلي والاجتماعي على مدار عقود مابعد الثورة والى الآن ..بل إنها مستعدة للشروع بإدارة عجلة التنمية بيد واحدة يتشارك فيها الجميع ، سواء من سلطتها العسكرية القبلية أو مكوناتها السياسية ،أو مدنيتها العريضة ..
نحن بحاجة إلى مؤتمر جامع ومفتوح ، للمصارحة ووضع النقاط على الحروف ،تكون أهدافه احتواء الجميع في إطار سياسي واحد ومحكم للإنطلاق صوب عدن لانتزاع حقوقنا المُهدرة بفعل المناطقة المقيتة والمفروضة بين المحافظات وعدن ..ونحن بحاجة لتحمل مسؤولياتنا جميعا كنخب تجاه محافظتنا ، ويجب أن لا نستمر في لعب دور الحارس الأمين للشرعية فقط ..بل يجب نيل استحقاقاتنا من تجليات ما بعد ( 2015) السياسية ، فلحج غنية جدا بابنائها كأثمن مورد تمتلكه ، وكرافد متجدد عسكريا وسياسيا ومدنيا .