دعت مجلة أمريكية بارزة الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، لدعم استقلال جنوب اليمن. مشيرة إلى "إنّ إحياء الحدود اليمنية القديمة بين الشمال والجنوب مع حكومة حوثية في الشمال وحكومة المجلس الانتقالي الجنوبي في الجنوب يصب في مصلحة واشنطن."
وقالت مجلة "ذا ناشنال انتريست"، في تحليل نشرته أمس الأربعاء إنه، "بالنظر إلى أن الحوثيين قد بسطوا قبضة قوية على شمال اليمن وسيطروا على ما يقرب من 200 ألف جندي، فمن الصعب تخيل أن يتمكن الموالون المتناثرون والسعوديين المرهقون على إلحاق الهزيمة بهم بشكل حاسم في ساحة المعركة.."
في غضون ذلك، قالت المجلة - في تحليل للباحث المختص بالشؤون السياسية والعلاقات الدولية دَيلان موتين -، إنّ "فراغ السلطة الذي فتحه انهيار الحكومة اليمنية سمح بظهور قوة ثالثة: المجلس الانتقالي الجنوبي."
ووفقا للمجلة، يأمل هذا الكيان في إعادة تأسيس جنوب اليمن المستقل والحفاظ على سيطرة فعالة على عدن والمناطق الأكثر إنتاجية في المنطقة. هنا أيضًا، يبدو أنّ العودة إلى الوضع الراهن قبل الحرب غير واقعي، ومن المرجح أن يظل المجلس الانتقالي الجنوبي القوة المهيمنة في الجنوب في المستقبل المنظور.
وقالت المجلة إنّ "للولايات المتحدة، التي تدعم رسميًا التحالف الذي تقوده السعودية بدعم عسكري واستخباراتي، مصالح قليلة في اليمن بخلاف وقف إراقة الدماء وتحقيق الاستقرار في البلاد." لذلك ترى أنه "بالنظر إلى مصالح واشنطن وطبيعة الصراع المستعصية، فإن التغيير في التكتيك مطلوب؛ لحل الحرب في اليمن، من الضروري تقسيم البلاد بين الشمال والجنوب."
فهم الانقسام اليمني
وفي خلفية تاريخية، تذكّر المجلة، التي يصدرها مركز نيكسون، إلى أنّ "شمال اليمن حصل على استقلاله من الإمبراطورية العثمانية مباشرة بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، بينما ظل اليمن الجنوبي محمية بريطانية حتى عام 1967. وسرعان ما حصل الجنوب على الدعم السوفيتي، بينما اقترب الشمال من المملكة العربية السعودية والغرب."
وتضيف: "خاضت عدن وصنعاء حربين لتوحيد البلاد إلى أن أدى اتفاق في عام 1990 إلى اندماج سلمي. ومع ذلك، أصبحت النزعة الانفصالية الجنوبية مشكلة دائمة، وعادت التوترات إلى الظهور بعد الربيع العربي."
ويلفت تحليل المجلة - ترجم مركز سوث24 أجزاء منه للعربية - إلى أن ما يثير الاهتمام هو أنّ "خط الترسيم الحالي بين الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي يتوافق تقريبًا مع الحدود الدولية السابقة بين شمال وجنوب اليمن."
"ونظرًا لأن نظام الحوثيين يسيطر على معظم شمال اليمن السابق ويهيمن المجلس الانتقالي الجنوبي على الساحل الجنوبي، فإن تجذير الموالين الخاسرين لا معنى له." وفقا للمجلة الأمريكية.
وترى بأنّ الحكومة فقدت السيطرة على المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان والأكثر ثراءً في البلاد."وأنها لا تزال قائمة بفضل الدعم السعودي فقط وليس لها طريق للنصر." على حد وصفها.
فضلا عن ذلك تشير المجلة إلى اشتهار "السلطات المعترف بها دوليًا بالفساد ولا تُظهر سوى القليل من الاهتمام برفاهية الجمهور اليمني. الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي ليسوا أفضل حالًا، لكنهم هم الذين لديهم سيطرة فعالة على قلب اليمن - مستقبل البلاد الآن في أيديهم."
لذلك ترى أنّ "إن إحياء الحدود اليمنية الشمالية الجنوبية القديمة مع حكومة الحوثيين في الشمال وحكومة المجلس الانتقالي الجنوبي في الجنوب هو أفضل رهان لواشنطن لإنهاء الحرب إلى الأبد."
وتقدّم المجلة مبررات للموقف الأمريكي المأمول في هذا السياق: "قد يختلف البعض مع حديث واشنطن ضد احترام وحدة الأراضي. لكن الولايات المتحدة خالفت هذا المعيار في الماضي. ودعمت استقلال الجبل الأسود عن صربيا في عام 2006 واستقلال كوسوفو في عام 2008. علاوة على ذلك، اعترفت بجنوب السودان كدولة ذات سيادة في عام 2011 بعد انفصالها عن السودان. في نهاية المطاف، الحدود المعترف بها دوليًا ليست سوى ذلك الخط على الخريطة."
وتعيد التذكير بانّ: "الحدود ليست ثابتة للأبد، بل هي مجرد تعبير عن توازن معين للقوى في وقت معين. استوعبت الولايات المتحدة الدول الانفصالية في الماضي ويجب أن تفعل ذلك مرة أخرى في جنوب اليمن."
لذلك، ترى المجلة أنّ خطوة أمريكية في هذا الطريق الدبلوماسي، قد تجد الدعم من حلفائها الإقليميين. مشيرة إلى أنّ "الإمارات العربية المتحدة دعمت صعود المجلس الانتقالي الجنوبي وستقبل بسهولة تقسيم اليمن." كما أن "لدى المملكة العربية السعودية أيضًا مصلحة أمنية غالبًا ما يتم تجاهلها" في ذلك.
بالمقابل، قد تقاوم الرياض خطة التقسيم هذه، كما تصفها المجلة، خشيةً من وجود معقل للحوثيين موالٍ لإيران على حدودهم الجنوبية. ومع ذلك، فإن السعوديين حريصون على الخروج من الحرب اليمنية وقد توصلوا إلى الاعتراف بشكل متزايد بأن الحوثيين موجودون هنا للبقاء. بالإضافة إلى ذلك، خفف تحسن العلاقات السعودية الإيرانية من بعض مخاوف الرياض بشأن النفوذ الإيراني."
وبحسب المجلة الأمريكية فإنّ "اليمن هي واحدة من الأزمات المستمرة النادرة حيث يمكن لأمريكا أن تتوصل إلى إجماع دولي نسبي." وتزعم الصحيفة أنّ "الصين وروسيا والقوى الكبرى الأخرى ليس لها مصلحة تذكر في نتيجة الحرب الأهلية اليمنية ومن غير المرجّح أن تعارض خطة السلام الأمريكية."
وترى "ذا ناشنال انتريست"، في نهاية المطاف، أنّ تقسيم اليمن، الذي يعترف بالحقائق على الأرض، "هو آخر مسار" قابل للتطبيق نحو تسوية دائمة. وهو فرصة على الرئيس الأمريكي بايدن اغتنامها.