تمرّ العلاقة بين مكونات معسكر الشرعية اليمنية بفترة تهدئة مغايرة لمرحلة التوتّر التي مرت خلال الأشهر الأخيرة بسبب تعقّد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليا، ما دفع المجلس الانتقالي الجنوبي المكون الرئيسي لذلك المعسكر إلى توجيه انتقادات حادّة للحكومة ملوحا بخيار فض الشراكة مع الشرعية.
وجاءت مرافقة رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي العضو في مجلس القيادة الرئاسي، لرشاد العليمي رئيس المجلس إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والمشاركة في أعمال قمة المستقبل التي رعتها المنظمة، بمثابة رسالة جديدة بشأن تماسك الشرعية وتنسيق العمل بين أطرافها حول القضايا الكلية، رغم الخلافات بشأن العديد من القضايا والملفات الجزئية.
وتأتي على رأس القضايا الكلية مواجهة الحوثيين وجنوحهم نحو التصعيد ومواصلتهم التهرّب من استحقاقات السلام، وما يترتّب على ذلك من تبعات أمنية واقتصادية واجتماعية تطال مجمل سكان اليمن.
وتواترت خلال الأيام الأخيرة الإشارات إلى توافق مختلف أطراف معسكر الشرعية على جعل المواجهة مع الحوثيين على رأس سلّم الأولويات
ولفت انتباه المتابعين للشأن اليمني الاجتماع الذي جمع مؤخرا بين عيدروس الزبيدي رئيس الانتقالي الجنوبي وطارق صالح العضو في مجلس القيادة الرئاسي وقائد المقاومة الوطنية، وعلى إثره رجّحت أوساط محلية إمكانية تشكيل غرفة عمليات موحّدة بين الطرفين، بما يقطع الطريق أمام التمدد الحوثي ويمنع حصول المزيد من التشرذم في صفوف القوى الوطنية شمالا وجنوبا.
وعلّق منصور صالح القيادي في المجلس الانتقالي على اللقاء بالقول إنّه “جاء في إطار تنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة، وبناء موقف مشترك تجاهها”.
كما كشف أنّ “أهم المواقف التي تمت مناقشتها تتعلق بمواجهة جماعة الحوثي لاسيما في ظل استمرار اعتداءاتها على مختلف الجبهات، وثاني تلك المواقف ما يتعلق بالتعاطي مع جهود السلام الدولية وهرولة المجتمع الدولي لعقد صفقة سلام تعترف بالميليشيا الحوثية على حساب مصالح الجميع”.
وفي تأكيد للمزاج الوفاقي السائد بين شركاء الشرعية اليمنية قال صالح “نحن في المجلس الانتقالي الجنوبي ندرك أهمية بناء تحالفات مع قوى يمنية مناوئة للحوثي، شريطة اعتراف هذه القوى بحق شعبنا واحترام إرادته في تقرير مستقبله السياسي، وكذا وضوح رؤيتها للحل تجاه مختلف القضايا التي تهمنا جميعا”.
وتابع قوله “المجلس حرص منذ قيامه على التعامل بمرونة كبيرة مع جميع الأطراف داخليا وخارجيا، وهذه ثقافة جديدة على العمل السياسي الجنوبي الذي كان سابقا يتسم بالحدة، ومن ذلك العمل وفق مبدأ أنه في السياسة لا توجد عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، وإنما توجد مصالح دائمة، ولأجل مصلحة شعبنا، وفي سبيل تحقيق هدف استعادة دولتنا سنذهب إلى حيث نستطيع، وسنمارس كل أشكال العمل السياسي المشروع، ونمد أيدينا للجميع مع تعزيز وجودنا على الأرض وجاهزيتنا للدفاع عن حدود وطننا”.
وجاءت حالة الوفاق القائمة حاليا بين أطراف الشرعية اليمنية بعد حالة التوتّر التي سادت، على وجه الخصوص بين الانتقالي والمجلس الرئاسي، بسبب تصاعد الأحداث في حضرموت وتحوّل المطالبات بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية إلى نوع من العصيان القَبَلي المسلّح بعد أن قامت القبائل بالسيطرة على منشآت نفطية وبادرت إلى قطع طرق نقل النفط وتوزيع مشتقاته.
ولم تتردّد جهات في المجلس الانتقالي في تحميل العليمي شخصيا مسؤولية توتر الوضع في حضرموت التي يعتبرها الانتقالي مركزا رئيسيا لنفوذه وجزءا من الدولة المستقبلية التي يسعى لإقامتها، كون الأحداث تفجّرت لدى قيام رئيس مجلس القيادة بزيارة المحافظة وتصاعدت بسبب تردّده في إيجاد الحلول اللازمة لمشاكل السكان هناك، وفق رؤية تلك الجهات.
وكاد التوتّر في علاقة الطرفين يبلغ مداه عندما راجت أخبار عن قرار العضو البارز في المجلس الانتقالي الجنوبي فرج البحسني مقاطعة اجتماع للمجلس الرئاسي الذي يشارك البحسني أيضا في عضويته.
لكن القيادي في الانتقالي ظهر غداة انتشار ذلك الخبر مشاركا في الاجتماع الذي ترأسه العليمي وشارك فيه باقي أعضاء المجلس.
ولاحقا شنّ البحسني هجوما لاذعا على جماعة الحوثي اتّهمها فيه بعرقلة السلام ورفض الاستجابة لمبادراته.
وفي مقابل ذلك تحدّث الرجل، الذي يعتبر أيضا من الشخصيات المرموقة في حضرموت التي سبق له أن شغل منصب محافظ لها في مرحلة اتسمت بالاستقرار والهدوء والازدهار، بإيجابية عن السلطة الشرعية، مثنيا على “الجهود التي يبذلها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في ظل الظروف الصعبة، والمساعي المبذولة لتجاوز التحديات القائمة والتخفيف من معاناة الشعب اليمني”.
وشدد “على ضرورة أن يكون هناك موقف حازم من قبل المجتمعين الإقليمي والدولي تجاه الميليشيات الحوثية التي طالت تأثيراتها الممرات المائية الحيوية في البحر الأحمر وخليج عدن، وأثرت على حركة الملاحة الدولية”.