نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرًا أعده بينويت فوكون ووارن ستروبل، قالا فيه إن جماعة “الحوثي” في اليمن تحوّلت من مجموعة من المقاتلين الحفاة إلى تهديد دولي، ووسعت علاقاتها مع الميليشيات العراقية، والحركات الجهادية في أفريقيا وروسيا، والسبب هو حرب غزة.
المبعوث الأمريكي الخاص لليمن: إحدى التداعيات المؤسفة للنزاع في غزة هي أن الحوثيين ضاعفوا من اتصالاتهم مع لاعبين خبثاء في المنطقة وأبعد
ففي الوقت الذي تلقى فيه “محور المقاومة” ضربات من إسرائيل، خلال الشهر الماضي، بما فيها مقتل زعيمي “حماس” و”حزب الله” والهجمات الصاروخية ضد إيران، السبت الماضي، والتي استهدفت، كما تقول الصحيفة، منشآت تصنيع الصواريخ الباليستية، إلا أن هذا لم يمنع جماعة “الحوثيين” في اليمن من استهداف السفن، هذا الأسبوع، في البحر الأحمر بالصواريخ والمسيرات القتالية.
وهو آخر مثال على الطريقة التي عززت فيها الحرب الإقليمية المتوسعة من تأثير ومدى حركة كانت هامشية ولاعبًا مدعومًا من إيران في المنطقة.
وتقول الصحيفة إن الحوثيين تجنبوا، حتى الآن، الغارات الجوية الإسرائيلية التي قتلت الزعيم الجذاب لـ “حزب الله”، حسن نصر الله، الذي حول جماعته في لبنان إلى أقوى جماعة مسلحة في دولة في العالم. وبعد أسابيع قُتل زعيم “حماس”، يحيى السنوار، في مواجهة مع الجنود الإسرائيليين في رفح، جنوب غزة.
وبالمقارنة مع الحركتين، استفاد الحوثيون من خلال الدخول في الحرب بغزة، حسب محلّلين ومسؤولين غربيين. فمنذ بداية الحرب في العام الماضي، شنّت جماعة الحوثيين، المصنفة كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة، هجمات بالصواريخ والمسيرات على أكثر من 80 سفينة تجارية، ما أدى إلى إعاقة حركة التجارة العالمية، وزاد من الكلفة على شركات الملاحة والتأمين.
ويتوسع الحوثيون في الخارج، ويمنحون قدراتهم القتالية لنزاعات خارجية، ويقيمون علاقات دولية مع عدد من اللاعبين في الشرق الأوسط وأفريقيا وحتى روسيا، حسب مسؤولين غربيين.
ونقلت الصحيفة عن المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، تيموتي ليندركينغ، قوله: “إحدى التداعيات المؤسفة للنزاع في غزة هي أن الحوثيين ضاعفوا من اتصالاتهم مع لاعبين خبثاء في المنطقة وأبعد”.
وقال ليندركينغ، في مقابلة مع الصحيفة، إن هذا التوجّه “مقلق للغاية”، وإن الولايات المتحدة تتحدث مع شركائها في المنطقة بشأن كيفية الرد. ورفض المتحدث باسم الحوثيين التعليق.
سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء في عام 2014، ما دفع السعودية والإمارات لشنّ هجمات جوية لدفعهم إلى الخروج من صنعاء وتأمين عودة الحكومة الشرعية بقيادة عبد ربه منصور هادي. وردت إيران بدعم الحوثيين بالسلاح والتدريب، ما قرّب المجموعة إلى طهران. لكنهم واجهوا، بعد ما يقرب من عقد في السلطة، سخطًا بسبب الأزمة المالية المتصاعدة وعدم دفع الرواتب للموظفين.
وعندما اندلعت الحرب في غزة، دخل الحوثيون من خلال إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل، واستهداف السفن التجارية أثناء مرورها بالبحر الأحمر بالصواريخ والمسيرات.
وبحسب محمد الباشا، المحلل بأمن الشرق الأوسط، المقيم في الولايات المتحدة، فإن دخولهم في الحرب “منحهم شرعية محلية وإقليمية جديدة، وقدموا أنفسهم كمدافعين عن غزة، وفي النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني الأوسع”.
ويبدو أن هذه الإستراتيجية نجحت، وأدت لبناء المزيد من الدعم محليًا ودوليًا. فقد ارتفعت وتيرة الانضمام والتجنيد في الحوثيين داخل اليمن، وفي أيار/مايو، قال زعيم ميليشيا “كتائب حزب الله” العراقية إن مجموعته ستعمل مع الحوثيين على ضرب إسرائيل.
وقال مايكل نايتس، المؤسس المشارك لمنصة “ميليشيا سبوت لايت”، التي تدرس الميليشيات المدعومة من إيران في الشرق الأوسط: “لقد تحوّلَ الحوثيون من مقاتلين يرتدون الصنادل إلى نجوم موسيقى الروك، وصاروا الأشخاص الذين تريد أن ترتبط بهم الآن”.
وفي تقرير أخير صدر عن الأمم المتحدة، وأعدّته مجموعة الخبراء، وُجدت أدلة قوية بشأن تعاون الحوثيين مع الجماعات الأجنبية المسلحة. ومن بين الأدلة التي وردت في التقرير تعاون الحوثيين مع الميليشيات في العراق ولبنان، من أجل تنسيق عمليات الكتلة التي تدعمها إيران. ووصف التقرير الحوثيين بأنهم “يتحولون من مجموعة محلية مسلحة وبقدرات محدودة إلى منظمة عسكرية قوية”.
وقادت هجمات الحوثيين على السفن التجارية إلى ردود فعل انتقامية من الولايات المتحدة وحلفائها، بما فيها هجمات من سلاح الجو الأمريكي وقوات البحرية، في 16 تشرين الأول/أكتوبر، بما فيها مقاتلات بي-2 سبيريت، حيث استهدفت مخازن أسلحة. ورغم ما تركته الغارات الأمريكية، إلا أنها لم تُحدث الضرر الكافي لمنع هجمات الحوثيين. وشنت إسرائيل بعض الغارات، إلا أنها تركت الولايات المتحدة والدول الغربية للتعامل مع الجماعة اليمنية.
لكن تركيز إسرائيل على إيران، أفاد الحوثيين بطريقة غير مقصودة، كما يناقش بعض المحللين. ويقول الباشا إن الحوثيين، بعد مقتل زعيم “حزب الله”، نصر الله، “سارعوا لملء الفراغ السياسي والعسكري داخل محور المقاومة”.
والمثير للدهشة أن الحوثيين أصبحوا أكثر قربًا لبعض فروع “القاعدة”، مثل “حركة الشباب” في الصومال، والتي يقول ليندركينغ إن العلاقة بينهما “أصبحت قوية جدًا”، مضيفًا أن الحركتين بحثتا طرقًا لزيادة “مخاطر وتهديد حرية الملاحة في البحر الأحمر”.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فقد وافق الحوثيون على تقديم مسيرات وصواريخ حرارية ومتفجرات لتنظيم “القاعدة” في شبه الجزيرة العربية، وناقشوا عمليات ضد الحكومة المعترف بها دوليًا في عدن واستهداف الملاحة الدولية.
وعلّق ليندركينغ أن دولًا مثل السعودية وعمان وجيبوتي عبّرت عن قلقها من التحولات، فيما تناقش الولايات المتحدة مع حلفائها زيادة التشارك في المعلومات الاستخباراتية واعتراض نقل الأسلحة. كما يسعى الحوثيون للبحث عن طرق للحصول على إمدادات من الأسلحة وتمويل من الخارج، بما في ذلك موسكو.
مايكل نايتس: تحوّلَ الحوثيون من مقاتلين يرتدون الصنادل إلى نجوم موسيقى الروك، وصاروا الأشخاص الذين تريد أن ترتبط بهم الآن
ويحاول تاجر السلاح الروسي، فيكتور بوت، الذي تم تبادله قبل عامين بلاعبة كرة السلة بريتاني غراينر، بيع الحوثيين بنادق قتالية.
وفي خطوة تؤكد تورّط موسكو المتزايد في اليمن، قامت سفينة حربية روسية، في أبريل/نيسان، بإجلاء قائد “الحرس الثوري” الإسلامي، المسؤول عن برنامج الصواريخ والمسيّرات الإيرانية في اليمن من ميناء الحديدة، حسب قول مسؤول أمني غربي.
وتعرِض الولايات المتحدة مكافأة قدرها 15 مليون دولار مقابل معلومات عن عبد الرضا شهلائي، لتوجيهه مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، وهجوم منفصل كان من شأنه أن يقتل 200 مدني على الأراضي الأمريكية.
وقال مسؤولون أمريكيون إن روسيا قدمت بيانات الاستهداف للمتمردين أثناء مهاجمتهم للسفن الغربية في البحر الأحمر، وتدرس تسليم صواريخ مضادة للسفن للحوثيين.
وتستخدم الولايات المتحدة الدبلوماسية لمحاولة منع هذا النقل الأخير. ويبدو أن الخطوة المحتملة من جانب موسكو تأتي ردًا على الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وخاصة احتمال أن تسمح واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ طويلة المدى التي تزوّدها بها الدول الغربية ضد روسيا.
وقال ليندركينغ إن موسكو “تستخدم اليمن كوسيلة للانتقام من الولايات المتحدة”.