عبّر المجلس الانتقالي الجنوبي عن تشاؤمه بشأن مسار السلام الذي تعمل الأمم المتحدة بالتعاون مع قوى إقليمية ودولية على إطلاقه في اليمن لإيجاد مخرج سياسي من الصراع الدائر فيه منذ قرابة العشر سنوات.
ووصف رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، الذي يشغل أيضا عضوية مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الحديث عن السلام مع الحوثيين بأنّه لم يعد مجديا.
ويعتبر المجلس أبرز المتضرّرين من الوضع القائم في اليمن وحالة اللاّحرب واللاسلم التي يعيشها.
وألحق الاستهداف الحالي من قبل الحوثيين لخطوط التجارة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب، واستهدافهم السابق لمنافذ تصدير النفط اليمني، أضرارا فادحة باقتصاديات المناطق الواقعة ضمن نطاق نفوذ المجلس، وأوجد فيها أوضاعا اجتماعية سيئة جلبت انتقادات للمجلس ذاته.
وزاد من تعكير الأوضاع ارتباك الحكومة المعترف بها دوليا في إدارة المناطق الخاضعة لسلطتها وسوء تصرّفها في الموارد المالية، بما في ذلك المساعدات التي تحصل عليها من دول إقليمية.
وسياسيا أصبح قيام السلطة الشرعية، التي يقودها الرئيس رشاد العليمي، بالربط بين قضية الجنوب التي يتبنّاها المجلس ويسعى إلى حلّها على أساس إقامة دولة الجنوب المستقلّة، وبين حلحلة الصراع اليمني ككلّ مصدر قلق لقيادات الانتقالي التي تلمس في ذلك الربط عدم جدية ومحاولة لكسب الوقت.
أما الضرر الآخر فيتمثّل في أن انتظار تحقيق السلام مع الحوثيين يعني إطالة أمد شراكة المجلس الانتقالي الجنوبي مع الشرعية اليمنية بكل ما في تلك الشراكة من أعباء، ومن انتقاص من شعبية المجلس وجماهيريته بعد أن بات مجبرا على مشاركتها فشلها الكبير في إدارة المناطق الواقعة ضمن سلطتها والنهوض بمتطلبات العيش اليومي لسكّانها.
وقال رئيس المجلس خلال اتّصال مرئي أجراه الثلاثاء مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي لدى اليمن إنّ الحديث عن السلام في ظل استمرار التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وباب المندب لم يعد مجديا، ويتناقض مع الحقائق الماثلة على الأرض.
وأشار إلى أنّ الحوثيين يواصلون الإعداد والتعبئة لبدء مرحلة جديدة من التصعيد في البر والبحر، لافتا إلى أن عمليات التحشيد موجهة باتجاه شبوة والضالع ويافع وأبين بالتوازي مع استمرار الهجمات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب.
وجاء ذلك على الرغم من مواصلة الانتقالي الجنوبي التزامه البروتوكولي بجهود السلام باعتباره جزءا من معسكر الشرعية وله التزامات إزاء الأطراف المهتمة بالمسار السلمي وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية.
وتطرّق الزبيدي خلال حديثه لسفراء الاتحاد الأوروبي إلى الأوضاع الإنسانية في البلاد في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه وتداعياته على المواطنين في عدن والمحافظات الواقعة خارج سيطرة الحوثيين.
وأكد ضرورة تدخل المجتمعين الإقليمي والدولي بشكل عام ودول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، لتعزيز الدعم الإنساني المقدم للبلد بما يمكّنه من تجاوز الظروف الراهنة والنهوض بالأوضاع المعيشية التي فاقت قدرة المواطنين على الصبر والتحمّل.
وتحوّلت الأوضاع الاجتماعية وتردّي الخدمات في مناطق الشرعية إلى مصدر توتّر بينها وبين الانتقالي الجنوبي، الذي وصل بغضبه من فشل حكومة أحمد عوض بن مبارك في معالجة تلك الأوضاع إلى حدّ التهديد بفض الشراكة معها.
وقال رئيس المجلس خلال إشرافه مؤخرا على اجتماع ضم قيادات من الانتقالي ووزرائه في الحكومة إنّ المجلس لن ينتظر إلى ما لا نهاية وإنه قد يراجع جميع قراراته إذا لم تسع الحكومة إلى حل مشكلة الخدمات في العاصمة عدن.
واتهم القيادي في المجلس منصور صالح من جهته مجلس القيادة بعدم الجدية في تنفيذ مخرجات اتفاق الرياض وبالتسبب في الكثير من الخلافات.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد سعى من خلال الانخراط في الاتفاق المذكور إلى تحقيق استقرار اجتماعي في مناطق سيطرته بأن تتولى الحكومة المدعومة من السعودية توفير الرواتب لقيادات وأعضاء المجلس وللموظفين الحكوميين وكذلك تأمين الخدمات الاجتماعية الضرورية، لكن ذلك لم يتحقق، وهو ما يفسر تعالي أصوات الجنوبيين الداعين إلى الانسحاب من الاتفاق.
وفتحت الشراكة مع الحكومة والتغاضي عن غياب التمويلات التي وعدت بها الطريق أمام انتقاد المجلس الانتقالي على تفضيله مصالح قياداته على مصالح الجنوبيين، وقد اعتبر المنتقدون أن الحكومة قامت بتوظيف قيادات عسكرية وسياسية جنوبية وقدمت إليها رواتب مجزية، ما جعلها تسكت وترضى بالأمر الواقع.
وتنفي قيادات الانتقالي ذلك بشدّة. وهاجم فضل الجعدي أمين عام المجلس ما سماه “إعلام الخصوم”، قائلا إنّه يمارس الصيد في المياه العكرة ويحرض على المجلس الانتقالي ويتهمه بالتسبب في ما آلت إليه الأمور.
وأضاف قوله في تعليق عبر منصّة إكس “البعض يستغل الوضع العام والحالة الاقتصادية المتردية. ونقول لهم اِلْعبوا غيرها فشعبنا صار يعلم جيدا من أين تؤكل الكتف”.