بقلم : د.علي صالح الربيزي
في منظومة القيم الإسلامية، يعتبر الحفاظ على مكانة واحترام الشخصيات الأساسية في المجتمع، كالأب والمعلم والكبير، ضرورة لضمان تماسكه واستمراريته. فحينما تتلاشى هيبة الأب في البيت، ويضعف دور المعلم في المدرسة، وتقل مكانة الكبير في العائلة، يصبح المجتمع كياناً هشاً، يفقد بوصلته، ويضيع بين تحديات العصر وضغوطه.
* هيبة الأب في البيت المسؤولية والمودة
في الإسلام، الأب هو ركن البيت، وهو المسؤول عن توجيه أبنائه بحكمة وتربية على الفضائل. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا۟ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰنًا" (الإسراء: 23)، ويأمرنا بأن نوقر الوالدين ونحسن إليهما. وعندما تُهدر هذه الهيبة، يفقد الأبناء ارتباطهم بالقيم الأسرية، ويتشتت التوجيه الأبوي. ومن ثم، نجدهم عُرضة للانحراف وراء ثقافات قد تؤدي بهم إلى طريق الضياع.
* دور المعلم مربي الأجيال ومرشد الطريق
إن المعلم ليس مجرد ناقل للعلم، بل هو مربي ومرشد يزرع القيم والأخلاق. وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعثت معلماً"، ليُبرز مكانة العلم والتعليم في الإسلام. فالمعلم في المدرسة يمثل أساس توجيه الطلبة، ويعتبر قدوة لهم في سلوكهم. وعندما يُهدر هذا الدور، فإن مكانة التعليم تضعف في نفوسهم، ويتراجع الالتزام بالعلم والانضباط، مما يضعف بدوره المجتمع.
* هيبة الكبير في العائلة رابطة الدم والاحترام المتبادل
الكبير في العائلة هو رمز الحكمة والتجربة، ويعتبره الإسلام مصدراً للتوجيه والإرشاد. في الحديث الشريف يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا". احترام الكبير يغرس في قلوب الأبناء أهمية الالتزام بروابط العائلة، والشورى في الشؤون الأسرية. فإذا ضعف هذا الاحترام، تراجعت العلاقات العائلية، وابتعد أفراد الأسرة عن روح التعاون والمودة.
* إحياء القيم واحترام الأدوار خطوة نحو الإصلاح
إن بناء مجتمع سليم يتطلب العودة إلى تلك القيم، من خلال التربية الأسرية والتعليمية السليمة. علينا أن نعيد للأب هيبته، ونرفع من شأن المعلم، ونقدر الكبير في العائلة. وبذلك نستطيع تأسيس مجتمع قوي، يعتز بمبادئه وقيمه، وينشئ أجيالاً صالحة تعزز التكافل والتماسك المجتمعي.
ختاماً، إن سقوط هيبة القيم الأساسية هو سقوط للمجتمع بأسره، ولن يستعيد توازنه إلا بعودة هذه الأدوار إلى مكانتها، لتظل راية الأخلاق والعزة الإسلامية مرفوعة، موجهة المجتمع نحو البناء والازدهار.